صحف ألمانية: عدم حسم العلاقة مع إيران يهدد المصالحة الخليجية
١٣ يناير ٢٠٢١خرج بيان قمة العلا (السعودية) لدول مجلس التعاون الخليجي الست زائد مصر ببيان مصالحة مثير، بدا وكأنه ألغى بجرة قلم الخلافات التي فرقت "الإخوة الأعداء" أكثر من ثلاث سنوات. البيان وعد بتدشين مرحلة جديدة بين الدول المُقاطعة وقطر. وقال الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي، إن القمة تؤسس "مرحلة جديدة نعمل فيها سوياً نحو غدٍ مشرق لمنطقتنا، ونواجه فيها، صفاً واحداً، كل التحديات. فنحن وأشقاؤنا شعب واحد بقيادة إخوة همهم الأول استقرار وازدهار ورخاء أوطانهم". وذهب أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية في نفس الاتجاه وغرد قائلا "تبدأ صفحة جديدة مشرقة". بينما قال وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني "تنطوي اليوم صفحة الخلاف بروح من المسؤولية والسعي لفتح صفحة جديدة ترسخ معاني التضامن والتعاون لما فيه خير الشعوب الخليجية ولمواجهة التحديات التي تتعرض لها المنطقة".
رحب عدد من المعلقين الألمان بالاتفاق، متسائلين عن النقاط الخلافية بين أطراف النزاع، خصوصا في ظل استمرار ظلالٍ من عدم الثقة بعد سنوات من الحرب النفسية والإعلامية والاقتصادية انتهكت فيها كل الخطوط الحمراء. وبهذا الصدد كتب موقع "فيزر كوريي" الألماني (الخامس من يناير/ كانون الثاني 2021) "من غير المحتمل حل بعض نقاط الخلاف القديمة باتفاق المصالحة هذا. فالرياض وأبو ظبي لا تزالان شوكة في المعسكر الذي تدعمه قطر أي المنظمات الإسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين".
"نزع فتيل نزاع خطير سببه إيران"
بعد فتح الحدود بين السعودية وقطر، كان آخر قرار أُعلن عنه بشأن "خطوات التطبيع" عودة حركة الطيران بين البلدين، فقد حطت طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية في مطار الرياض الدولي للمرّة الأولى منذ عام 2017 الذي شهد اندلاع الأزمة الخليجية. "القطرية" تسيِّر رحلات حالياً إلى أكثر من 110 وجهة عالمية، وأزيد من 125 في أفق شهر مارس/ آذار المقبل. ويذكر أن الطائرات القطرية كانت، خلال الحصار، تضطر للتحليق في مسارات التفافية طويلة حول الأراضي السعودية، مما تسبب في مشاكل للمسافرين ونقل البضائع. واضطرت الدوحة لدفع ما لا يقل عن 100 مليون دولار سنويا مقابل حقوق التحليق فوق إيران. وبسبب الحصار المفروض عليها اضطرت قطر أيضا لاستيراد المواد الغذائية من إيران وتركيا. وبهذا الصدد كتب موقع "شبيغل أونلاين" (الخامس من يناير/ كانون الثاني 2021) لقد "تم نزع فتيل نزاع خطير، بعد حل قطر خلافها مع السعودية والدول المقاطعة الأخرى. وكانت العلاقة بين قطر وإيران هي سبب الخلاف" يقول الموقع.
ولم يتهم الرباعي العربي الذي فرض الحصار، قطر بالتقرب من إيران فحسب، ولكن أيضا بدعم مجموعات إسلامية متطرفة، الأمر الذي تنفيه الدوحة. إجراءات مقاطعة قطر شملت إغلاق المجال الجوي للرباعي أمام الطائرات القطرية، ومنع التعاملات التجارية مع الإمارة ووقف دخول القطريين أراضيها، ما تسبب بفصل أفراد عائلات من جنسيات مختلطة عن بعضهم. وجددت المصالحة التي حصلت خلال قمة مجلس التعاون الخليجي في العلا في شمال غرب السعودية، الآمال بتدشين عهد جديد، رغم أن مشاعر عدم الثقة والحذر لا تزال سيدة الموقف وإن اجتهدت الأطراف من أجل عدم التعبير عنها علنية.
أي مستقبل للعلاقات الإيرانية القطرية؟
موقع "دويتشه فيله" في نسخته الألمانية (التاسع من يناير/ كانون الثاني 2021) عاد ورسم معالم العلاقة التاريخية بين قطر وإيران. وذكًر الموقع أنه خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات من القرن الماضي، دعمت قطر نظام الرئيس العراقي صدام حسين. لكن بعد حرب الخليج الأولى، حدث تقارب بين الدوحة وطهران، حيث وقع الطرفان اتفاقية أمنية عام 2010، استكملاها عام 2015 باتفاقية مكافحة الجريمة والإرهاب في المياه الإقليمية، مما أثار انزعاج معظم دول الخليجالأخرى. واستطرد الموقع أن "قطر وإيران لهما روابط اقتصادية وثيقة وتستغلان بشكل مشترك حقلا للغاز في المنطقة البحرية للبلدين، وهو الأكبر من نوعه في العالم".
واستبعد الموقع عودة الاستقرار بشكل سريع للمنطقة وأضاف موضحا "رغم قوتها العسكرية المتواضعة، تحاول قطر ترسيخ نفسها كقوة دبلوماسية تفاوضية، على سبيل المثال كوسيط بين إسرائيل والفلسطينيين". وتساءل الموقع عن قدرة قطر التوسط أيضا بين إيران ودول الخليج؟ وبالتالي المساهمة في تخفيف التوترات في المنطقة. وبهذا الصدد تم الاستشهاد بالباحث في الشؤون السياسية توماس ريختر من معهد هامبورغ GIGA الذي أكد أنه "لا يوجد حالياً سوى القليل من المؤشرات على ذلك (..) لذلك لا أرى مجالا كبيرا لتقارب حقيقي من خلال وساطة قطرية".
"دول الخليج تستعد للمواجهة مع إيران"
موقع فيلت" الألماني (الخامس من يناير/ كانون الثاني 2021) أكد أن الحصار الاقتصادي لقطر كان مكلفا جدا واندلع بسبب "دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين في المنطقة". وأضاف الموقع أنه يجب الانتظار "لنرى إلى أي مدى ستذهب المصالحة، ذلك أن قطر والأنظمة السنية الأخرى لها مواقف مختلفة في العديد من النزاعات، من اليمن إلى ليبيا. ومع ذلك، فإن المصالحة في الخليج أمر مرحب به، خاصة بعد المعركة الدعائية القذرة بين الجانبين". وأكد الموقع أن المصالحة الخليجية تتبع منطقاً مشابهاً لمنطق معاهدات السلام مع إسرائيل. "فالحرب بين الأشقاء في الخليج تصرف الانتباه عن المشكلة الحقيقية، ألا وهي سعي إيران لامتلاك القنبلة الذرية والهيمنة الإقليمية. سيصل الخلاف حول البرنامج النووي قريباً إلى نقطة حرجة، لأن طهران الآن تقوم مرة أخرى بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة".
ومن السابق لأوانه التنبؤ بآفاق هذه المصالحة، فقد امتنعت البحرين على سبيل المثال عن إصدار أي بيان يدعم المصالحة مع قطر. ولا تزال تسعى لإيجاد حلول لمسائل عالقة معها ومن بينها مسألة الصيد والحدود البحرية. ويرى كثيرون أن النزاع ألحق أضرارا كبرى بالعلاقات الخليجية وأن الجراح التي تسببت بها الأزمة قد تستغرق سنوات لتندمل.
حقوق الانسان في الخليج.. في انتظار إدارة بايدن!
موقع "تاغسشاو.دي.إي" التابع للقناة الألمانية الأولى (الرابع من يناير/ كانون الثاني 2021) سلط الضوء على ملف حقوق الإنسان في قطر في أفق استضافتها لمونديال 2022 لكرة القدم. وكتب الموقع أن قطر تعتبر من أغنى دول العالم من حيث الدخل الفردي، وذكَر بكونها أكبر مصدر للغاز المسال في العالم وتسعى لزيادة إنتاجها بشكل كبير. وأضاف أنه "في الوقت نفسه، تواجه قطر انتقادات بسبب أوضاع حقوق الإنسان، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع العمال المهاجرين. ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، فإن مليونين من أصل 2,4 مليون نسمة هم عمال مهاجرون، يأتي معظمهم من دول فقيرة مثل بنغلاديش ونيبال والهند".
موضوع حقوق الانسان لا يعني قطر فقط، فقد سارعت السعودية بدورها لمحاكمة من تصفهم بالمنشقين، بمن فيهم طبيب سعودي أمريكي بارز، خشية أن يتحول هؤلاء الى أدوات مساومة في مواجهة مبكرة محتملة مع إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن القادمة. وتعهد بايدن بإعادة تقييم العلاقات مع المملكة على خلفية سجلّها في مجال حقوق الانسان، خصوصا بعد فضيحة اغتيال جمال خشاقجي التي كان لها صدى عالمي. وكانت إدارة دونالد ترامب تغض النظر الى حدّ بعيد عن كل ما تعتبره المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان انتهاكات في المملكة.
حسن زنيند