أفلام من الشرق االأوسط في ألمانيا
١ يوليو ٢٠١١امرأة في مقتبل العمر تجري وسط المدينة بحثاً عن حبيبها، وتريد أن تتزوجه بالرغم من معارضة أبيها. بهذا يمكن اختصار قصة فيلم "زواج رنا"، الذي تدور أحداثه في المناطق الفلسطينية المحتلة، بالقرب من نقطة التفتيش. هذا الفيلم هو أحد الأفلام التي وزعتها شركة "ميك فيلم" (اختصارا لـ: سينما الشرق الأوسط)، التي تهتم على وجه الخصوص بأعمال المخرجين من منطقة الشرق الأوسط.
قصص من الحياة اليومية
إن أفلام "ميك فيلم" تسلط الضوء في الغالب على أحداث الحياة اليومية وأحاسيس الناس هناك، وصولاً إلى هدفها المتمثل في تقريب الحياة اليومية في الشرق الأوسط عبر السينما والأفلام، كما تقول إيريت نايدهادرت، مؤسسة "ميك فيلم" ومديرتها. وتعرف نايدهادرت تمام المعرفة أنه لا يمكن التعتيم على مشاكل دول منطقة الشرق الأوسط في هذه الأفلام بشكل تام، تلك المشاكل التي تتنوع بين الحرب والعمليات الانتحارية وحقوق المرأة. و في هذا السياق تقول نايدهاردت: "من الطبيعي أن تلعب الحرب دوراً في العالم العربي، لكن لكنها لا تأخذ مكانها في الأفلام بشكل واضح دائماً وتبقى في خلفية الأحداث".
نجاح أفلام ميك فيلم لا يقاس بالأساس بالمردود المادي، بل أن من المهم أيضاً وصول هذه الأفلام إلى المهرجانات السينمائية وأن تبقى بالتالي موضوعاً مثيراً للاهتمام. بعض الأفلام التي تهتم بمواضيع الشرق الأوسط وأُنتجت مؤخراً، مثل فيلم "فالتز مع بشير"، الذي رُشح لنيل جائزة الأوسكار، أو "الجنة الآن" لاقت إقبالاً من قبل الكثير من المشاهدين. لكن على عكس أفلام "ميك فيلم" -كما ترى نايدهاردت- فإن هذه الأفلام "تعالج بقوة المواضيع القليلة المعروفة فقط والتي تؤكد نظرتنا المتداولة إلى هذه المنطقة".
اهتمام سينمائي عادل
وهدف نايدهاردت ليس أن تعرض هذه الأفلام في شكل أفلام الدورات الخاصة في المهرجانات أو دور السينما المختصة بتقديم أفلام فنية نخبوية، إنما في المقام الأول التعريف بالأفلام المنتجة في دول الشرق الأوسط وترسيخها، لكي ترقى –في أفضل الأحوال- إلى اهتمام يساوي الاهتمام بالأفلام الأوروبية والأمريكية.
أما تمويل "ميك فيلم" فيأتي من عائدات توزيع الأفلام ومن خلال دعم الدولة لقطاع إنتاج الأفلام أيضاً. وتدرك نايدهاردت أن هذه المنتجات السينمائية المتخصصة لن تدر الربح الكثير، إلا أن الأهم يبقى هو الحفاظ على القيمة الفنية لهذه الأفلام.
تمكنت شركة "ميك فيلم" من إخراج بعض الأعمال العالمية المرموقة، مثل "زواج رنا" لهاني أبو أسد (صاحب فيلم "الجنة الآن") من فلسطين، أو الفيلم الإسرائيلي- الفلسطيني "عطش" لتوفيق أبو وائل، الفائز بجائزة النقاد العالمية في دورة مهرجان كان عام 2004. وكلها أفلام كانت موضوع نقاش وحديث في عدة مناسبات وحظيت باهتمام كبير.
قائمة أفلام شركة "ميك فيلم" تضم حوالي عشرين فلماً، منها أفلام وثائقية وأفلام قصيرة وأفلام درامية، بعضها تم إنتاجه في بعض الدول غير المعروفة بإنتاجها السينمائي كالأردن ولبنان. وبشكل خاص تهتم نايدهاردت بالأفلام القادمة من فلسطين وإسرائيل، الأمر الذي يمكن إرجاعه إلى كونها عاشت خلال طفولتها لفترة في إسرائيل. ويتم عرض فيلم أو فيلمين سنوياً في دور السينما الألمانية المتخصصة، أما الأفلام الأخرى فتُعرض في المهرجانات.
موزعة أفلام بالصدفة
كيف تبادرت إلى ذهن نايدهاردت فكرة توزيع أفلام سينمائية منتجة في منطقة من الشرق الأوسط؟ حدث ذلك بالدرجة الأولى بمحض الصدفة، فخلال عملها كمنسقة لعدة أعمال من الشرق الأوسط أُتيحت لها الفرصة لعرض أفلام من الأراضي الفلسطينية. عن ذلك تقول نايدهاردت: "لم يكن بإمكان الفلسطينيين إرسال رزمة بريدية تتعدى مائة غرام من خلال مكاتب البريد الفلسطينية. لذلك كان عليهم تجاوز نقطا التفتيش بشكل غير قانوني، من أجل إرسالها من خلال مكاتب البريد الإسرائيلية". ولهذا السبب كان المخرجون يطلبون من نايدهاردت أن تحتفظ بهذه الأفلام في ألمانيا بشكل دائم، عن هذا تعلق قائلة: "عندها فكرت بأنه يوجد اهتمام عالمي بهذه الأفلام. وفكرت أن أجعل هذا الأمر أكثر احترافاً".
إيريت نايدهاردت ليست استشارية وكاتبة ومنسقة ومديرة في مجال "السينما والشرق الأوسط" فقط، بل وتشترك منذ بضعة سنوات أيضاً بشكل فعال في إنتاج بعض هذه الأفلام. وعملت كمنتجة أيضاً في مشاريع ناجحة، على غرار "قرية الرجل الوحيد" للمخرج اللبناني سيمون الحربي. وهذا الفيلم يروي قصة رجل يسكن لوحده في إحدى القرى اللبنانية، التي دمرتها الحرب الأهلية (1975-1999). وسكان القرية لا يعودون إلا من أجل متابعة شؤون أراضيهم. لكنهم يغادرونها مجدداً قبل غروب الشمس. وستساهم نايدهاردت في فيلم سيمون الحربي الجديد. وبذلك فإن المستقبل سيكون أمامها في حقلين سينمائيين: في التوزيع والإنتاج.
يوليا باير/ أمين بنضريف
مراجعة: عماد غانم