صحف ألمانية: نعم للتفاوض مع إيران، ولكن دون الثقة فيها
١ أكتوبر ٢٠١٣استبقت اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة حملة دبلوماسية قوية قادها الرئيس الإيراني حسن روحاني، أكد خلالها استعداد إيران للتعاون مع الغرب في العديد من المجالات وعلى رأسها الملف النووي الإيراني المثير للجدل. من جهته، التقط البيت الأبيض الإشارات الإيرانية وردّ عليها بأحسن منها، فكان أن أجرى الرئيس الأمريكي باراك أوباما مكالمة هاتفية في السابع والعشرين من سبتمبر/ أيلول الجاري مع نظيره الإيراني حسن روحاني. وقد وُصفت تلك الخطوة بالتاريخية لكونها أول مكالمة تجري بين البلدين من أعلى المستويات منذ أربعة وثلاثين عاما.
هذا التقارب، اعتبرته صحيفة "راينيشه بوست" الألمانية (Rheinische Post) إنجازا لروحاني وكتبت معلقة:
"حسن روحاني لم يهدم الجسر الذي مده إليه باراك أوباما في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. فلهجة التسامح والحوار الأمريكية تبعها بعد ساعات خطاب روحاني الذي ابتعد عن اللغة الهجومية القاتمة التي كان يستخدمها سلفه محمود أحمدي نجاد المُحملة بعبارات معادية لإسرائيل وبنظريات مؤامرة فوضوية وغريبة. (بيد أنه) يبقى ترقب ما إذا كان روحاني، الرجل المعتدل نسبيا، قادرا على الصمود في وجه المعسكر الفولاذي داخل بلاده، وما إذا كانت القيادة الدينية ستدعمه أم أنها ستضع عقبات في طريقه".
في المقابل، حذرت صحيفة "دير تاغسشبيغل" (Der Tagesspiegel) من وضع الثقة في روحاني، معتبرة أنه "لا يمكن الثقة في إيران"، حيث علقت تقول:
"لا مجال للشك بأن حملته المتوددة خلال اجتماعات الأمم المتحدة واتصاله الهاتفي مع الرئيس باراك أوباما يضعانه في منأى عن سلفه محمود أحمدي نجاد، صاحب الخطاب المليء بالكراهية. للوهلة الأولى يبدو كل شيء في وضعه الصحيح: فروحاني يريد برنامجا نوويا سلميا لبلاده، وهو مستعد للتفاوض بشأنه. لكن، أولم يكن هذا هو ما كان يردده زعماء إيران منذ سنوات؟ وفي الوقت ذاته كانوا يواصلون العمل في مشروع يظهر عليه الطابع العسكري."
وتستدرك الصحيفة أن ما يبدو واضحا هوالأثر البالغ للعقوبات الاقتصادية على الاقتصاد الإيراني، معتبرة أنها "ورقة ضغط مهمة على طهران"، إذ تعلق قائلة:
"يجب على الأسرة الدولية ألاّ تفرّط في ورقة العقوبات بسهولة. (...) بالطبع يجب القبول بأي عرض للتفاوض، لكن أيضا، يجب أن تعقب الأقوال أفعال، وبسرعة، لأن الأوان قد يفوت. وهي الفرصة الواقعية المتبقية للتفاوض".
من جهتها، تساءلت صحيفة نويه رور تسايتونغ (Neue Ruhr Zeitung) في التعليق التالي عن دوافع التقارب بين الجانبين الأمريكي والإيراني:
"لقد وُلد مسار الحوار بشكل خاص من رحم الشدة والضيق، فروحاني يراهن على خطوة حسن النوايا من الجانب الأمريكي بهدف تخفيف العقوبات المكسلطة على بلاده. وأوباما بحاجة إلى إيران، فمن دونها لا يمكنه التوصل إلى حل دبلوماسي لإنهاء الحرب الأهلية السورية، باعتبار أنها الحليف القوي لنظام الرئيس بشار الأسد. وفي العراق، يمنع الإيرانيون حلفائهم الشيعة من الدخول في مواجهات على نطاق واسع مع السنة المتمردين. وفي حال تراجعهم عن ذلك، فإن البلاد ستنهار. وهو الأمر الذي سيعتبر فشلا رسميا للتدخل الأمريكي في العراق عام 2003".
وإلى جانب الملف الإيراني، اهتمت الصحف الألمانية كذلك بالقرار الأممي لنزع الأسلحة الكيماوية في سوريا، حيث علقت صحيفة فرانكفورتر روندشاو (Frankfurter Rundschau) قائلة:
"رغم التوصل إلى قرار أممي، إلا أن السؤال الجوهري في القضية السورية لا يزال قائما، فلا أحد له فكرة مقنعة حول ما الذي سيحدث في البلاد في حال سقوط الرئيس بشار الأسد. بيد أن القرار يعزز الأمل في أن تنجح الدبلوماسية الدولية وروسيا في إيجاد مخرج".