شاب ألماني يروي ماضيه النازي وكيف تخلص منه..
٢٨ يونيو ٢٠١٢
الباحث عن معلومات حول حياة كريستيان في الإنترنيت، يجد عددا كثيرا من صوره وهو يغني ويعزف على القيثارة أو هو يشارك في مسيرة للنازيين الجدد مرتدياً اللباسَ النازيَ الأسودَ خلال الأنشطة التي ينظمها النازيون الجدد. هذه الصور لا تنتمي للماضي البعيد، فقبل حوالي ثلاث سنوات كان فايسبرغر من أبرز الوجوه وأشهرها داخل تنظيم النازيين الجدد في ولاية تورنغن شرق ألمانيا حيث قدم إلى جامعة فريدريش شيلر في مدينة ينا لدراسة الفلسفة.
الطلبة اليساريون تصدوا لفايسبرغ
بعد دخول فايسبرغر إلى الجامعة توجهت إليه أنظار تحالف طلابي من اليساريين الناشطين في مكافحة النزعات العنصرية. وكان هدف التحالف هو عرقلة المسار الدراسي لكريستيان، فقاموا بإخبار الأساتذة حول توجهاته العنصرية ونظموا مسيرة احتجاجية قرب بيته، ولونوا جدران البيت، وأتلفوا علبة رسائله أكثر من مرة. وكان فايسبرغر يستغرب لكل تلك الحملات الموجهة ضده، لأنه كان يعتقد أنه قطع علاقته بالنازيين الجدد ولم تعد تربطه بهم أية صلة.
فايسبرغ ضحية الأب؟
ويروي فايسبرغر عن طفولته بقوله "في الفترة مابين 14 و18 سنة من عمري، كنت نازيا من حيث قناعاتي الإيديولوجية". ولما صار عمره 20 سنةً، أصبح اهتمامه ينصب على الفلسفة والنظريات الاجتماعية والتيارات السياسية. ويضيف " لقد أردت أن أجري عملية نقدية للأفكار التي شغلتني منذ بدايات مرحلة شبابي". في بداية مرحلة الشباب كان فايسبرغ شاباً اندفاعياً، ساذجاً وعنيدا. ويتذكر يوم كان والده يأخذه إلى المظاهرات ضد قرار خفض المساعدات الاجتماعية الحكومية، ولم يكن عمره يتجاوز حينها 14 سنةً. وعلى هامش تلك المظاهرات كان تقف مجموعة من الشباب النازيين لا يكبرون فايسبرغر بكثير، يدعمون في هدوء المتظاهرين العنيفين. ويقول فايسبرغر متذكرا تلك الفترة "لقد انبهرت بذلك وانضممت إلى المجموعة".
على هذا النحو اعتنق فايسبرغر الأفكار النازية المتطرفة: "رفاقي في التنظيم النازي كانوا بمثابة بديل عن العائلة، التي لم أكن أتوفر عليها بعد". وبسرعة فائقة تعلم أن يكتب خطبا نازية مقنعة، يلقيها على مسامع رفاقه. أكثر من ذلك، أسس فايسبرغر مجموعة غنائية وقدم عروضا غنائية في الأماكن العامة. كان الهدف الذي يسعى حينها لتحقيقه هو بناء دولة ألمانية جديدة، وكان ضد الديمقراطية وإدماج الأجانب.
عندما بلغ فايسبرغ 18 سنة أصبحت قناعاته تعرف نوعا من الاهتزاز، وأصبح الماضي السياسي الذي عرفته ألمانيا لا يفارق ذهنه، ويقول "كانت القاعات مليئة بالشعارات التي تنفي المحرقة النازية ضد اليهود وبالشعارات المعادية للأجانب، وهو ما أصبحتُ أجده مقرفًا". وبمعية أصدقاء ذوي توجهات يسارية، بدأ فاينسبرغ يتقاسم أفكاره الجديدة للمشهد السياسي الألماني، ليختاروا جميعا طريقا وسطا بين العنصرية والرأسمالية، معتقدين بذلك أنهم أخذوا مسافة بينهم وبين التصورات السياسية العنصرية لهيتلر، لكنهم شاركوا مرات أخرى في حفلات ونشاطات نظمها التنظيم النازي.
مساعدة من الخارج
رفقة اثنين من أصدقائه، صمم فايسبرغ، وبجدية، على الانفصال عن تنظيم النازيين الجدد. بدأ الدراسة في ينا لكن صورة النازي الجديد لازالت تطارده داخل أسوار الجامعة، ليلجأ إلى طلب المساعدة من برنامج "الخروج"، الموجه لمساعدة الراغبين في ترك التنظيمات العنصرية. دخل فايسبرغ في نقاشات مع زملاء الدراسة حول ماضيه النازي وروى لهم التجارب التي عاشها في أحضان تنظيمهم. رغم ذلك، كان بعض زملاء الدراسة ينظرون إليه بغضب شديد، لكن زملاء آخرين صدقوا خطوته بالتخلي عن توجهاته النازية السابقة.
وينشط فايسبرغ حاليا في مجلس الكلية كممثل للطلبة، وأصبح لا يأكل إلا النباتات، لا يشرب الخمر ولا يستهلك المخدرات. ما يثير الانتباه هو قدماه العاريتان لكونه لا يلبس الحذاء حتى ولو في فصل الشتاء، معتقدا أنه بذلك "يشعر ببيئته بشكل جيد" كما يقول. أما طريقة اللباس النازية، فلم تكن تناسبه إطلاقا. ويتأسف فايسبرغ على كون أناس كثيرين لم يستوعبوا بعد أن التيارات اليمينية المتطرفة ليست موحدة بل هي متشعبة ومتعددة، ويقصد بذلك أيضا العديد من زملائه في الدراسة، الذين يرفعون، حسب رأيه، شعارات تعبوية جديدة للفكر اليميني المتطرف، سمع هو شخصيا العديد منها.
راينر إريكس/ عبد الرحمان عمار
مراجعة: حسن زنيند