صحف أوروبية: ما استغرق عقودا في تركيا حققه مرسي في شهر ونصف
١٦ أغسطس ٢٠١٢
صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ اعتبرت في بداية تعليقها أن عزل المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، والفريق سامي عنان رئيس الأركان كانت خطوة مثيرة. وكانت تلك الخطوة مبعث دهشة، لأنها جاءت من محمد مرسي الذي رشحته جماعة الإخوان المسلمين في اللحظة الأخيرة لخوض الانتخابات الرئاسية، واستنتجت الصحيفة بالقول:
"تجديد دماء قيادة الجيش ينطوي على مخاطر وفرص في آن واحد. ويبدو مرسي جادا في مشروعه الرامي إلى إدخال تغيير جذري على النظام الذي انبثق عن الانقلاب العسكري في عام 1952 . الجمهورية التي شغل فيها الجنرالات ناصر والسادات ومبارك منصب رئيس الدولة اتخذت من الجيش والقضاء وجامعة الأزهر سندا لها. هذا الوضع يراد له أن يتغير. فالمؤسسات الثلاث مطالبة الآن بالابتعاد عن السياسة. وهذا الفصل يمكن أن يساهم في أيجاد مجال لانفتاح الديمقراطية الجديدة التي لم تنضج بعد".
وفي معرض تناولها لتحركات الرئيس المصري محمد مرسي من أجل تطهير وسائل الإعلام المصرية من رموز نظام مبارك المنهار وتخليصها من التبعية للدولة، كتبت الصحيفة تقول:
"المصريون يتحلون بالصبر، وهم أرادوا تفادي إراقة الدماء. لكن ليس جميع الضباط سيقبلون عزل طنطاوي وعنان وآخرين. غير أنهم لن يقدروا على ممارسة أدنى معارضة. مصر ليست سوريا حيث يطلق الجنود النيران على مواطنيهم. وبما أن مرسي قادر في غضون ساعات قليلة على حشد ملايين الأنصار في الشارع، فإن محاولة تنفيذ انقلاب عليه تبدو منعدمة الأفق. ويشبه تقليص دور الجيش التطور الحاصل قبل عشر سنوات في تركيا. هناك حصل تغيير السلطة من خلال صناديق الاقتراع، فيما حصل ذلك في مصر من خلال الثورة في الشوارع التي لم تشهد في بادئ الأمر مشاركة الإخوان المسلمين".
صحيفة دي تاغستسايتونغ اهتمت هي الأخرى بتحرك الرئيس المصري مرسي عقب الخطأ الأمني الذي ارتكبه الجيش وأدى إلى مقتل 16 من أفراد قوات حرس الحدود بنيران متطرفين ليسترجع السلطات من الجيش الذي كان يريد دائما تقييد نفوذه السياسي، وكتبت تقول:
"اهتمام البلاد كلها ينصب الآن في اتجاه كتابة دستور جديد. هذه العملية لن ُتكلل بالنجاح إلا إذا تمت في وفاق اجتماعي واسع. وبعدها يمكن تنظيم انتخابات برلمانية جديدة. تركيا احتاجت لثلاثين سنة لإبعاد الجنرالات عن السياسة، في حين جردتهم مصر من سلطتهم فقط في غضون ثمانية عشر شهرا".
صحيفة أوسنابروكر تسايتونغ تناولت التطورات السياسية في مصر، وكتبت تقول:
"يتضح ببطء أن الرئيس المصري محمد مرسي نجح في توجيه ضربة في الصميم. فعندما أقال بعض القياديين العسكريين شد الجميع الأنفاس. وعندما انتزع حقوقا دستورية إضافية لصالحه أدى ذلك إلى إثارة بعض الشكوك: هل يريد دعم الديمقراطية أم أنه يخدم مكانته؟ والآن يتضح أن العالم قلل مجددا كما كان عليه الحال قبل الربيع العربي من شأن مصر".
صحيفة نويه تسوريشر تسايتونغ السويسرية علقت هي الأخرى على التغييرات في هرم قيادة الجيش المصري، وكتبت تقول:
"تعايش بل أكثر من ذلك تضارب مؤسستين سياديتين ـ الشعب والجيش ـ شد أنفاس مصر منذ الإطاحة بمبارك. الوضع السائد اتضحت الآن ملامحه إلى حد ما عندما فرض ممثل الشعب المنتخب نفسه. مرسي انتزع خضوع الجنرالات لسلطة الرئاسة. لقد حقق في غضون شهر ونصف الشهر فقط ما استغرق عقودا من الزمن في تركيا، أي القضاء على استقطاب ثنائي يشل السياسة. فالرئيس عمل الآن على أن لا يقرر الجنرالات وحدهم مصير سياسة الأمن المصرية".
صحيفة إلموندو الإسبانية اعتبرت في تعليقها أن قرارات الرئيس المصري محمد مرسي نتيجة لصراع السلطة المحتدم في مصر بين الإسلاميين والجيش، وكتبت تقول:
"عملية التطهير المفاجئة هي جزء من صراع السلطة القائم بين الإسلاميين والعسكريين. مرسي قام بخطوته الذكية في لحظة التحرك العسكري في شبه جزيرة سيناء حيث يتحرك الجيش في عملية منقطعة النظير ضد إسلاميين متشددين".
صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية تناولت إحالة عناصر القيادة العسكرية في مصر على التقاعد، وكتبت تقول:
"قرار الرئيس المصري إبعاد وزير الدفاع طنطاوي رمز استمرار نظام مبارك تهدف إلى تصعيد التوتر بين القوتين في بلاد النيل... إنها الضربة الثانية في غضون أيام قليلة بعد التغييرات في صفوف قيادة جهاز الاستخبارات وبعض قيادات العمليات. هذا لا يعني بأن العسكريين لن يتحركوا... فالأزمة الدستورية في ظل الأهرامات لم تنته كليا".
إعداد: م أ م
مراجعة: أحمد حسو