شتاينماير يدعو إلى تفهم الموقف الألماني من الحكومة الفلسطينية المقبلة
١٤ فبراير ٢٠٠٦"من الصعب الاتصال مع حكومة مشكلة من قوى سياسية لا تعترف بإسرائيل وجميع الاتفاقيات التي وقعتها السلطة الفلسطينية معها". بهذا التصريح أكد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير على موقف بلاده الرافض لإجراء أي اتصال مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) طالما استمرت الحركة على مواصلة سياستها المعادية لدولة إسرائيل. جاء هذا التصريح عقب لقاء وزير الخارجية الألماني بنظيرة الفلسطيني ناصر القدوة اليوم، 14 فبراير/شباط 2006، في رام الله. والتقى شتاينماير بعد ذلك برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في المقر العام للسلطة الفلسطينية. وبعد لقائه بعباس صرح شتاينماير بأنه يأمل بأن "يتضمن الخطاب الذي سيلقيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس عند تنصيب المجلس التشريعي تحديد معالم السياسة الفلسطينية القادمة"، لا سيما وأنه لم يجد خلال مباحثاته اليوم مع السلطة الفلسطينية إجابة على كل الأسئلة المطروحة بخصوص المرحلة المقبلة، والتي يأمل بأن "يتم فيها المضي قدماً في عملية السلام والتعايش بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وقيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية جنب الى جنب"، على حد قول الوزير الألماني.
شروط ألمانية وأوروبية للحوار مع حماس
وكما كان متوقعاً لم يلتق الوزير الألماني بأي مسئول من حركة حماس، التي تستعد لتشكيل حكومة فلسطينية بعد فوزها في الانتخابات التشريعية التي جرت في 25 كانون الثاني/يناير 2006. وكان شتاينماير قد أكد يوم أمس لرئيس الوزراء الإسرائيلي بالوكالة ايهود اولمرت في لقائها بالقدس على أن ألمانيا لن تتحدث إلى حماس قبل تخليها عن العنف. وخلال زيارته للمناطق الفلسطينية دعى شتاينماير إلى تفهم موقف الاتحاد الأوروبي من تشكيل حماس للحكومة الفلسطينية القادمة. والذي يشترط قبول هذه الحكومة لشروط الاتحاد الأوروبي قبل إجراء اتصالات أو الاستمرار في تقديم الدعم والمساعدة للجانب الفلسطيني. ولا تختلف هذه الشروط عن الشروط الألمانية للتعامل مع حركة حماس، والتي أكد شتاينماير عليها مجدداً أثناء زيارته للمناطق الفلسطينية. وتتمثل هذه الشروط في اعتراف الحركة بإسرائيل ونبذ العنف والاعتراف بكل الاتفاقيات التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع إسرائيل. في هذا السياق قال شتاينماير: "نحن ندعم الحكومة الحالية لكننا لم نتخذ قراراً من الحكومة القادمة بعد".
"اهتمام ألماني بالشعب الفلسطيني"
أما وزير الخارجية الفلسطيني ناصر القدوة فقد اعتبر أن زيارة شتاينماير "تعبر عن الاهتمام الألماني بالشعب الفلسطيني وسلطته الفلسطينية". ودعا القدوة في ختام لقائه مع شتاينماير إلى مواصلة تقديم المساعدات الدولية للفلسطينيين رغم فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات. وقال القدوة في مؤتمر صحافي مشترك مع شتاينماير إن "مساعدة الشعب الفلسطيني يجب ان تستمر أيا كان الحزب الذي سيشكل الحكومة". وأضاف "يجب إيجاد حل يسمح للأسرة الدولية بالتوفيق بين مواقفها السياسية ومواصلة المساعدة للفلسطينيين"، ملمحاً بذلك الى رفض أوروبا والولايات المتحدة الحوار مع حماس ما لم تتخل عن الكفاح المسلح. وبخصوص الحكومة القادمة قال ناصر القدوة: "سنرى كيف ستسير الأمور حيث أنه يجب عليها أن تتبنى البرنامج السياسي للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية وليس مواقف وبرامج الأحزاب التي ستشكل هذه الحكومة".
رفض من حماس
ومن جانبها أعلنت حركة حماس رفضها للشروط الألمانية والأوروبية المتعلقة بتشكيل الحكومة الفلسطينية المقبلة. وجاء هذا الرفض على لسان عضو المجلس التشريعي عن الحركة أحمد مبارك الذي صرح اليوم قائلاً: "موقفنا ثابت ولن نقبل أن توجه الدعوات لنا للاعتراف بالاحتلال في الوقت، الذي يتنكر فيه هذا الاحتلال لحقوق شعبنا وليس عدلا أن تتم ممارسة الضغط علينا ولا يتم الضغط على إسرائيل التي تحتل أرضنا". وأضاف "هذا موقف منحاز ونطالب العالم ان يضغط على إسرائيل للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني عندها سنتحدث عن توفير الأمن والهدوء في المنطقة عبر هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل". وشدد على أنه "لن يستطيع احد فرض عزلة دولية علينا وعلى العالم ان يحترم خيارات الشعب الفلسطيني ويتعامل معها وان فرض عزلة على الشعب الفلسطيني يعني انفجاراً جديداً في المنطقة".
نهاية الجولة الشرق الأوسطية
وعقب زيارته لمقر السلطة الفلسطينية في رام الله توجه وزير الخارجية الألماني إلى العاصمة الأردنية عمان لإجراء مباحثات مع الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء الأردني معروف البخيت. وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأردني عبد الاله الخطيب طالب شتاينماير المجتمع الدولي أن "ينتظر تشكيل الحكومة فلسطينية قبل أن يقرر تحركه".
وعلى صعيد آخر دعى شتاينماير في عمان المجتمع الدولي إلى تبني موقف مشترك في مواجهة التحدي الإيراني. الجدير بالذكر أن باريس وموسكو قد أصدرتا اليوم إعلاناً مشتركا حول المسائل النووية يدعو إيران الى "الالتزام الكامل بواجباتها"، وذلك خلال لقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الفرنسي دومينيك دو فيلبان في الكرملين. ونص الإعلان المشترك على أن "فرنسا وروسيا متحدتان في تصميمهما على إيجاد حل لما يترتب عن البرنامج النووي الإيراني على صعيد انتشار الأسلحة النووية". وفي نهاية زيارته لمنطقة الشرق الأوسط، التي استمرت لمدة يومين، يغادر وزير الخارجية الألماني العاصمة الأردنية في وقت لاحق متوجهاً إلى أنقرة لإجراء مباحثات مع نظيره التركي عبد الله غول. ومن المتوقع أن تدور هذه المباحثات حول تأثير أزمة الرسوم الكاريكاتورية على العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي، بالإضافة إلى مناقشة مساعي تركيا للانضمام في الإتحاد الأوروبي.