سنة العراق في مواجهة "داعش"
٢٣ مايو ٢٠١٥تتباين الرؤى حول ما يجري في العراق، فسقوط الرمادي، وتحرير تكريت، وسقوط أبرز المحافظات السُنية تحت سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف إعلاميا باسم "داعش"، وفشل الجيش العراقي، وهروب الفرق العسكرية والكتائب وترك أسلحتها غنائم للتنظيم المتطرف. كلها أمور أصبحت تشكل تناقضات على المستويين السياسي والعسكري، الأمر الذي أطلق مطالب بضرورة تعاون أكبر بين شيعة العراق وسنته لإيقاف تمدد الإرهابيين.
قدرة السنة على محاربة داعش
الباحث والمحلل السياسي العراقي كريم بدر في حوار مع DWعربية ذهب الى أن السنة في العراق، "لا يملكون في الوقت الحاضر الكثير من الأوراق لمحاربة داعش". ويؤكد بدر على أن "التنظيم الإرهابي بالرغم من عدم قدرته على الانسجام مع أي تجمع إنساني في العراق، إلا أن أفكاره نابعة بالأساس من أفكار متطرفة موجودة في المذهب السني". هذا الأمر جعل من السنة غير مؤهلين ـ بحسب بدرـ أن يواجهوا داعش في المناطق التي يديرونها، ويستشهد الخبير بسقوط مدينة الرمادي السنية بيد داعش، في حين استطاع الشيعة من تحرير مدينة تكريت والمحافظة على الأراضي التي بحوزتهم.
إلا أن الإعلامي العراقي عبد الرزاق عكار في حوار مع DWعربية، أشار الى أن السنة "هم أكثر المتضررين من إرهاب داعش مقارنة بغيرهم من العراقيين". فداعش تتمدد على أرضهم، وآلاف العائلات السنية شردت وهربت من أماكن سكناها، كما أن سلسلة القتل المنهجي الذي تتبعه داعش ضدهم، توضح عمق الصراع الدائر بين سنة العراق وتنظيم الدولة الإسلامية. لذلك فأن التخلص من داعش هو مصلحة سنية مهمة كما هو مصلحة عراقية.
صحيفة خليجية :" رحب العديد من السنة بمقاتلي داعش "
ويرى مراقبون أن رفض السنة لدخول قوات الحشد الشعبي إلى الأنبار وتخوفهم من انتشارها في المحافظة السنية ساهم في تسليم مدينة الرمادي وهي مركز الانبار لعناصر تنظيم داعش دون قتال يذكر. وكانت صحيفة الخليج الجديد قد تساءلت على موقعها الإخباري الالكتروني عن سر التقدم السريع لداعش في المحافظات السنية العراقية؟ وخلصت الصحيفة إلى أن استيلاء التنظيم المتطرف على رقعة هائلة من الأراضي العراقية، هو دليل واضح على غربة المجتمعات السنية وتهميشها ، حيث رحب العديد من السنة بمقاتلي داعش بصفتهم "محررين" لهم من الظلم الطائفي الذي مارسته القوات الحكومية أيام حكومة المالكي السابقة على حد وصف الصحيفة.
و يعترف عكار بحدوث تجاوزات وأخطاء "ساهمت في التنافر السني الشيعي"، إلا أنه يؤكد بأن ما حدث "لم يكن مدبرا"، كما تحاول أن تظهره بعض الأطراف الخارجية، فالعراق كما يقول الإعلامي العراقي شهد انهيارا كاملا لمؤسساته ولدولته منذ إسقاط نظام صدام حسين عام 2003، وكان على العراقيين البدء من جديد من نقطة الصفر. لذلك فان الأخطاء التي حصلت كانت "واردة وطبيعية في هذه المرحلة" والتي لم تكن وردية، لليس للسنة فقط بل لجميع طوائف العراق، ويضيف "إعادة البناء رافقه صراع على السلطة بين السنة والشيعة، ما ساهم في المزيد من الاحتدام". العراق الآن أمام مرحلة جديدة تهدد جميع سكانه وطوائفه. فحالة التشرذم التي يعيشها العراق ساهمت في تمدد داعش وجعلت جميع سكانه في لائحة الاستهداف.
ماذا بحوزة سنة العراق؟
يرى كريم بدر أن السنّة عندما قاتلو داعش لم يواجهوها من منطلق عقائدي، بل كان منطلقهم عشائريا بحتا. ويضيف الباحث السياسي بأن داعش منظمة إرهابية دولية شرسة، وللتخلص منها يتوجب على العراقيين إيجاد ما يسمى "بالضد النوعي" ( كناية عن إيجاد قوة مماثلة لداعش) بحيث يكون هذا الضد قادرا على شحن مقاتليه بعقيدة مضادة تماما كتنظيم داعش. لذلك وبحسب بدر "فأنه من الصعب على السنة وحدهم أن يكوّنوا هذا الضد، بل يجب إيجاد مركب سني شيعي عراقي قادر على المواجهة. فالشيعة كما يرى "مهيأين بشكل أكبر لمحاربة داعش لأنه بالأساس وجد لمحاربتهم".
ويؤكد بدر أن الأسلحة لوحدها غير كافية للنصر إن لم تصاحبها عقيدة قتالية. مقارنة ما حصل في مدينة الرمادي بما جرى في تكريت، قال بدر بأن إعادة نموذج تحرير تكريت "غير صالح" في الرمادي، نظرا لأن عناصر تنظيم داعش ألان يحتمون بالسكان ما يصعب عملية قصفهم. ففي تكريت "هرب معظم السكان ما أدى إلى إمكانية قصف داعش بفعالية". تنظيم "الدولة الإسلامية" كرر عملية احتلال الموصل مرة أخرى.
من جهته يرى الإعلامي عكار أن السنة يمكن أن يلعبوا دورا كبيرا جدا في محاربة داعش، فالتنظيم المتطرف يحاول أن يستقطب شباب السنة بإيهامهم بأنه البديل السني أمام التكتل الشيعي. لذلك فان وجود السنة في التحالف ضد داعش ينزع الشرعية التي يحاول الحصول عليها، بالإضافة إلى أن وجود السنة في التحالف ضد داعش هو صمام الأمان لمنع اندلاع حرب مذهبية.
القضاء على " داعش" حسب تودنهوفر
وكان الناشر والكاتب السياسي يورغن تودنهوفر عضو البرلمان الألماني السابق الذي عاد من زيارة لتنظيم الدولة الإسلامية، قد صرح في مقابلة أجرتها معه صحيفة دي فيلت ، أن الحل الأمثل للتخلص من التنظيم المتطرفيكمن في إلغاء أسباب وجوده، لأن وجوده هو نتيجة لما حصل في حرب العراق وتدمير الدولة وحل الجيش واضطهاد السنة الذين يشكلون نسبة كبيرة من سكانه كما يرى تودنهوفر. الكاتب الألماني ذهب إلى أن استقطاب السنة ودمجهم بعدل في مرافق الدولة وإلغاء التمييز، سيكون دافعا لهم للثورة على حكم " داعش" والقضاء عليه، فالعنصر السني حسب رأيه هو الوحيد القادر على القضاء على تنظيم " الدولة الإسلامية" دون أن يتحول الصراع على الأرض إلى طائفي أو مذهبي .