صحف ألمانية تشجب إبعاد صحفيين أتراك من تغطية محاكمة خلية نازية
١ أبريل ٢٠١٣رفضت محكمة ميونيخ منح أي من الصحفيين والإعلاميين الأتراك مكانا من بين الخمسين مقعدا المخصصة للصحافة داخل قاعة المحكمة رغم الاهتمام التركي البالغ بهذه القضية التي تنظر في مقتل عشرة مواطنين ألمان، بينهم ثمانية من أصل تركي على أيدي أعضاء خلية إرهابية ألمانية.
وقد أعرب وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو في اتصال هاتفي مع نظيره الألماني غيدو فيسترفيله عن اهتمام الرأي العام في تركيا بمتابعة محاكمة النازيين الجدد، وطالب بالسماح لوسائل الإعلام التركية بتغطية تلك المحاكمة. وتناولت صحيفة شتوتغارتر تسايتونغ قرار محكمة ميونيح بعدم منح تراخيص حضور إعلاميين أتراك لجلسات المحاكمة المرتقبة في ال 17 من أبريل الجاري، وكتبت تقول:
"ثمانية من ضحايا العصابة النازية كانوا أتراكا. ولكن تحديدا لوسائل الإعلام التركية لم تخصص مقاعد داخل قاعة المحكمة. إنه أمر لا يخطر على البال. إن ذلك يؤدي إلى عرقلة محاكمة هي أصلا معقدة قبل أن تبدأ. فالمحاكمة تلقي بظلالها على كثير من الجوانب. فبعد الإخفاقات المسجلة في هذا الملف من طرف الشرطة وأجهزة الاستخبارات لا يحق لألمانيا أن تتسبب لنفسها في عار جديد. فالقضاة في ميونيخ يمكن لهم أن يأخذوا مثالا لهم من الأسلوب السيادي لزملائهم في أوسلو عند محاكمة القاتل برايفيك."
صحيفة فرانكفورتر روندشاو انتقدت هي الأخرى قرار المحكمة بإبعاد وسائل الإعلام التركية عن المحاكمة، وكتبت تقول:
"رئيس المحكمة كارل هوبر على صواب تام عندما يقول بأن المحكمة تنظر في المقام الأول في الاتهامات الموجهة للمشتبه بهم وفي إصدار عقوبة محتملة ضدهم. وسيكون ذلك عملا شاقا. لكن هذا العمل لا يمنع المحكمة من ضرورة مراعاة البعد السياسي الداخلي والخارجي للمحاكمة."
صحيفة براونشفايغر تسايتونغ اعتبرت أيضا أن المحكمة في ميونيخ ينقصها الحس السياسي في قضية تثير اهتمام الصحافة الدولية برمتها وليس التركية فقط، وكتبت تقول:
"قبل انطلاق محاكمة الخلية النازية هناك انطباع خاطئ بضرورة ترك الرأي العام في وطن غالبية الضحايا (تركيا) في غموض بشأن سير المحاكمة. وكان بمقدور المحكمة أن تصحح خطأها، لكنها فشلت مجددا في ذلك. وهناك ضرر من هذا التعنت حتى مع وجود ضمانات قانونية مؤكدة بشأن الثقة في العدالة. إن حرية محكمة ميونيخ ليست مطلقة..."
وقد سبق لحكومة المستشارة الألمانية أنغيلا مركيل أن طالبت محكمة ميونيخ بمنح الصحفيين والإعلاميين الأتراك التراخيص الضرورية لهم لمزاولة عملهم بشكل حر وتغطية محاكمة المتهمين بقتل مواطنين من أصل تركي، وفي هذا السياق قالت صحيفة أوغسبورغر ألغماينه:
"لم يفت الأوان بعد للبرهنة على القوة المعنوية التي ترغب المستشارة مركيل في إبدائها. فالمحكمة يمكن لها مثلا تخصيص بعض المقاعد لوسائل الإعلام التركية، أو السماح بأن تتنازل بعض وسائل الإعلام المرخص لها بحضور المحاكمة عن مقاعدها لصالح زملاء أجانب. والكثير من وسائل الإعلام مستعدة لفعل ذلك".
صحيفة نويه بريسه اعتبرت أن المحكمة لا تتوفر على الوعي السياسي الكافي بامتناعها عن إصدار تراخيص لممثلي وسائل الإعلام التركية لتغطية المحاكمة، وكتبت تقول:
"أن تحظى هذه المحاكمة باهتمام دولي، هذا وجب أن يكون معروفا من البداية. وعلى هذا الأساس لا يمكن فهم قرار محكمة ميونيخ التي اختارت تنظيم جلسات المحاكمة في قاعة لا تتسع سوى لخمسين صحفيا. وتلك المقاعد ُوزعت على وسائل الإعلام التي كانت سباقة في طلب الترخيص. هذه المحاكمة تهدف طبعا إلى الكشف عن الحقائق، لكنها تظل مرتبطة أيضا بمشاعر المهاجرين. إنه أمر كارثي أن يتحصن رئيس المحكمة خلف إجراءات إدارية. وهنا تكون السلطات السياسية مطالبة بالتحرك، لأن المسألة ليست مرتبطة باستقلالية العدالة، بل بسمعة هذه الجمهورية".
صحيفة مركيشه أودرتسايتونغ كتبت تقول:
" الفضيحة الحقيقية تكمن في أنه لا أحد في هذه المحكمة تنبأ على ما يبدو بالاهتمام الذي تحظى به هذه المحاكمة ضد العصابة النازية. ويحصل هذا بعد التحقيقات الفاشلة التي استمرت عشر سنوات وبعد محاولة كشف الحقائق على مستوى مؤسسات البرلمان التي انتهت باستنتاج درس على غرار ما يجري في البلدان المتخلفة. فإذا لم يحصل أقارب الضحايا ومحاموهم والرأي العام المهتم بهذا الموضوع على إمكانية متابعة مسار المحاكمة بدقة، فسيضاف فصل جديد الى فضيحة العصابة النازية وظروف التحقيقات فيها. يجب توفير قاعة أكبر للمحاكمة، وكل شيء آخر سيكون بمثابة وصمة عار في وجه هذا البلد".