صحف أوروبية: أزمة القرم كارثة على الشعب السوري
١٨ مارس ٢٠١٤رغم أنف الغرب، واصلت روسيا وحكومة شبه جزيرة القرم مخططاتها الانفصالية عن أوكرانيا. فأقيم الاستفتاء المثير للجدل يوم الأحد الماضي (16 مارس/ آذار 2014) في منطقة القرم، وصرح المسؤولون أن أكثر من تسعين بالمائة صوتوا لصالح انضمام القرم لروسيا. نتائج اعتبرها الغرب "غير شرعية"، فيما سارع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الموافقة على طلب برلمان القرم بضم شبه الجزيرة إلى روسيا بصفة جمهورية، معتبراً في خطاب ألقاه أمام مجلس الدوما بعد يومين من الاستفتاء، أن "القرم كانت ولا تزال جزءا لا يتجزأ من روسيا"، وعليها أن تبقى تحت سيادة "وحيدة وهي سيادة روسيا".
إذا، هي سياسية فرض الحقائق على الأرض، تلك التي ينتهجها الرئيس الروسي، كما أجمعت صحف ألمانية عدة في أعدادها الصادرة صباح الثلاثاء إثر الإعلان عن توقيع مرسوم انضمام القرم في الكرملين، مشددة على "عجز" الغرب أمام موسكو وسط تداخل المصالح، وتعنت بوتين.
ورغم أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أقرا عقوبات بحق مسؤولين روس وأوكرانيين انفصاليين بمن فيهم الرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيش، في خطوة يراد لها أن تتخذ طابعاً تحذيرياً تنذر بما هو أشد. إلا أن صحيفة ميركيشه أودرتسايتونغ الألمانية Märkische Oderzeitungلم تترك أي مجال للشك أن الصراع حول القرم حسمه بوتين لصالحه بوضوح، ويجب التركيز على القادم من الأزمات، فكتبت تقول:
"سيصبح القرم جزءا من روسيا. وقد يخلو ذلك من المنطق، لكن الكرملين لا يريد التراجع عن هذا الهدف مهما كان الثمن، فيما بات في صالح الأوربيين إنهاء (أزمة) القرم بسرعة ومن دون إراقة للدماء. والأهم في الأمر الآن هو ألا تسعى موسكو إلى تأجيج الصراع في مناطق أخرى من شرق أوكرانيا. في المقابل، يجب كبح جماح الأوكرانيين الذين يريدون ربما الدفاع عن القرم".
بدورها، وصفت راينشه بوستRheinische Post العقوبات بالضعيفة، وأضافت قائلة:
"السبب في ذلك إمكانية اندلاع أزمة اقتصادية مع روسيا، ستصيب حتما الشركات الألمانية هناك. من جهة أخرى يسود انزعاج في الغرب، من أن قرار ضم القرم إلى روسيا حظي بموافقة الغالبية، رغم أنه يمثل ضربة صارخة للقانون الدولي. وأخيراً تبيّن الأزمة كيف أن الديمقراطيات غير مؤهلة لمواجهة مستبدين عديمي الضمير، ممن يركضون خلف مصالحهم دون اكتراث بشيء.
واقعياً، ليس أمام الاتحاد الأوروبي سوى التقليل من الخسائر. وعليه أن يوضح لموسكو شيئين دون ترك أي مجال للبس. أولاً، أن أي محاولات لخلق الفتنة سيتم الرد عليها بعقوبات اقتصادية قاسية. ثانياً، لا يمكن الانتقال إلى مستوى العلاقات الطبيعية مع موسكو مباشرة بعد مغامرة القرم. الصداقة مع بوتين؟ بالتأكيد أصبحت جزءا من الماضي".
وفي الإطار ذاته أيضاً شككت صحيفة زود فيسته بريسه Südweste Presseفي جدوى عقوبات بروكسل وواشنطن، وكتبت تقول:
"منع مجموعة صغيرة من الأشخاص من الدخول إلى أراضيها، وتجميد أرصدتها هي الخطوات الأولى التي اتفقت عليها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكنها لا تشكل أيّ تهديد حقيقي، ولا معنى لها في الوقت الراهن. في أزمة القرم يرسل الغرب إشارات حذرة، لا يمكنه من خلالها الدفع نحو تغيير في سياسة روسيا".
لكن الصحيفة حذرت أيضاً من إغفال دور بوتين في الساحة الدولية، رغم أنه "ألحق ضرراً كبيراً بصورته كشريك حليف للغرب":
"الغرب وروسيا بحاجة إلى بعضهما البعض، ليس فقط على المستوى الاقتصادي. فمن دون روسيا لا يمكن حلحلة العديد من الأزمات الدولية. وسوريا أفضل مثال على الذراع الطويلة للكرملين. وعلى الغرب في تهديداته الفعّالة أن يأخذ هذا الثمن السياسي بالحسبان".
وحول تأثيرات أزمة القرم على الوضع السوري تحديداً، كتبت صحيفة نوييه زورييشر تسايتونغNeue Züricher Zeitung:
"إنها أخبار سيئة بالنسبة لسوريا: فمن جهة أتضح كيف أن الرأي العام العالمي بات عاجزاً أمام الحرب الأهلية السورية. ومن جهة أخرى تنذر ألاعيب القوة التي يقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بفترة من جمود العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة. بوتين، الداعم القوي للرئيس السوري بشار الأسد، يضرب عرض الحائط القانون الدولي ويستهزأ بالأسرة الدولية. جميع التهديدات والتحذيرات لا تحرك فيه شيئاً. وكلّما تحول بوتين إلى شخص منبوذ دولياً، فقد الدافع في ممارسة ضغوطات على حليفه الأسد. رغم ذلك، لا وجود لحل دبلوماسي للحرب الدائرة في سوريا من دون موسكو. وهكذا ستتحول أزمة القرم إلى كارثة على الشعب السوري".