صحف ألمانية: النظام السوري في مأزق ينذر بكارثة
١٢ يناير ٢٠١٢صحيفة زود دويتشه تسايتونغ علقت الثلاثاء على خطاب الرئيس السوري بشار الأسد، وكتبت تقول
"الخطيب البارع يملك ناصية أمرين: حشد أتباعه حوله، ومد يد المصالحة لأعدائه في آن واحد. لكن رئيس سوريا بشار الأسد ليس متحدثا بارعا. فأثناء ظهوره الأخير أمام الرأي العام، وهذا هو الأول منذ نصف سنة، لم يعرض شيئا جديدا على أنصاره المجتهدين في التصفيق، وادعى أن مجرمين وإرهابيين ومؤامرات دولية هي المسئولة عن الانتفاضة الدموية في سوريا. وأوضح الأسد الخطيب الفظ في النبرة نفسها لمعارضيه بأنه لا يمكن أن يتوقعوا منه تقديم تنازلات، بل استخدام "اليد الحديدية". فمن لم يشأ مثل ما يشاء الرئيس فقد تلقى جزءا وسُيعاَقب".
ولاحظت الصحيفة أن الأسد جدد تعهداته بتنفيذ إصلاحات، وقالت إن الشعب لم يعد يثق فيها، وتابعت في استنتاجها:
"لإيجاد مخرج من المأزق السوري يتوجب على الأسد بلورة قاعدة للحوار بين النظام والمعارضة: أي اعتدال قوى الأمن والعفو عن المنتفضين، وحرية الحركة بالنسبة إلى المراقبين الدوليين. وهذا لا يعني إصدار شيك أبيض لمرتكبي العنف، فإذا جلست المعارضة السلمية مع الأسد على الطاولة فإن المتشددين سُيعزلون".
صحيفة تاغستسايتونغ اهتمت هي الأخرى بمضمون خطاب الرئيس الأسد يوم الثلاثاء، وكتبت تقول:
"بشار الأسد لم يكن أبدا خطيبا ُموفقا، ويفترض أن يكون أنصاره المعجبون قد وجدوا صعوبة في تتبع كلمته الممطوطة. لكن رئيس سوريا كشف بلا لبس عن أمر واحد: وهو أنه سيكافح إلى النهاية من أجل الحفاظ على سلطته. وقد وصف الانتفاضة كمؤامرة تقف وراءها قوى أجنبية، وحمل إرهابيين مسؤولية الاضطرابات التي سيضربها " بيد من حديد". وعلى هذا الأساس، وطبقا لرواية الأسد فإنه لا يواجه انتفاضة شعبية، بل قلة من المتطرفين العنيفين. وعليه فإنه لا ينفي فقط شرعية حركة الاحتجاج، بل أيضا وجودها".
وأشارت الصحيفة إلى أن الأسد يحاول الإيحاء بأنه رجل السلطة الوحيد القادر على جلب التهدئة، في حين أنه يفعل العكس، وكتبت تقول:
" منذ عشرة شهور يأمر الأسد العسكر بقمع المظاهرات، ويجر بذلك البلاد نحو حرب أهلية. وادعى أنه "لا وجود لأوامر من شخص ما لإطلاق النار على المواطنين". هذا التصريح وحده يكشف مدى ابتعاد لغة الأسد عن الواقع، لأن قوات الجيش لا تفتح النار دون أن تتلقى الأوامر بفعل ذلك. وكرئيس ُيعد الأسد قائدها الأعلى. وبخطابه لم يدع أدنى شك في أن إراقة الدماء ستستمر".
وتحت عنوان: "ما حجم فرص تحقيق سلام قريب"، كتبت صحيفة تاغسشبيغل:
" ما بدأ كاحتجاج جماهيري سلمي في أكثر من 50 مدينة، يفرز في الأثناء معالم أكبر لانتفاضة مسلحة. مجندون وضباط صف ينشقون بأفواج، كما التحق جنرال ثان بصفوف "الجيش السوري الحر"... وحتى المدن الكبرى مثل حلب ودمشق لا تتوفر سوى لساعات على التيار الكهربائي. عشرات آلاف العائلات مجبرة على الجلوس في شقق باردة، وليس لديها غاز للطبخ. والمستشفيات مملوءة عن آخرها، والمصانع مغلقة، وهناك نقص في الديزل والبنزين والمواد الغذائية... ولم يعد ممكنا تجاوز كارثة التدمير الوطني، إلا إذا قررت قريبا أجزاء من النخبة السياسية فرض القطيعة مع النظام والبحث عن التفاهم السياسي مع المعارضة. في القاهرة قدم مؤخرا موظف حكومي رفيع منشق من خلال مقابلة تلفزيونية نظرة استنتاجية أولى في داخل الوضع المترنح لدوائر السلطة الدمشقية. فما يزال الخوف هو المسيطر، كما تبدو الصفوف مرصوصة. لكن المؤشرات تتزايد على أن جهاز سلطة الأسد بدأ يتصدع من الداخل. وسيكون ذلك بالنسبة إلى المواطنين في سوريا بصيص أمل أول".
صحيفة فيست دويتشه ألغماينه سلطت الضوء على إصلاحات الأسد الموعودة، وكتبت تقول:
" الإصلاحات التي يعلن عنها في كل مرة ليست إلا أقراصا مهدئة لم يعد الشعب منذ مدة يبتلعها. وكلما طال أمد هذه الكارثة، كلما انكشف الصمت المخزي الذي يقابل به العالم القتل".
إعداد: (م أ م)
مراجعة: منى صالح