شتاينماير: ألمانيا تواجه تحديا نادرا ما تعرضت لمثله من قبل
٢٤ ديسمبر ٢٠٢١"عندما ننظر إلى هذا العام، سنرى الكثير مما أحزننا، والكثير أيضاً مما أخافنا". ما إن بدأ الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير خطابه، حتى نطق بهذه الكلمات، مضيفاً: "دولتنا نادرا ما تعرضت لمثل هذا التحدي من قبل".
لهجة خطاب عيد الميلاد للرئيس شتاينماير بدت أكثر جدية من لهجة خطاب العام الماضي، الذي كان الأول بعد انتشار فيروس كورونا. آنذاك، حمل خطابه تكهنات مطمئنة ونظرة متفائلة تجاه الاثني عشر شهراً القادمة، حيث قال: "يمكننا أن نفرح بأننا سنحتفل بعيد الميلاد القادم كما نحب أن نحتفل به – في إطار العائلة الكبيرة، مع أصدقائنا، بالعناق والأغاني. أتمنى أن تعيننا الفرحة المسبقة بذلك على إمضاء أيام العطلة الاستثنائية القادمة. أتمنى لكم عيد ميلاد مبارك!"
"الأمر سيستغرق وقتا"
أما الآن فيدعو شتاينماير الألمان إلى الصمود والتعاضد والثقة، لأن "الجائحة لن تنتهي في يوم وإنما ستشغلنا لوقت طويل".
مرة أخرى هيمن هذا الموضوع على الخطاب: المعركة ضد جائحة كورونا، وتحديداً ضد متحور أوميكرون، أحدث سلالات الفيروس.
وفي خضم استرساله في مسألة كورونا، تحدث الرئيس الألماني بالتفصيل، إذ قال: "نادراً ما شهدنا هذه الخطورة على حياتنا وعدم القدرة على التكهن بالمستقبل – الشهر القادم، أو الأسبوع القادم، أو اليوم القادم".
شكراً لكل من ساعد
ورغم أنه لم يذكر الرقم تحديداً، يتوفى في ألمانيا يومياً ما بين 400 وحتى 500 شخص بسبب فيروس كورونا. ويومياً أيضاً يتم تطعيم نحو مليون شخص – أغلبهم، بحسب شتاينماير "أدرك الفرصة" الكامنة في الحصول على اللقاح. وفي هذا السياق، وجه الرئيس الألماني الشكر إلى العلماء والأطباء والممرضين، والعاملين في القوى الأمنية والمصالح الحكومية، مضيفاً: "أنتم تبذلون جميعاً قصارى جهدكم".
لكن شتاينماير حذر من أن إجراءات الدولة لوحدها ليست كافية، داعياً المواطنين إلى تلقي التطعيم وارتداء الكمامات: "الأمر يتعلق بنا، بكل واحد منا!"، كما وجه الشكر "من كل القلب للأغلبية الصامتة معظم الوقت في بلدنا، والتي تتصرف بحكمة ومسؤولية".
بعد ذلك، خاطب الرئيس الألماني حالة الإحباط والانفعال التي رافقت الجدل المجتمعي حول الإجراءات الصحيحة، إذ قال: "الإقصاء والعدوانية العلنية، للأسف ... أرجوكم أن تفكروا في أننا بلد واحد! سيتوجب علينا بعد انقضاء الجائحة أن ننظر في عيون بعضنا البعض. ونريد أيضاً بعد الجائحة أن نعيش سوياً". وأضاف شتاينماير أن الأمر يتعلق بالثقة وتحمل المسؤولية والفهم الصحيح لمبدأ الحرية: "الحرية والثقة والمسؤولية: حول معنى تلك الكلمات يجب أن نتفق، مستقبلاً وأيضاً في مسائل كبيرة أخرى مثل حماية البيئة".
وفي فقرة صغيرة، يذكر الرئيس شتاينماير كارثة الفيضانات التي وقعت منتصف يوليو/ تموز 2021، والتي أدت إلى وفاة 180 شخصاً وقلبت حياة آلاف الألمان رأسا على عقب. وشكر الرئيس أيضاً استعداد الكثيرين للمساعدة و"التضامن الهائل".
قلق حول شرق أوروبا
جملة وحيدة في خطاب الرئيس الألماني كانت موجهة للسياسة الخارجية: "نحن قلقون مما نسمعه عن الكثير من المناطق في عالمنا، خاصة في شرق أوروبا"، وهي جملة قد تشير إلى التوترات الحاصلة بين روسيا وأوكرانيا، وأيضاً على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا.
وبنفس الإيجاز، تحدث شتاينماير عن أفغانستان، التي تصدرت عناوين الصحف حول العالم في أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول: "نستذكر جندياتنا وجنودنا الذين عادوا إلى الوطن من أفغانستان، وأيضاً أولئك الذين ما يزالون هناك ويعانون من العوز والجوع".
"فليبارك الرب الجميع على هذه الأرض الطيبة"
وفي ختام خطابه، ذكر الرئيس الألماني بمشهد يعود إلى أكثر من خمسين عاماً، وتحديداً ليلة عيد الميلاد عام 1968، عندما كان فرانك فالتر شتاينماير في الثانية عشرة من عمره، وكانت مركبة الفضاء المأهولة "أبولو 8" تدور حول القمر.
وتابع شتاينماير بالقول: "آنذاك، قرأ رواد الفضاء الثلاثة مطلع قصة الخلق في الإنجيل، وختموا رسالتهم بمناسبة عيد الميلاد بعبارة: فليبارك الرب الجميع على هذه الأرض الطيبة".
ومع زوجته إلكه بودنبندر، تمنى الرئيس الألماني "أن تبقى هذه الأرض أرضاً طيبة لنا جميعاً، وأن تمنحنا جميعاً مستقبلاً طيباً".
يشار إلى أن شتاينماير سيرشح نفسه في فبراير/ شباط لولاية رئاسية ثانية لمدة خمس سنوات. واحتمالات انتخابه وأن يعود لمخاطبة الألمان مرة أخرى العام القادم تبدو قوية للغاية.
كريستوف شتراك/ ي.أ