"شارلي إيبدو" في الذكرى الأولى للإعتداء على هيئة التحرير
٧ يناير ٢٠١٦رغم أن موجة التضامن الكبيرة مع "شارلي إيبدو" قد انتهت، إلا أن المجلة الساخرة لا زال لديها جمهور. أحد هؤلاءهوالشاب باول، في بداية الثلاثينات، ويعمل مستشارا إداريا. يقول باول إنه يشتري شارلي إيبدو بانتظام "أحب طريقة تعاملهم مع القضايا الدولية، وكذلك طريقة تناولهم لتطورات معينة في المجتمع الفرنسي".
صوت ضد اللباقة السياسية
"لقد وجدت شارلي لهجة حازمة ومعاصرة"، يقول باول، الذي يحب أن يبقى إسمه غير معروف. ويضيف إن المجلة تشكل تصحيحا للباقة السياسية. لأن بقية الصحافة في فرنسا لديها ارتباط وثيق بالمعسكرات السياسية وتسير مع التيار.
لوران سوريسو هو رئيس التحرير الحالي لشارلي إيبدو، وتولى هذا المنصب بعد الهجوم الدموي على الصحيفة في السابع من يناير/ كانون الثاني 2015. وبمناسبة الذكرى السنوية الأولى لهذا الاعتداء كتب سوريسو المقالة الافتتاحية للعدد الجديد، يستقطب فيها كافة التوجهات. فهو يهاجم المتطرفين من بين المسلمين وبنفس القدر أيضا المؤمنين من بين الديانات الأخرى، الذين في رأيه " راهنوا على فشل شارلي إيبدو".
ويشتهر سوريسو باسم "Riss" (ريس) ويقول "لم يكن ليتصور أن يقتل دين في فرنسا صحفيين في القرن الـ 21". ويتابع أنه يراهن على "قناعة الملحدين والعلمانيين، الذين يمكنهم عمل معجزات أكثر من المؤمنين".
وفي مقابلة مع قناة بي أف أم التلفزيونية الفرنسية (BFMTV) دافع سوريسو عن صورة غلاف العدد الجديد لشارلي إيبدو ضد الانتقادات، وبالتحديد لانتقاد السياسي المحافظ آلان جوبيه، الذي يرى أن تمثيل "الرب" على أنه إرهابي "ليس أمرا مضحكا". ورد سوريسو قائلا: "لماذا هذه الإثارة، فشيء كهذا كنا نفعله دائما". وتابع "ريس": "المرء لديه الحق في العيش بدون إله، وهذا تقليد في فرنسا منذ فولتير."
ويؤكد باول، المتابع لشارلي إيبدو: "الأهم هو أن تكون هناك حرية متفقة أو رافضة للآراء الخاصة بأي صحيفة." ويوضح باول أنه لا يتفق مع كل ما تنشره شارلي إيبدو، لكن الرسوم الكاريكاتيرية والمقالات تخلق دائما مجالا للنقاش.
الحفاظ على الحرية في فرنسا
مجلات أخرى تناولت هذا الأسبوع أيضا موضوع الحرية في المجتمع الفرنسي. فمجلة "ماريان" كتبت على صفحتها الأولى "اضحك، اسخر، استفز- وهذه هي فرنسا". وهذا صحيح، يقول لويس، الذي اشترى أيضا العدد الخاص من "شارلي إيبدو" ويتابع: "هذه هي المثل العليا التي يجب علينا الحفاظ عليها". ويؤكد لويس أنه يشتري المجلة الساخرة مرتين أو ثلاث فقط في السنة، لكنه يجد أنه بمناسبة ذكرى الاعتداء على هيئة تحرير المجلة، فإنه من المهم إظهار التضامن معها. ويشعر لويس بارتباط أكبر بالمجلة مقارنة مع الماضي: "شارب وكابو وولينسكي، لقد كانوا رسامي مرحلة شبابنا". وفي رأي لويس، لا أحد من الرسامين الجدد يصل إلى مرتبتهم. وهو يعتبر أن هذا التقليد، والتهديد المستمر يتسببان حاليا في ظهور مشاكل لشارلي إيبدو. فمن الصعب جذب المواهب الجديدة. كما أن بعض الناجين من الهجوم مثل رسام الكاريكاتير رونالد لوزيه (لوز) تركوا العمل بالمجلة بسبب ضغط الأحداث الحالية.
المطاعم بعد الموجة الثانية من الهجمات
الحي وراء ساحة الباستيل يعاني الآن ليس فقط من أحداث الهجوم على شارلي إيبدو. فأحمد بائع الجرائد في أحد الأكشاك يرى أن الأجواء مكتئبة منذ الموجة الثانية من الهجمات ، والتي وقعت في مسرح باتاكلان والعديد من المطاعم. ويضيف أحمد: "في عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة كانت فارغة حتى النصف"، مشيراً إلى المطاعم المحيطة به.
ويضيف أحمد أن الناس قلقون، فقد انخفض عدد السياح بشكل كبير، وهو يكاد لا يبيع تذاكر لجولات الحافلات عبر المعالم السياحية، "في المرة الأولى اعتدوا على الصحفيين، ونحن جميعا أظهرنا تضامننا"، يقول أحد السكان. لكن في المرة الثانية اعتدوا على الشباب في كل أنحاء فرنسا، الآن يجب على الجميع الوقوف لمواجهة أعمال العنف هذه، كما يستخلص المتحدث.
هذا الصباح باع أحمد نسخة من شارلي إيبدو ربما كل عشر دقائق. ويقول إن ذلك لا يمكن مقارنته بالعام الماضي حينما كان الناس يصطفون حتى مدخل المحل لشراء العدد الأول بعد الهجمات. اليوم لديه العديد من النسخ الكافية لكل المشترين، لكن الاهتمام بها انخفض كثيرا جدا.
بمناسبة ذكرى مرور عام على الاعتداء على محرري المجلة تم الآن طبع مليون نسخة. وربما ستجد من يشتريها، لكن لم يعد هناك ذلك النجاح المدهش. عادة يبيع أحمد 25 نسخة من كل عدد من شارلي إيبدو، ويقول: "إنهم يطبعون من العدد الواحد نحو مائة ألف نسخة كما أن لديهم حوالي مائتي ألف مشترك، وأمورهم حقا تسير جيدا حاليا." مراقبون في وسائل الإعلام الفرنسية يتوقعون أن المجلة الساخرة أصبحت الآن من أغنى المنشورات ، مما أدى أيضا إلى حدوث نزاعات داخل هيئة تحريرها.