شرخٌ قطريٌ سعوديٌ صورُهُ على الفضائيات
٢٤ مايو ٢٠١٧أشعلت تصريحات نُسبت إلى أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، "حرباً" بين وسائل إعلام قطرية كالجزيرة وأخرى سعودية وإماراتية كقناة العربية وسكاي نيوز عربية. وانتقلت "الحرب" سريعاً إلى وسائل التواصل الإجتماعي، بين أطراف تؤيد هذا الجانب وأخرى تقف مع الجانب الآخر. وأخذ قراء في ترجيح "صحتها" وآخرون في ترجيح "فبركتها".
ما "قيل" و"نفي"
التصريحات "المنسوبة" لأمير قطر نشرتها وكالة الأنباء القطرية "قنا"، في وقت متأخر من مساء الثلاثاء (23 أيار/ مايو 2017)، قبل أن تعود سريعاً وتنفيها، معلنة أنه تم اختراق موقعها من "جهة مجهولة". وقد نسب للشيخ تميم على موقع الوكالة القطرية أن "أمير البلاد انتقد في حديث خلال مراسم تخريج دفعة من المجندين تجدد التوترات مع إيران وأبدى تفهما لحزب الله وحركة حماس وأشار إلى أن ترامب قد لا يستمر طويلا في السلطة."
ونسب إلى أمير قطر أنه تحدث عن "تعرض بلاده لحملة ظالمة، تزامنت مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المنطقة، تستهدف ربطها بالإرهاب، وتشويه جهودها في تحقيق الاستقرار." وحول علاقة قطر بجماعة الإخوان المسلمين نُسب إلى الشيخ تميم بن حمد قوله: "لا يحق لأحد أن يتهمنا بالإرهاب لأنه صنف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، أو رفض دور المقاومة عند حماس وحزب الله، داعياً الأشقاء في جمهورية مصر العربية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين إلى مراجعة موقفهم المناهض لقطر، ووقف سيل الحملات والاتهامات المتكررة التي لا تخدم العلاقات والمصالح المشتركة".
غير أن ما يثير التساؤل أكثر هو تصريحه عن أن "العلاقة مع الولايات المتحدة قوية ومتينة رغم التوجهات غير الإيجابية للإدارة الأمريكية الحالية، مؤكدا ثقته بأن الوضع القائم لن يستمر (بسبب التحقيقات العدلية تجاه مخالفات وتجاوزات الرئيس الأمريكي). وأشار الأمير إلى أن قاعدة العيديد، مع أنها تمثل حصانة لقطر من أطماع بعض الدول المجاورة، إلا أنها هي الفرصة الوحيدة لأمريكا لامتلاك النفوذ العسكري بالمنطقة، في تشابك للمصالح يفوق قدرة أي إدارة على تغييره." لكن جميع تلك التصريحات نفتها الجهات القطرية، ونفت صدورها عن الأمير تميم بن حمد.
ظهور خلافات على السطح
ويشير الإعلامي حافظ الميرازي في حوار مع DW عربية إلى أنه كان هناك بيان أصدرته الحكومة القطرية قبل أيام، السبت الماضي، "تشكو فيه من حملة عليها من دول لم تحددها". ويرى الميرازي أن "تلاسنا واضحا بين دول الخليج خرج إلى السطح بوضوح. والغريب أن التصريحات وضعت على موقع وكالة الأنباء القطرية ولا يبدو أنه تم اختطافه."
وبرأي الإعلامي المصري، الذي عمل في السابق مديرا لمكتب قناة الجزيرة في واشنطن أن وكالة الأنباء القطرية "اختطفت من قبل ونشرت أشياء بذيئة ضد قطر، لكن لماذا تختطف لتضع خبراً واضحاً من سياقه أنه متوقع من سياسي قطر؟" ويعتقد الميرازي أن التصريحات "ليست بفعل متسللين فبركوا تصريحات الأمير."
في "قمم الرياض" مع الرئيس الأميركي ترامب لمس المراقبون خلافاً بين دول خليجية وبين قطر حول الملف الأكثر خلافا بينهما، ألا وهو: الاتهامات الموجهة إلى الدوحة بدعم التيارات الإسلامية وخاصة الإخوان المسلمين. ويرى الميرازي أن وجود قطر ضمن قمة الرياض "يتناقض مع أجندتها الداعمة للتيارات الإسلامية، سواء كانت الإخوان أو غيرهم".
انقسام خليجي وورقة قطرية!
ليس جديداً وجود انقسام بين قطر ودول خليجية أخرى خاصة السعودية؛ غير أن ظهور الانقسام إلى العلن بمثل هذه القوة أشعل وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي. فالتصريحات التي نسبت إلى أمير قطر ونفيت، غير مسبوقة. ولا يستغرب الميرازي من ظهور تلك الخلافات على السطح "فهي قائمة أصلا، وربما ما زادها وضوحا هو ما حدث في القمة الخليجية لأن قطر شعرت أن الإمارات تضغط على أميركا، كي تضغط بدورها على قطر."
ويوضح الميرازي في حديثه مع DW عربية أن الخلاف معروف بين قطر وتركيا من جهة وبين مصر والسعودية من جهة أخرى حول ملف الإخوان المسلمين، ويقول "هذا شيء وما يظهر على السطح الآن من الانقسام الخليجي - الخليجي شيء آخر. قطر وعمان من ناحية وعدم خسارة إيران واستعدائها، وبين البحرين والإمارات ومحور محمد بن سلمان في السعودية".
بعد حظر الإمارات قناة الجزيرة القطرية غرد الفريق ضاحي خلفان، كعادته سريعا، وكتب:
يعتقد حافظ الميرازي أن "المسألة فقط هي أن السعودية تريد استحقاقات، فقد دفعت مبالغ كبيرة لمدة 10 سنوات وبالتالي تقول نريد ما نريده منكم (من الولايات المتحدة الأميركية)". وفي مواجهة ذلك تكمن ورقة قطر في وجود قاعدة العيديد التي تستضيف القيادة الوسطى الأميركية، وتشعر قطر، كما يرى مراقبون، أن ما تقدمه الدوحة من خلال الاستضافة والانفاق على القاعدة، التي نقلت إليها القيادة الوسطى الأميركية خلال عام 2003 بعد حرب العراق، يمثل ورقة قوية بيد الدوحة. ولا تتفق الحسابات السياسة دائما مع الحسابات العسكرية، وفي هذا السياق يرى الميرازي أن "وزارة الدفاع الأميركية تحت قيادة ماتيس لها استقلالية عما يفعله ترامب وهو يحترم هذه المؤسسة وقراراتها"، في إشارة إلى أن ترامب ربما لن ينصاع للضغوط الخليجية على قطر.