صحف ألمانية: أوروبا تراهن من جديد على أنظمة قمعية
٢ يونيو ٢٠١٥تصاحب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى برلين ملفات مثيرة لقلق الرأي العام ورجال السياسية الألمان، من بينها مثلا ملف حقوق الإنسان. وتوجه المعارضة في البرلمان الألماني (بوندستاغ) انتقادات للمستشارة أنغيلا ميركل لعزمها لقاء السيسي في هذه الظروف. ومباشرة قبيل زيارة السيسي المقررة غدا الأربعاء (الثالث من يونيو/ حزيران) جاء قرار محكمة جنايات القاهرة بتأجيل نطق الحكم على الرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي إلى 16 حزيران/ يونيو. الصحف الألمانية، حالها حال السياسيين الألمان، اختلفت حول كيفية التعامل مع زيارة السيسي لألمانيا.
صحيفة "تاغس شبيغل" البرلينية كتبت تقول: "لعامين تقريبا امتد صراع برلين مع نفسها حول كيفية التعامل مع أصحاب النفوذ الجدد، العنيفين في مصر، المحيطين بالمشير السابق عبد الفاتح السيسي. فقد تخطت التجاوزات ضد حقوق الإنسان في "هبة" النيل كل الحدود، بينما يزداد باطراد عدد التفجيرات والاعتداءات. وكل من يدعو (هناك) إلى الاعتدال تتم شيطنته ويوصف بأنه إما مغفل، أو عميل للخارج أو عضو مستتر بالإخوان المسلمين. ومازالت ألمانيا تتمتع باحترام كبير (لدى المسؤولين) في القاهرة. فالسيسي يعلم أن الكفاءة في مجالات التكوين المهني والشراكة الجامعية والتكنولوجيا المتطورة، هي مسألة لا يمكن أن يحصل عليها من أصدقائه الجدد المستبدين في روسيا أو دول الخليج. كما أن ألمانيا تختلف عن الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا. فليس لألمانيا تاريخ استعماري سلبي في الشرق الأوسط، وإنما ينظر إليها دائما على أنها شريك ودود وكريم. ولذلك فإن تمسك الرئيس الألماني يوآخيم غاوك والمستشارة ميركل بلقاء السيسي، مسألة صحيحة رغم كل الانتقادات المبررة الموجهة لزيارته (لألمانيا)."
وعلى العكس من ذلك ترى صحيفة "جنرال أنتسايغر" التي تصدر في بون أن "ميركل اتخذت قرارا واضحا. وضربت بعرض الحائط الشرط الألماني بعدم استقبال السيسي (في ألمانيا)، إلا بعد قيامه بإجراء الانتخابات البرلمانية. ففي سبيل الاستقرار يبدو أن (وجود) سلطة تشريعية منتخبة مسألة ليست بتلك الأهمية (...) والآن تفعل أوروبا ما فعلته خلال عقود مضت، حيث تراهن على أنظمة عربية قمعية كضامن للاستقرار، وشريك في الحرب على الجماعات الإسلامية المسلحة. وبذلك يتم قبول منع الإسلاميين المعتدلين من التواجد داخل مؤسسات الدول، وقبول كل ما يترتب على هذا المنع، من تطرف يدفعون إليه دفعا. وبدلا من محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية"؛ يتم تماما بمثل هذه السياسة تفريخ المزيد من (المقاتلين في صفوفها)".
أما صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" فكتبت تقول: "السيسي يعرف مشكلة الشرعية الناجمة عن الانقلاب على أول رئيس منتخب في مصر، حتى مع أنه (السيسي) استند إلى طبقات عريضة في الشعب المصري. كما يعرف (السيسي) أن فض اعتصامي رابعة والنهضة كان مذبحة. وكان عليه أن يعلم أن الأثر الرادع لحَمَّام الدم لا يكفي لكسر المقاومة (ضده). ومن أجل خنق الحوار حول أساسيات بناء الدولة رفع السيسي شعار: إما أن تكونوا معنا أو تكونوا ضدنا. ولهذا شمل القمع، وبدون استثناء، كل من يوجه انتقادات للنظام، سواء كانوا نشطاء ديمقراطيين، أو مدافعين عن حقوق الإنسان، أو ممثلين للمجتمع المدني، أو صحفيين منتقدين أو مثقفين. (...) لقد أعلن الرئيس السيسي أنه يريد أن يتخذ من ألمانيا مثالا لتطوير بلاده. ولذلك فإنه يجب على الرئيس الألماني غاوك والمستشارة ميركل أن يقولا له بوضوح وعلانية ما يمكن تعلمه من تاريخ ألمانيا: (وهو) أن الرفاهية والاستقرار ينموان على الأرجح في ظل دولة قانون، ديمقراطية و (تقوم على) التعددية".