طائفة الشبك في العراق مأساة غاب عنها الإعلام
١١ يناير ٢٠١٥يشكل مكوّن الشبك لونا في نسيج العراق الذي لم يكن قط بلون واحد، وربما كان هذا التلون واحدا من أسباب عدم استقرار الجغرافيا فيه. مكون صغير يُعد بعشرات الآلاف كما يُقدر البعض، فيما اعتبر الناشط الشبكي يوسف محرم ممثل الشبك في ألمانيا في حديثه لـDWأن "عددهم يصل إلى 350 ألف نسمة وهم موزعون على 64 قرية في سهل نينوى".
ومنذ حزيران وتموز عام 2014 تعرضت مدن وقرى الشبك إلى هجمات وحشية شنها تنظيم "داعش" الإرهابي بقصد التصفية العرقية للمكون باعتبارهم كردا وباعتبار أن عددا من الشبك هم من الطائفة الشيعية.
اختلطت هذه المأساة بالمآسي التي حلت بالتركمان والإيزيدية والمسيحيين في شمال العراق على يد تنظيم "داعش"، ولكن بقيت قضية الشبك بعيدة عن أضواء وسائل الإعلام وغائبة عن منابرها.
DWحاورت الناشط الشبكي يوسف محرّم، فقدّم تعريفا لأوضاع مكون الشبك مشيرا بالقول "هم أقلية قومية، لهم لغتهم الخاصة التي تنحدر من أصول هندو أوروبية، ولهم ثقافة وعادات وتقاليد تختلف عن العرب وعن الكرد وعن التركمان، لكنهم جميعا مسلمون ولا يوجد بينهم من يدينون بغير الإسلام دينا، 80 % منهم شيعة والباقي من السنة".
"ضحايا سياسة التعريب في عهد صدام"
جاء هذا في وقت نقلت فيه الموسوعة الحرة ويكيبيديا أن الشبك يتكلمون لهجة كردية تحتفظ بالكثير من الألفاظ القديمة، إضافة إلى تأثير المحيط الدولي المتمثل بوجود ألفاظ فارسية أو تركية أو عربية. وتذكر المصادر أن لهجة الشبك هي اللهجة الكردية الباجلانية وهي إحدى فروع اللهجة الكورانية". فيما تشير مصادر الإحصاء الرسمية العراقية إلى أن الإحصاء السكاني لأعوام 1936 و47 و57 قد وضع الشبك مع الإيزيدية معتبرا الاثنين مكونا واحدا، لكن إحصاء عام 1977 وضعهم مع العرب.
ينحدر الشبك من مناطق قرب أذربيجان الإيرانية والروسية، كما يذهب كثيرون ومنهم الناشط يوسف محرم، الذي ذهب بالقول" يعتقد أن جذورهم الأصلية أتت من الهلال الممتد غرب وجنوب بحر قزوين، وبالتحديد منطقة آذربيجان، ولكن وجودهم في العراق يعود لفترة لا تزيد عن خمسة قرون"، لكن بعض الخبراء يرى أن الشبك ينحدرون من أصول تركية معتبرا أنهم قبائل تركمانية هربت من الصراع الصفوي العثماني قبل عدة قرون.
الناشط الشبكي يوسف محرّم ارجع الاختلاف في نسبة الشبك إلى العرب أو إلى الأكراد بالقول" في عهد النظام السابق مورست بحق الشبك سياسة التعريب، وفي عام 1988 جرى ترحيلهم إلى وادي حرير باعتبارهم من ذوي التبعية الإيرانية، استعدادا لترحيلهم إلى إيران كما جرى مع الكرد الفيلية، ولكن الخطة لم تنفذ، وعاد بعضهم إلى مناطق سكنهم في سهل نينوى بعد سنتين، ثم عاد الباقون بعد سقوط النظام عام 2003 إلى موطنهم الأصلي.
"داعش" استهدفت الشبك بالقتل والتهجير والخطف
منتصف شهر ( يونيو/ حزيران 2014) دخلت "داعش" إلى مناطق الموصل وما حولها، فتعرض الشبك إلى حملة قاسية من التنظيم. الناشط الشبكي إسماعيل خليل سبق أن وصف لـ DWوقائع ما جرى في مناطق الشيخان والرشيدية والقبة الملاصقة لمدينة الموصل من الضفة اليسرى لنهر دجلة مبينا أن "أغلبية سكان هذه القرى هم من الشبك الشيعة وفيهم بعض السنة، ولم يحدث أي قتال في مناطقهم، فقد استيقظوا صباحا ليجدوا "داعش" في قراهم وأمام بيوتهم. وفي اليوم الأول والثاني بث مسلحو "داعش" الأمان للناس وأكدوا لهم أنهم لا يفرقون بين سني وشيعي، ولكن بعض الأسر شمّت خطر هذه المجاميع، فهجرت المدن هاربة تحت جنح الظلام، فيما صدّق أفراد كثير من الأسر الأخرى وعود "داعش"، فمكثوا في بيوتهم ".
ومضى الناشط إسماعيل خليل إلى القول "ابتداء من اليوم الثالث لسقوط الموصل ( 11.06.2014)، طوّق عناصر "داعش" مناطق وقرى الشبك، وجمعوا كل السكان، وطلبوا أن يقف الشيعة منهم في جانب، وأن يقف السنة في جانب آخر، وكان معهم وشاة ملثمون من سكان المنطقة يخبرونهم بحقيقة أي شيعي يحاول أن يخفي نفسه. وبعد أن عُزل كل الشيعة في جانب، طلبوا من السنة أن يعودوا إلى بيوتهم، ونقلوا الرجال الشيعة إلى مكان مجهول".
غياب الإعلام الدولي عن مأساة الشبك
ويلاحظ المتتبع لأحوال هذا المكون الصغير أنّ الإعلام الدولي لم يسلط الضوء على ما أصاب هذا المكون الصغير على يد "داعش" رغم جسامة الحدث، وقد فسر الناشط يوسف محرم ذلك بالقول" لهذا عدة أسباب، أولها أن الشبك ومنذ قيام الدولة العراقية وحتى سقوط نظام صدام حسين في 2003 لم يكن لهم تمثيل سياسي، وبالتالي لم يكن هناك من ينقل صوتهم محليا ودوليا. بعد التغيير في 2003 تم اختيار شخصية من الشبك في مجلس محافظة نينوى وفي البرلمان وهو د حنين القدو فصار لهم صوت يمثلهم. ثاني تلك الأسباب هي ممارسات التعريب وبعد التغيير في 2003 سياسية التكريد والضغوطات التي جرت لطمس هويتهم الحقيقية" .
ومضى محرم إلى القول: " ليس لدى الشبك خبرة في ممارسة العمل السياسي، وليس لديهم منظمات حقوقية تدافع عن قضيتهم".