شبح العنف يخيم على البحرين
٢٢ فبراير ٢٠١٤شهدت الذكرى الثالثة للثورة الشعبية ضد نظام الحكم في البحرين سقوط عدد من الجرحى إثر مواجهات وقعت بين قوات النظام ومعارضين خرجوا إلى الشوارع في الرابع عشر من شهر فبراير/ شباط الجاري يوم انطلاق الثورة قبل ثلاث سنوات. وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه من تصاعد أعمال العنف، داعيا إلى حوار وطني بمشاركة جميع القوى السياسية. وعزّز من المخاوف بلاغ وزارة الداخلية البحرينية بحدوث انفجار استهدف حافلة للشرطة في منطقة الدية، حيث تجمع المئات، وهو ما اعتبر منعطفا لثورة تشبثت بسلميتها منذ البداية.
وزاد من الاحتقان بين أوساط المعارضة، قرار محكمة في العاصمة المنامة يؤكد حكما سابقا بالإعدام في حق متهم من الطائفة الشيعية أدين بالتورط في مقتل شرطي. وفي ظل تلك الأجواء المشحونة، انطلقت يوم السبت (22 شباط / فبراير)على حلبة البحرين تجارب الفرق المشاركة في بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد للموسم الحالي 2014.
في عام 2011 وصلت شرارة الثورة التي اندلعت في تونس إلى البحرين، حيث خرجت مظاهرات مناوئة لنظام الحكم مطالبة بالديمقراطية وبوقف الاستبداد والظلم، إلا أن الثورة سرعان ما شهدت أولى الضحايا بعد تدخل عنيف لقوات النظام. وبحذر شديد، كانت الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية تراقب المشهد البحريني، وسعت بكل قواها إلى إجهاض هذا الحراك حتى لا تصل رياحه إلى الداخل وتطيح بأنظمتها الواحدة تلو الأخرى، تماما كما حصل في مصر وليبيا. الأمر الذي دفع بالرياض إلى إرسال وحدات عسكرية قامت بقمع الانتفاضة الشعبية.
المستنفع الطائفي
في الرابع عشر من شهر شباط الجاري، خرج 50 ألف متظاهر إلى شوارع المنامة وغيرها من المدن البحرينية، ردت عليهم قوات الأمن بالقنابل المسيلة للدموع والخرطوش، فأصيب ما لا يقل عن أربعين شخصا واعتقل 55 آخرون، حسب ما صرح به محمد المسقطي رئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان، لـDW، الذي نفا أية علاقة للثورة في البحرين بالطائفية كما تمّ توصيفها من قبل القوى المضادة؛ فالعائلة الحاكمة تنتمي للمذهب السني، فيما غالبية الشعب البحريني شيعي العقيدة. وشدد المسقطي على أن المعارضة تضم سنة وشيعة، والشيء ذاته بالنسبة للمعسكر المؤيد للنظام. كل ما في الأمر، أن النظام قام "بتعبئة كافة وسائل الإعلام للترويج أن الحراك طائفي"، يقول المسقطي.
ومرة أخرى هاجمت قوات النظام المكاتب والمؤسسات الشيعية، كما أطلقت القنابل المسيلة للدموع في أكبر مسجد للشيعة في البلاد. ويتم تضييق الخناق على "جمعية الوفاق" التي تتزعم المعارضة الشيعية، والتي صرح أحد قادتها وعضو البرلمان خليل المرزوق أن "كل ما ترونه الآن هو تكملة للقمع" الذي تمارسه السلطات. وقد سبق للمرزوق أن قدم عام 2013 للمحاكمة بتهمة "التحريض على ارتكاب جرائم إرهابية" مع منعه من السفر.
القمع يولّد العنف
ورغم وجود برلمان في البحرين يضم أربعين نائبا، فإن السلطة الفعلية بيد الأسرة الحاكمة فقط وهي التي تسيطر على كافة أجهزة الدولة؛ حسب المرزوق الذي يقول إن الأحزاب "تطالب بديمقراطية حقيقة يتمتع من خلالها البرلمان بصلاحيات حقيقية". وأعرب عن أمله في مواصلة الحوار الوطني بعد الجمود الذي أدت إليه الصراعات الدائرة بين القوى المختلفة، مضيفا "نأمل في نجاح مبادرة الأمير وعقد لقاء قريب". وقد تمّ عقد جلسة حوار في يناير/ كانون الثاني الماضي لكنها لم تسفر عن أي تقدم.
في المقابل، لم تعد بعض القوى المعارضة تثق في أي تعديل أو إمكانية حدوث انفتاح ديمقراطي باتجاه نظام ملكي برلماني، وبالتالي رفعت شعارات تنادي بإسقاط النظام في المسيرات الأخيرة. لكن الأخطر من ذلك، وجود مؤشرات لانتشار العنف، فوفق وزارة الداخلية البحرينية لقي موظف مصرعه وجرح سبعة آخرون بعد الانفجار الذي استهدف حافلة للشرطة. ويعقب المسقطي رئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان على تصريحات الداخلية البحرينية، مشيرا إلى عدم وجود جهة محايدة للتحقيق في ملابسات الانفجار. مؤكدا في الوقت ذاته أنه "كلما تعرض الإنسان للقمع، كلّما أصبح أكثر عنفا"، ولهذا لا يستبعد المسقطي "انفلات الأوضاع إذا ما استمرت الأمور على ما هي عليه سنة أخرى".