شبح تدمير حلب وغروزني يخيم على المدن الأوكرانية المحاصرة
٦ مارس ٢٠٢٢
تشهد العديد من المدن الأوكرانية قصفاً مكثفاً من قبل القوات الروسية ما يعيد للأذهان غروزني الشيشانية وحلب السورية: هاتان المدينتان الرمزيتان اللتان حولهما القصف الروسي في 1999 و2016 إلى رماد، تعودان إلى الذاكرة، رغم اختلاف السياق، بحسب محللين. قال تشارلز ليستر، خبير الشؤون السورية في معهد الشرق الأوسط، في تغريدة مرفقة بصور خاركيف التي تعرضت للقصف "كما لو أنها حلب من جديد".
لكن دبلوماسي أوروبي يرى أن "أوكرانيا، بالنسبة للروس، ليست مثل سوريا، فبسط القنابل هو أمر أكثر تعقيدًا بالنسبة لهم، إنهم أشخاص أقرباء وبعضهم لديه عائلة".
وأكد الباحث أنه يتعين إبراز أوجه التشابه بدقة مع الشيشان - غروزني التي دُمرت خلال الحرب الثانية (1999-2009) - وسوريا - حيث تدخلت القوات الجوية الروسية بشكل مكثف منذ عام 2015 من اجل مساعدة حليفها بشار الأسد في مواجهة الفصائل المقاتلة.
وأوضح "في الشيشان، كانت روسيا في أراضيها ولم يكن جيشها كما هو اليوم، 50 بالمئة مهني. في سوريا، كانت الوحدة البرية الروسية محدودة للغاية، وفي الميدان كانت القوات السورية أو حزب الله أو الميليشيات التي شكلت وقودا للنار". والوضع ليس على هذه الحال في أوكرانيا حيث يشارك عشرات الآلاف من الجنود الروس وحيث يتمتع الخصم الأوكراني بوسائل ودعم دولي هائل.
حلب السورية
بعد هجوم وحصار عنيفين، استعاد الجيش السوري، بمساعدة سلاح الجو الروسي حلب، معقل المعارضين للنظام السوري في 22 كانون الأول/ديسمبر 2016 بعد حصار منذ تموز/يوليو من نفس العام.
وقُسّمت العاصمة الاقتصادية السابقة لسوريا إلى منطقتين منذ العام 2012، حيث أصبحت الأحياء الشرقية تحت سيطرة المعارضة فيما كان معظم الجزء الغربي تحت سيطرة النظام السوري.
وفي 22 أيلول/سبتمبر، شنّت دمشق وحليفتها روسيا هجومًا كبيرًا على القسم الخاضع لسيطرة المعارضة اشتدّ أكثر في تشرين الثاني/نوفمبر. وتعرّضت أحياء المعارضة لقصف عنيف بالبراميل المتفجرة والقذائف والصواريخ.
وأعلن النظام السوري في 22 كانون الأول/ديسمبر أنه استعاد السيطرة الكاملة على حلب بعد خروج آخر موكب من عشرات الآلاف من السكان والفصائل المعارضة الذين تم إجلاؤهم إلى مناطق المعارضة شمالاً.
وخلّفت معركة حلب أكثر من 1800 قتيل بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، المقرب من المعارضة السورية، وجُرح نحو 5000 شخص.
وسلّط تحقيق أجرته الأمم المتحدة في العام 2017 الضوء على دور القوات المتحالفة مع النظام السوري في المعركة، لا سيما روسيا.
غروزني
تعرّضت غروزني، عاصمة الشيشان، وهي جمهورية صغيرة في القوقاز الروسي حيث شن المتمردون الانفصاليون حربيْن ضد موسكو، للتدمير حرفيًا خلال شتاء 1999-2000 بواسطة المدفعية الروسية والغارات الجوية.
وساهم الهجوم على الشيشان الذي قرره رئيس الحكومة الروسي آنذاك فلاديمير بوتين بجعله الخليفة بلا منازع للرئيس الروسي بوريس يلتسين الذي أعلن استقالته بشكل مفاجئ ليلة رأس السنة في 31 كانون الأول/ديسمبر 1999.
وكانت العملية مقررة بالأساس لقمع المتمرّدين الإسلاميين الذين شنوا هجومين على داغستان المجاورة، لكنها تحولت بسرعة إلى حرب لاستعادة الجمهورية التي تطالب بالاستقلال، مع الاستيلاء على غروزني كهدف رئيسي.
في 6 كانون الأول/ديسمبر، أمهلت الحكومة الروسية المدنيين بضعة أيام لمغادرة غروزني قبل شن هجوم وإقامة "ممرات" لإجلائهم.
وفي مطلع كانون الثاني/يناير 2000، سيطرت القوات الفدرالية على محطة غروزني المحاصرة، فيما كثّف المقاتلون الشيشان هجماتهم الليلية بقاذفات الصواريخ وقاذفات القنابل على المواقع الروسية.
وفي 6 شباط/فبراير، أعلن فلاديمير بوتين، الذي أصبح رئيسًا بالوكالة، "تحرير" غروزني بعد أسابيع من القصف الدامي والقتال.
وتقدّر منظمة هيومن رايتس ووتش الأميركية والمنظمة الروسية للدفاع عن حقوق الإنسان "ميموريال" عدد المدنيين الذين قتلوا خلال الحصار بنحو 10 آلاف. واشار مدافعون عن حقوق الإنسان إلى انتهاكات ارتكبها الجنود الروس.
خ.س/ع.ج.م (أ ف ب)