شابة سورية تتحدى المألوف وتصبح أول حكواتية
١٥ مارس ٢٠١١عندما يتعلق الأمر بمهنة "الحكواتي" التي اشتهرت بها المقاهي الدمشقية على مدى قرون لم يكن يخطر على بال أحد أن يمارسها أحد سوى الجنس الخشن. هذه المهنة التي تعني برواية القصص والحكايات الشعبية، لاسيما البطولية منها عن تاريخ العرب بطريقة مؤثرة وممتعة ومسلية بقيت عبر تاريخها حكرا على الرجل إلى أن ظهرت مؤخرا أول امرأة حكواتية على مسرح تقديم هذه الحكايات.
إنها الشابة السورية نورا عجيب، التي قررت أن تكون أول امرأة تنافس الرجل على مهنة احتكروها منذ قرون. نورا التي تحمل كحكواتية لقب "قطر الندى"، وتدرس ماجستير الفلسفة في جامعة دمشق لا تريد هذه المنافسة وحسب، بل أيضا جعل الحكايات ممتعة وجاذبة أيضا لعالم النساء. "عندما كان الرجال فقط يروون الحكايات قديما كان جمهورهم عادة من الذكور"، تقول نورا في مقابلة خصت بها دويتشه فيله، مضيفة "أما اليوم فإن وجود امرأة تمارس مهنة الحكواتي سيدفع المزيد من النساء للحضور إلى المقاهي لمتابعة الحكايات الشعبية جنبا إلى جنب مع الرجال".
"نموذج لامرأة سورية جريئة"
عندما قررت نورا العمل كحكواتية لم يستغرب الكثير من الناس فقط، بل نظر الكثير من الرجال أيضا إلى الأمر باستهجان واستخفاف، فيما ذهب بعضهم إلى حد اعتباره حرام. "لا يمكن لامرأة أن تمارس مهنة ليست لها فهذا حرام، من ثم كيف ترتدي الطربوش والعباءة الذي يرتديها الرجل؟"، كما يقول سليمان مستت ويضيف "أن تقمص امرأة شخصية رجل يدل على انتشار عادات سيئة في المجتمع السوري".
غير أن انعام ابراهيم التي ترتاد مقاهي الحكايات الشعبية حيث تقدم نورا حكاياتها فترى بأن ممارسة مهنة الحكواتي من قبل امرأة "أكبر دليل على قدرة المرأة السورية على مزاولة مختلف المهن مثلها مثل الرجل"، معربة عن أملها في تتحقق مزيد من المساواة بين المرأة والرجل. وتصف انعام، نورا بأنها نموذج لامرأة سورية جريئة وقادرة على المساهمة في تغيير ثقافة العمل نحو الأفضل في مجتمع ذكوري كالمجتمع السوري. أما ماجد حمود، وهو أيضا من رواد مقاهي الحكايات الشعبية، كان ممتعضا في البداية من فكرة قيام امرأة بسرد حكايات شعبية وهي ترتدي الطربوش والعباءة، غير أنه غير رأيه عندما شاهد الحكواتية الجديدة تجيد تقديم المعلومة وتشويق الجمهور كما يفعل الحكواتي، ولكن بلمسة أنثوية على حد قوله.
مضمون جديد للحكايات الشعبية
تقدم نورا حكاياتها في إطار المشروع الشبابي "فرقة عالبال الحكواتي" الذي يهدف إلى تقديم الحكايات الشعبية بطريقة مسلية ومؤثرة، فضلا عن تقديم المنفعة والمساعدة في تأهيل الشباب. فالفرقة تقدم في إطار أمسيات خاصة دروس المواد النظرية في المرحلة الثانوية بأسلوب الحكاية وذلك من أجل خلق تفاعل بين الطالب والدرس، لاسيما أن هذه الدروس ذات طبيعة جافة، كما تقول نورا.
وفي هذا السياق يقول محمد خيربك، أحد مؤسسي مشروع الحكواتي، في حديث خاص مع دويتشه فيله، بأن أغلب الطلاب يواجهون على سبيل المثال مشاكل في بعض المواد التعليمية كالفلسفة والتاريخ، لذا نقوم بعملية "ربط دروس هذه المواد مع شخصيات الحكواتي، بحيث تكون هذه الشخصيات وسيلة إيضاح حية ومباشرة للدرس، كما قمنا بإدخال نكهة جديدة على الحكاية وهي الموسيقى المرافقة عبر آلة العود الشرقية".
شخصية جديدة في مسرح الظل
ومن الأشياء الجديدة التي أدخلتها نورا وزملائها في إطار مشروعهم إلى مهنة الحكواتي دخول شخصية أنثوية على شخصيتي مسرح الظل التاريخي "كركوز وعواظ". إن تواجد هذه الشخصيات ضمن عملنا في التدريس مهم جدا ،حيث أضفنا إلى "كركوز وعواظ" أول شخصية نسائية في خيال الظل وهي "خاتون خانم" التي نقدمها بصوت نورا" كما يقول طارق زوادي، أحد أعضاء الفرقة ومحرك شخصيات كركوز وعواظ. كما يقدم أعضاء الفرقة الغناء الفردي "الذي يتكلم فيه المطرب عن نفسه وليس في وصف أو مدح شخص ما، إذ إن هذا اللون دخل حديثا على الغناء العربي، بحيث يكون بمثابة فقرة تستخلص حكمة وعبرة من كل ما قدم"، على حد تعبير محمد خيربك.
عفراء محمد - دمشق
مراجعة: طارق أنكاي