صداقة وأزمة ثقة بين أوروبا وتركيا... والثمن مكلف
٢ نوفمبر ٢٠١٥ينادي رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بكلمة"صديقي". فحرارة اللقاء بين الرجلين كانت واضحة خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقداه خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول في بروكسل أثناء زيارة أردوغان. لكن بالنسبة لعضو البرلمان التركي يوسف حلاج أوغلو من كتلة الحركة القومية المعارضة، يعود مديح يونكر لأردوغان إلى تفكير سياسي واقعي، كما قال في حوار مع DW حيث إن "الاتحاد الأوروبي يريد استخدام تركيا كمنطقة عازلة، تستقبل كل اللاجئين الذين يريدون متابعة رحلتهم إلى أوروبا". وتجدر الإشارة إلى أن تركيا تأوي الآن نحو مليوني لاجئ سوري.
إلى جانب رئيس المفوضية الأوروبية، دعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أيضا، إلى تعاون وثيق وأ كبر مع تركيا، ولذلك سافرت نهاية أكتوبر/ تشرين الأول إلى تركيا حيث التقت بأردوغان ورئيس وزرائه. الهدف الواضح للزيارة هو "إبقاء أكبر عدد ممكن من اللاجئين في تركيا بعيدا عن الاتحاد الأوروبي" حسبما يقول غاريت جنكينز، الباحث بمعهد الأمن وسياسات التنمية في استانبول، في حوار مع DW. واتضح خلال الزيارة أن الدعم الذي ستقدمه تركيا "للأصدقاء الأوروبيين" سيكون ثمنه غاليا جدا، حيث طلبت تركيا ثلاثة مليارات يورو مقابل ذلك.
ويرى خبير الشؤون التركية غاريت جنكينز، أن الاتحاد الأوروبي ذهب بعيدا جدا في تقاربه مع أنقرة، إذ أن "الاتحاد الأوروبي تراجع عن انتقاداته للرئيس اردوغان ولحزبه (العدالة والتنمية) وأجل إصدار تقرير الاتحاد الأوروبي بشأن تركيا والمتضمن لانتقادات حادة، إلى مابعد الانتخابات التشريعية بداية نوفمبر/ تشرين الثاني".
لا أحد يريد انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي
علاوة على المليارات الثلاثة، تصر تركيا على ما تطالب به منذ مدة طويلة، وهو إعفاء مواطنيها من تأشيرة دخول دول أوروبا ، بل إن هناك حديث عن فتح صفحة جديدة للبدء في إجراءات انضمام تركيا إلى الأوروبي، وهو ما تنتقده بشدة الدوائر السياسية المحافظة في ألمانيا. ولكن "لا أردوغان ولا حزبه (العدالة والتنمية) لهما اهتمام بانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. حيث إنه يطمح من خلال سياسته الخارجية إلى تحويل كل منطقة الشرق الأوسط إلى منطقة نفوذ من منطلق سياسة عثمانية جديدة، غير أن هذا لن يتحقق لتركيا، حسب خبير الشؤون التركية جنكينز.
عدم الاهتمام بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لا يقتصر على حزب العدالة والتنمية فقط، كما يوضح السياسي التركي المعارض حلاج أوغلو من حزب الحركة القومية، الذي يقول في لقاء مع DW : "صحيح أن أوروبا قامت بالكثير من أجل السلام في أوروبا، لكن بالنسبة لتركيا يعتبر الاتحاد الأوروبي اليوم "جذابا من الناحية الاقتصادية فقط".
ويعتبر صموئيل فيسترباي من منظمة "أصدقاء تركيا الشباب" في حوار مع DW أن الأحزاب السياسية التركية لا تهتم بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي مسؤول أيضا عن ابتعاد تركيا عنه، مشيرا أن "المشكلة ليست في حزب العدالة والتنمية فقط" ومضيفا أنه "بدون وجود وعد جدي بدفع محادثات الانضمام للاتحاد إلى الأمام، فلا يمكن الوصول إلى نتيجة حقيقية. وهذا ما يتجنبه الاتحاد الأوروبي حتى الآن".
الاتحاد الأوروبي يجازف بمصداقيته
بالنسبة لتركيا كان تعزيز الثقة مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي أمرا صعبا حتى قبل أزمة اللاجئين. فحسب استطلاع للرأي أجراه "معهد استطلاعات الرأي يوروميتر" في آب/ أغسطس 2015 ، يعتبر40 بالمائة من الأتراك المشاركين في الاستطلاع أن انضمام بلادهم إلى الاتحاد الأوروبي "أمر سيء" بالنسبة لتركيا.
وحسب رأي الباحث غاريت جنكينز، فإن الاتحاد الأوروبي قد أساء كثيرا إلى سمعته في تركيا من خلال تعامله مع أزمة اللاجئين، وهناك اتفاق بين مختلف التيارات السياسية في تركيا على أن "الاتحاد الأوروبي مستعد للتخلي بسرعة عن مبادئه الاساسية مثل حقوق الإنسان والديمقراطية، بل هناك استعداد للتعامل مع أنظمة استبدادية، حينما يخدم ذلك مصالحه"، وفق المتحدث. في حين يصرح السياسي التركي المعارض من الحركة القومية، يوسف حلاج أوغلو، أن موقفه الرافض للاتحاد الأوروبي يعود إلى سبب واحد، مشيرا إلى أن أوروبا بالنسبة له هي ألمانيا، "وألمانيا هي ميركل" وهو لا يثق بميركل، كما جاء في حديثه مع DW.