صحف ألمانية: الكاتالونيون والأكراد ناجحون دون دولة مستقلة
٢ أكتوبر ٢٠١٧يواجه رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي أكبر أزمة دستورية تشهدها بلاده منذ عشرات السنين بعد أن فتح استفتاء الاستقلال الذي أجراه إقليم كاتالونيا وشابته أعمال عنف الأحد (الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2017) الباب أمام سعي أغنى أقاليم إسبانيا للتحرك صوب الانفصال بدءا من الأسبوع الجاري. وفي هذا السياق كتبت صحيفة "فرانكفورتر نويه بريسه" تقول:
"مشاهد العنف التي حصلت بمناسبة الاستفتاء حول الاستقلال في كاتالونيا لا تتناسب مع دولة عضو متحضرة في الاتحاد الأوروبي. ونتساءل هنا ألم يجد الكاتالونيون طريقاً أفضل من تنظيم استفتاء وفرضه رغم أنه يتعارض مع الدستور الإسباني. لكنه من المذهل أن تستخدم الحكومة المركزية في مدريد فعلاً العنف ضد التصويت. وفي هذا السياق يبدو أن حتى العراق متقدم، فبغداد لا تقبل استفتاء الاستقلال للأكراد في الشمال، لكنها لا تواجهه بالعنف".
وساد الهدوء شوارع برشلونة عاصمة الإقليم اليوم الاثنين غير أن افتتاحيات الصحف قالت إن الاستفتاء المحظور الذي قال مسؤولون من الإقليم إن 90 في المائة من الناخبين اختاروا فيه الانفصال عن إسبانيا، هيأ الساحة لصدام حاسم بين السلطة المركزية في مدريد والإقليم. وحتى صحيفة "دي فيلت" تطرح مقارنة بين تطلعات الاستقلال بين الكاتالونيين والأكراد:
"بما أن تأسيس دولة كردية في الشرق الأوسط قد يتسبب من جديد في نشوب حريق، فإن تطلعات الانفصال الكاتالونية تحمل في طياتها مخاطر بالنسبة إلى إسبانيا والاتحاد الأوروبي. وكنتيجة أخيرة يمكن اعتبار عمليتي التأسيس هاتين اعتداء على استقرار منطقتهما، فهما على عكس ما نربطه بالدولة ـ الأمن والقابلية على التقدير والمشاركة المعقولة. وهذه الشروط الثلاثة هي التي تنقص غالباً في الشرق الأوسط وهي مهددة في كل مكان في أوروبا".
وتضيف الصحيفة الألمانية بالقول:
"ولذلك هناك حنين للدولة هنا وهناك، فيما يمكن للكاتالونيين والأكراد أن يدركوا أن هناك سبيلاً آخر، لأنهما في الحقيقة العرقان اللذان تعلما تحقيق النجاح دون دولة، فالناتج القومي لكاتالونيا مرتفع بـ16 في المائة عن باقي إسبانيا. ويوجد هناك عدد أكثر من السياح وجامعات أفضل وضيعات أكبر وفرص الحياة تبقى أطول على ما هي عليه في باقي البلاد. والأكراد من جانبهم بنوا منطقتهم المستقلة منذ انهيار الدكتاتور صدام حسين عام 2003 لتحقق انطلاقة واعدة وسط أعمال القتل والفوضى. هنا يتم كسب مال أكثر وتوظيف استثمارات والاستهلاك أكثر من أي مكان آخر في بلاد دجلة والفرات".
وكانت وسائل إعلام إسبانية قد تحدثت عن تدهور الأوضاع في كاتالونيا، وذلك بعد أن استخدمت الشرطة الهراوات والطلقات المطاطية لإفشال الاستفتاء الأمر الذي أدى إلى أعمال عنف أصيب فيها 840 شخصاً. وفي هذا الإطار وجهت صحيفة "أوسنابروكير تسايتونغ" انتقاداً حاداً للحكومة الإسبانية، وكتبت تقول:
"المخاوف القبيحة تأكدت، فالحكومة الإسبانية بزعامة ماريانو راخوي قمعت الاستفتاء الكاتالوني حول الاستقلال بعنف الشرطة. وعدد غير محدود من الناخبين تعرضوا للضرب أو جُرحوا بالرصاص المطاطي. وتمت مهاجمة مكاتب تصويت ومصادرة صناديق اقتراع: وعلى هذا النحو يتعامل في الحقيقة دكتاتوريون وليس ديمقراطيين مع من يحملون أفكاراً مختلفة. الأحد الدامي في برشلونة يبقى وصمة عار في جبين أوروبا. وهل الانفصال يشكل خياراً سليماً، هذا لا يمكن أن يقرره سوى الكاتالونيين لوحدهم. وقبل الاستفتاء كانت المنطقة منقسمة. وبعد الإفراط في ممارسة العنف ارتفعت أكثر الأصوات المنادية بالحرية، فالاتحاد الأوروبي يجب عليه الآن التوسط، كي لا يحصل تصعيد كلي للوضع".
هذا وقد دعا ماريانو راخوي رئيس الوزراء الإسباني لإجراء مباحثات سياسية تشارك فيها كل الأحزاب "لتدارس مستقبل" كاتالونيا، لكنه ظل على رفضه التام لخيار استقلال الإقليم. وفي هذا الاتجاه نجد أن صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" تساند موقف الحكومة المركزية في مدريد، وكتبت تقول:
"في خضم هذه المواجهة تكون الحكومة الإسبانية على حق، إنها تدافع في كاتالونيا عن إحدى أسس الديمقراطية: السياسيون يجب عليهم الخضوع للقوانين وقرارات المحاكم... وحتى لو أن الحكومة الإسبانية هي أيضاً على حق، فإنها تتحمل مسؤولية كبيرة في عدم وجود مخرج للوضع اليوم. وبجهله تجاه التطلعات القومية للكاتالونيين وموقفه المتحجر يصبح رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي منذ سنوات طويلة أفضل مساعد لحملة القوميين الكاتالونيين".
ر.ز/ م.أ.م