صدمة وتساؤلات عن أسباب المذبحة في البلد الهادئ نيوزيلندا
١٦ مارس ٢٠١٩وسط صدمة وحزن تشيع نيوزيلندا اليوم السبت (16 مارس/آذار) قتلى الاعتداءين الإرهابيين. يأتي ذلك بعد يوم من مقتل 49 مصلياً وإصابة 42 على يد مسلح واحد على الأقل في هجوم على مسجدين وصفته رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن بأنه "عمل إرهابي".
ومنذ وقوع هذا الهجوم صباح الجمعة يتساءل الجميع لماذا وقع هذا الاعتداء الإرهابي المروع في بلد كان يعتقد أنه من ضمن أكثر دول العالم أمنا وسلاما؟
وهذا البلد الواقع في جنوب المحيط الهادئ، الذي يشيد به المهاجرون المسلمون بوصفه "جنة على الأرض"، يأتي ثانياًً بعد أيسلندا في مؤشر السلام العالمي.
لكن في غضون 36 دقيقة فقط بعد ظهر الجمعة، قتل 49 مسلماً في مسجدين في كرايست تشيرش، وهو رقم أكبر من ضحايا كافة حوادث القتل المسجلة العام الفائت، فيما جرح العشرات.
وفي بلد يتجول فيه الشرطيون عادة دون سلاح، يجد الآباء صعوبة في شرح تفاصيل ما حدث لأطفالهم، فيما يحاولون هم أنفسهم فهم الحادث.
وقال الأب كريس الذي اصطحب أطفاله الثلاثة البالغين 4 و 9 و12 عاماً إلى موقع مسجد لينوود حيث قتل 7 أشخاص إنّ مسلحا واحدا "أوضح أن ليس هناك مكاناً بعيداً جداً" عن مثل هذه الاعتداءات. وأوضح أن الاعتداء أظهر أنّ عزلة نيوزيلندا الجغرافية لم تعد تشكل عاملاً مهماص في عالم متصل على هذا الشكل.
وقال كريس إنّ الاعتداء "اظهر أنه يمكنك الاندماج في مجتمع جميل ولطيف، وفي الجزء المتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي، يمكنه أن ينخرط في مجتمع آخر يعزز أفكاره وغضبه". وتابع أنّه "خط رفيع بين إخبار الأطفال أن هذا هو حقيقة ما حدث وعدم تعريضهم للطبيعة الحقيقية للإنسانية التي يمكن أن تؤدي إلى هذا النوع من الأمور".
وعلى مقربة من كريس وأطفاله، حاولت شرطية مدجّجة بالسلاح أن تشرح لطفلتين أنّها تحمل البندقية لحمايتهن، إلا أنّ إحداهما باغتتها قائلة إنّ المسلح استخدم بندقية أيضاً لقتل الضحايا.
ونيوزيلندا ليست المكان المثالي بالطبع، فهناك تقارير عن حوادث عنصرية ومشاعر معادية للمهاجرين تحدث بين الفينة والأخرى، لكنها لا تلفت انتباه وسائل الإعلام لأنها لا تمثل التيار السائد في البلاد.
وقال مهاجر فلسطيني لوكالة فرانس برس "أعيش في نيوزيلندا لأن أول زيارة قمت بها إلى هنا عام 2011، وجدت مكاناً بمثابة الجنة على الأرض، وقررت أن أحضر أسرتي للعيش هنا في سلام، بعيدا عن كل المتاعب".
والسبت، توافد أشخاص من كافة القطاعات في نيوزيلندا إلى الحواجز التي أقامتها الشرطة في محيط المسجدين للتعبير عن احترامهم وإظهار تضامنهم مع الطائفة المسلمة البالغ عددها نحو 50 ألف شخص وتشكل نحو 1 بالمئة من سكان الجزيرة.
وقال لوكي سميث إنّ "هذا (الاعتداء) ليس شيئا يمكن أن نتوقعه على أراضينا". وتابع أنّ "الصدمة هي أكبر وسيلة للتعبير عنه. لا يمكن أن تفكر أن (الاعتداء) يمكن أن يحدث على أرضنا".
وفي أحد شوارع كرايست تشيرش الكئيبة، قال جيريمي ميتشيل إنه لايمكن تصور حدوث هكذا مذبحة في نيوزيلندا، وأضاف "أعتقد أنّ كل شخص في المجتمع يدعم الطائفة المسلمة بنسبة 100 بالمئة والعائلات المسلمة التي فقدت أحبائها". وتابع "نوّد ان نقول إننا لسنا طرفا في تلك (المذبحة) وإننا لا نؤمن بما يؤمن به" منفذها.
وكانت رئيسة الحكومة النيوزلندية جاسيندا أرديرن قد سارعت قبل الهجوم مباشرة إلى التأكيد بأن نيوزيلندا بلد "التنوع والرأفة والحب، ووطن لمن يشاركونا قيمنا.... هذه القيمة التي أؤكد لكم أنها لن تتزعزع، ولا يمكن لها أن تتزعزع.
وقالت موجهة كلماتها لمنفذي الهجوم: "ربما أنتم اخترتم (نيوزيلندا)، ولكننا نرفضكم وندينكم بشكل تام". وأوضحت: "لن أسمح لهذا أن يؤثر على صورة نيوزيلندا، ولا يجب لأحد منا أن يسمح بذلك... إن هذه الأعمال لا تمثلنا كأمة".
ع.ج.م/خ.س (أ ف ب، رويترز)