صافرة البداية لانطلاق جهود مكافحة التغير المناخي
١٣ مايو ٢٠١٢للقاء مع لوتز فاننستيل من أجل التحاور معه عن الاهتمام بحماية المناخ في قطاع الرياضة كان علينا السفر إلى مكان ما في ساوباولو، حيث يعمل فاننستيل كباحث عن المواهب الرياضية، وهو مسؤول عن العلاقات الدولية في نادي هوفنهايم الألماني لكرة القدم، ويسافر بحثا عن المواهب غير المكتشفة عالميا في أمريكا الجنوبية أو أفريقيا.
وكل هذه الرحلات تبدو متناقضة مع مهمة فاننستيل، لأنه بعد نهاية مسيرته كحارس مرمى، أسس جمعية العالمية المتحدة، وهي جمعية هدفها جذب الانتباه إلى تغير المناخ عبر مباريات كرة القدم. من أجل جذب انتباه الناس بشكل حقيقي، كما يعتقد المحترف السابق، هناك حاجة لحدث إعلامي فريد مرة واحدة في العام على الأقل. لذلك فهو يخطط لتنظيم مباراة يشارك فيها النجوم في القطب الجنوبي قبل كأس العالم في البرازيل في عام 2014. فهو يقول: "هذا حدث لم يسبق له مثيل ولن يتكرر أيضا. بالطبع ليس هناك ملعب كرة قدم مجهز لهذا الغرض، لذلك سوف تعقد المباراة ببساطة على مهبط للطائرات"، فالنوايا الطيبة من جانب الرياضيين لا تمثل العائق أمام اتخاذ خطوات حيال تغير المناخ والبيئة.
يتم تزويد المزيد من الملاعب بأسطح شمسية، في الأحداث الكبرى مثل الألعاب الأولمبية، أصبحت العادة أن تكون هناك أنشطة خضراء. وهكذا سوف تكون دورة الالعاب الاولمبية في لندن معتمدة بنسبة تسعة في المائة على كهرباء مولدة من مصادر طاقة متجددة، ولكن المخطط له كانت نسبة 20 في المائة. وبالإضافة إلى ذلك، هناك أنشطة رمزية مثل مشاركة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في ساعة الأرض التي نظمها الصندوق العالمي لحماية الطبيعة. حيث يتم إطفاء أضواء مبنى الرئاسة قرب بحيرة جنيف لمدة ساعة ليلة السبت كإشارة لخطر التغير المناخي. بيتر غيليريون، رئيس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم الذي يساند اللعب النظيف والمسؤولية الاجتماعية، دعا في ذلك الوقت إلى "إقناع العائلة والأصدقاء والزملاء ببذل المزيد من الجهد وتقديم حتى لو مساهمة واحدة إيجابية لأرضنا. على سبيل المثال الذهاب مشيا على الأقدام إلى العمل بدلا من استخدام السيارة. ولكنه لم يتحدث عن إمكانية بث عدد أقل من المباريات.
يتطور واقع الرياضة اليومي في الاتجاه المعاكس، فالمسابقات كثيرة واللعب فيها يتم في مجموعات، كما أن عدد المشاركين يتزايد باستمرار. وفي عام 1991 كان عدد المباريات في مسابقة كأس الأمم الأوروبية حتى المباراة النهائية 58 مباراة. وفي مسابقة دوري ابطال اوروبا 212 مباراة، وهناك أيضا بطولات الشباب التي يزاد عددها. وبطبيعة الحال هناك أيضا مسابقات كرة القدم للسيدات التي تتزايد كذلك. ويبلغ عدد رحلات الطيران الأسبوعية مئات الرحلات بما في ذلك الرحلات التي يسافر فيها المشجعون لمتابعة المباريات التي تخوضها فرقهم المفضلة.ولا ينبغي هنا الاستهانة بالعامل الاقتصادي، فالمزيد من الألعاب، يعني المزيد من الدخل الذي يدره بيع حقوق البث التلفزيوني وهذا ما كان ينفذ خلال السنوات ال 20 الماضية.وربما يمثل العامل الاقتصادي أحد الأسباب التي تجعل الجمعيات والنوادي الرياضية تتفادى معالجة المشكلة بشكل حقيقي، فتقليص عدد المسابقات سيكون في الواقع وسيلة جيدة لمكافحة التغير المناخي.
ولدى مطالبة اتحاد الاوروبي لكرة القدم بالرد على استفسار في هذا الخصوص، قام الاتحاد في بيان رسمي بإلقاء المسؤولية على عاتق جماهير المشجعين، فمسؤوليتهم شخصية في تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن السفر إلى أماكن بعيدة لحضور المنافسات، وكما أضاف الاتحاد: "نحن نشجع الجماهير على استخدام وسائل النقل العام، كلما كان ذلك ممكنا". وأيضا ممثل فريق هوفنهايم يتجنب اتخاذ موقف واضح، إذ يقول: "بالطبع، سيكون ذلك بمثابة تدخل في المنافسات." وهو يشير إلى النجاحات الصغيرة التي حققتها الفرق المشاركة في الدوري الألماني للاقتصاد في استخدام المياه، أو في توفير النقل الجماعي للشباب.ويدرك جيمس أتكينز مؤسس شركة Vertis للاتجار بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، عدم حدوث تحول حقيقي في قطاع الرياضة فيما يتعلق بالتفكير في أهداف حماية المناخ والبيئة، وكما يقول "فإن هناك الكثير من الأفكار السخيفة التي لا تفي في الحفاظ على صحة المناخ والبيئة"، وذلك في اشارة الى الخطط في الدوري الإنجليزي التي تعمل على نظيم أسبوع المباريات في قارات أخرى لأسباب ترويجية. لكن الفكرة قوبلت باعتراض الاتحاد العالمي لكرة القدم، وتم التخلي عنه. وفي عام 2010 أصدر Atkins كتاب "تغير المناخ لمشجعي كرة القدم"، من أجل مكافحة التغير المناخي.
لكن هل يمثل لاعبو كرة القدم قدوة أو نموذجا جيدا؟ أتكينز يشكك في ذلك، حيث يقول: "هم يرتكبون الحماقات عندما يكونون في سن الشباب، كأن يمتلكون مجموعة من سيارات فيراري، كما أن سلوك الإداريين لا يتسم بالصدق، إذ يعمدون إلى دعوة الأطراف الأخرى إلى المشي أو إلى تغيير سلوكهم، لكن يقومون في الوقت ذاته بتوسيع نطاق أعمالهم المربحة على حساب صحة المناخ، وذلك الأمر لا يبدو مقنعا، فالعدو الذي بجب أن يتغلبوا عليه، هو هم أنفسهم.
الكاتب: مارتن ريه/ نهلة طاهر
مراجعة: سمر كرم