صدمة في تونس بعد خطاب السبسي حول الإرث والدولة المدنية
١٥ أغسطس ٢٠١٨"ما عندناش علاقة بحكاية الدين وحكاية القرآن أو الآيات القرآنية. إحنا عندنا علاقة بالدستور واللي أحكامه آمرة، كما قلنا..." وتابع خطابه قائلا: "ونحن في دولة مدنية والقول بأن مرجعية الدولة التونسية هي مرجعية دينية خطأ وخطأ فاحش. أنا اقترح إنه المساواة في الإرث تصبح قانونا"، كان هذا الجزء من خطاب الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي كافيا ليجر عليه وابلا من ردود الأفعال في الواقع وفي العالم الافتراضي.
الخطاب الذي ألقاه السبسي بالقصر الرئاسي في قرطاج، والذي صادف الاحتفال باليوم الوطني للمرأة التونسية (13 أغسطس/ أيار 2018)، دفع شخصيات عامة وأفرادا كثيرين من المجتمع التونسي والعربي عامة للإدلاء بآرائهم فيما يخص دعم مشروع قانون غير مسبوق في العالم العربي يضمن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة. ليس هذا فحسب، بل يدعو إلى إلغاء عقوبة الإعدام وعدم تجريم المثلية الجنسية وإلغاء المهر كشرط للزواج، بالإضافة إلى إلغاء العدة بالنسبة للمرأة المطلقة أو الأرمل كشرط للزواج.
وبالرغم من أن تونس واحدة من أكثر الدول العربية انفتاحا في مجال تحرر المرأة منذ صدور مجلة الأحوال الشخصية عام 1956، إلا أن موضوع المساواة في الميراث ما يزال أمرا بالغ الحساسية في المجتمع التونسي ولم يسبق لمسؤولين تونسيين أن أقدمو على طرح الموضوع بهذه الكيفية.
وبينما عَجت العاصمة التونسية بالمتظاهرين المؤيدين لدعوة السبسي للمساواة والمعارضين على تحدي أحكام الشرع، كانت مواقع التواصل الاجتماعي شاهدة على "المبارزة" بين الطرفين. في الوقت الذي سجل فيه "فيسبوك" و"تويتر" أهم الآراء المساندة للخطاب والمعارضة له تحت هاشتاغات متنوعة من داخل تونس وخارجها.
فرح على "السوشيال ميديا"
مبادرة الرئيس التونسي سلطت الضوء على الانقسام في صفوف التونسيين بشأن دور الدين في المجتمع والذي برز منذ انتفاضة 2011 بين العلمانيين والمحافظين.
المنادون بالمساواة في الإرث لم يتوقفوا عن الدعوة لها على مواقع التواصل الاجتماعي، والآن وجدوا في الخطاب فرصة للتأكيد على مطلبهم. بعض النشطاء على "السوشيال ميديا" رأوا في المبادرة انفتاحا وامتدادا للثورة الفكرية. فضلا عن هذا، ربط مغردون آخرون الخطوة بتواصل الفكر الإصلاحي التونسي، وأكدوا على حاجة النساء للمساواة في الإرث بوقتنا الراهن.
وتحت هاشتاغات مختلفة، منها: تونس، السبسي، الإرث، المرأة التونسية وغيرها، كتب مؤيدو المساواة في الإرث من مستخدمي الشبكات الاجتماعية تعليقاتهم وهنأوا التونسيين بهذا "الإنجاز".
يُشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يطرح فيها الرئيس التونسي قضية المساواة في الإرث، ففي أغسطس/ آب عام 2017، كلف لجنة بإعداد تقرير يتضمن إصلاحات تشريعية متعلقة بالحريات الفردية والمساواة منها إقرار المساواة في الميراث وأثار وقتها جدلا واسعا أيضا، كما حصل نفس الشيء حين قدمت اللجنة قبل شهرين تقريرها للرئيس التونسي تمهيدا لعرضه على البرلمان.
<iframe src="https://www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Fabou.malek.7771%2Fposts%2F2216487678570938&width=500" width="500" height="255" style="border:none;overflow:hidden" scrolling="no" frameborder="0" allowTransparency="true" allow="encrypted-media"></iframe>
حماقة!
لم يشفع الباب الذي تركه السبسي مفتوحا لبعض الاستثناءات. فقوله إن من يرغب في توريث ورثته طبقا لأحكام الشريعة له كل الحرية في ذلك، لم يمنع المحافظين من رفض مبادرته وشن حملة مضادة على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما احتفظ موقع "فيسبوك" بتدوينة الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي، الذي اعتبر خطاب السبسي "حماقة"، لافتا إلى أنها تساهم في "الفرقة والخصام والكراهية بين التونسيين في وقت نحن بأمس الحاجة لتكاتف الجهود لمواجهة التحديات الهائلة التي تهدد هذا الجيل وخاصة الأجيال المقبلة"، نقلا من تدوينته.
جزء من رواد العالم الأزرق اتجه نحو الطريق الذي يرفض المساواة بين الذكر والأنثى تحت ذريعة "تحريف شرع الله".
وفي السياق نفسه، علق مدونون على الخطاب معتبرين إياه "حربا علي الدين وليس علي المتدينين".
معارضو التعديلات القانونية الجديدة بتونس اختاروا هاشتاغات مماثلة لخصومهم، وانتشرت آراؤهم مرفقة بهاشتاغ: تونس، المساواة في الإرث، المرأة التونسية، السبسي... هؤلاء أكدوا على أن التعديلات التي تحدث ما هي إلا ضرب للهوية التونسية ولقيم الإسلام ويتجاوز احتياجات الناس اليومية.
<iframe src="https://www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2FDr.Marzouki.Moncef%2Fposts%2F1982493451817864&width=500" width="500" height="249" style="border:none;overflow:hidden" scrolling="no" frameborder="0" allowTransparency="true" allow="encrypted-media"></iframe>