سياسي ألماني: تعليق المغرب التواصل مع سفارتنا أمر غير مسبوق
٣ مارس ٢٠٢١الاثنين الماضي (الأول من آذار/مارس 2021) كشف موقع Medias24 الإخباري المغربي عن رسالة لوزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، طالب فيها القطاعات الحكومية المغربية بتعليق "أي اتصال" مع السفارة الألمانية والمنظمات الألمانية المرتبطة بها. وكان السبب المذكور في الرسالة هو "سوء تفاهم عميق" مع ألمانيا بشأن "قضايا أساسية للمملكة المغربية".
وعلى ما يبدو لم يتم إخطار السفارة أو المنظمات الألمانية بالأمر حتى يوم أمس الثلاثاء. ولم يصدر أي إعلان رسمي من الجانب المغربي حتى اليوم الثلاثاء. كما رفض متحدث باسم وزارة الخارجية في برلين التعليق على الأمر. وذكرت مصادر من برلين: "أُحطناً علما بالتقارير الإعلامية".
للتعليق على هذا التطور في العلاقات المغربية-الألمانية، حاورت DW مقرر شؤون إفريقيا في كتلة الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) في البرلمان الألماني الاتحادي (بوندستاغ)، أورليش ليشته:
DW: ما المعلومات التي لديك عن القضية؟
أورليش ليشته: الرسالة موجودة بالفعل وفيها توجيه لرئيس الوزراء وللحكومة وكل الجهات الرسمية بتعليق العمل مع السفارة الألمانية والمؤسسات الألمانية كالوكالة الدولية للتعاون الدولي GIZ وكل المؤسسات المقربة من الأحزاب الألمانية العاملة في المغرب كمؤسسة كونراد أديناور ومؤسسة هاينريش بول ومؤسسة فريدريش ناومان ومؤسسة هانز-زايدل.
اقرأ أيضاً: توتر "الكركرات".. هذه حقائق النزاع على الصحراء المغربية
هل من الصواب انتقاد موقف المغرب من الصحراء الغربية؟ الولايات المتحدة على سبيل المثال اعترفت بحق المغرب في الصحراء.
أورليش ليشت: حسب الظروف الحالية نعتقد أن السبب هو موقف ألمانيا من قضية الصحراء، ونتفق بالرأي مع معظم شركائنا الأوربيين في موقفنا من قضية الصحراء.
في كانون الأول/ ديسمبر الماضي وفي الأيام الأخيرة لإدارة (دونالد) ترامب اعترفت الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء، واعتبر ذلك جزءاً من صفقة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل. واليوم بعد أن ربح (جو) بايدن الانتخابات أعتقد أن المغرب يحاول الاستفادة من تلك المفاوضات الأخيرة في عهد ترامب.
هذا التصرف تجاه السفارة الألمانية، الذي هو بالمناسبة فريد من نوعه في السنوات الأخيرة، واضح أنه رسالة لألمانيا. ولكن كل ذلك مجرد تخمينات، لأنه لم يصل وزارة الخارجية الألمانية أي إعلان رسمي من الجانب المغربي، ومن هنا فأنا أخمن فقط.
هل تريد الحكومة المغربية إرسال إشارة إلى أوروبا أنها تشعر بالقوة في قضية الصحراء؟
هذا هو ما يظنه كل خبراء الشأن المغربي في هذا الوقت، لأنه لا توجد مسائل أخرى في الوقت الحالي (تعكر صفو العلاقات). هناك حكم من محكمة العدل الأوروبية بشأن مصائد الأسماك في الصحراء المغربية، الذي اعتبر الصحراء الغربية منطقة تم ضمها للمغرب، وهو الشيء الذي فعلته المغرب. وهذا حكم القضاء.
وهناك أيضاً ما يجري في الأمم المتحدة بخصوص الصحراء. أنا رئيس لجنة الأمم المتحدة البرلمانية الفرعية في البرلمان الألماني. وألمانيا دعت بعد اعتراف ترامب الأحادي الجانب بمغربية الصحراء إلى جلسة لمجلس الأمن بخصوص الصحراء. وهذا لم يكن بالطبع في مصلحة المغرب.
تتمنى المغرب من كل قلبها أن يعترف الاتحاد الأوروبي وألمانيا كواحدة من أقوى الدول بإجراء ترامب. ولكننا نراهن، كما كنا في السابق، على العملية الأممية رغم الصعوبات التي تواجهها والتي لم تحرز أي تقدم منذ عقود. وموقف ألمانيا له خصوصية؛ إذ ان المفوض الأممي الأخير بقضية الصحراء هو الرئيس الألماني الأسبق هورست كولر، الذي استقال لأسباب صحية.
كانت هناك على الدوام رغبة بان يقرر الصحراويون فيما إذا كان يرغبون بأن يصبحوا جزءاً من المغرب أو تكون لهم دولة خاصة بهم. المشكلة هي أن المغرب يدير منذ 1976 و1979 أجزاء كبيرة من الصحراء وفي هذه المدة انتقل مواطنون مغاربة للعيش في تلك المناطق من الصحراء التي يديرها المغرب. ومن هنا يبرز السؤال: من يحق له المشاركة بالاستفتاء على مصير الصحراء؟ ولكن لنكن صريحين: لن يجري الاستفتاء إلا بموافقة الطرفين. وبعد ما جرى منذ مدة من نزاع حدودي (معبر الكركرات) من خرق لوقف إطلاق النار الذي استمر لمدة 29 عاماً، أرى أن الاستفتاء لم يعد ممكناً.
إلى أي مدى يمكن أن يؤثر هذا التطور على العلاقات المغربية-الألمانية؟
كما قلت، هذا وضع فريد من نوعه. إما أن يتم استدعاء السفير والحديث معه عما لا يعجب الدولة أو تحاول تلك الدولة الحديث مع مستوى أعلى في الدولة الأخرى كوزير الخارجية أو ما شابه. لم يحدث مثل هذا التصرف من قبل: تقوم دولة ببساطة ومن طرف واحد بتعليق العلاقات للسفارة والمنظمات الأخرى الحكومية أو نصف الحكومية المقربة من الأحزاب.
ننتظر كلنا مواقف ربما تأتي من السفيرة المغربية في ألمانيا لتوضيح الأمر للجهات الألمانية. ربما قد يكون أحد أسباب عدم تناول الرسالة بشكل كبير في وسائل الإعلام هو ببساطة الانتظار حتى تتضح الصورة. ولكن من المؤكد ان الرسالة موجودة وهناك ضجة في المغرب.
الملك يعين وزير الخارجية وهو من أصدر التوجيه لوزير الخارجية بتعليق العلاقات مع السفارة الألمانية ومع كل المنظمات والمؤسسات في البلاد. نخمن أن موقف ألمانيا والاتحاد الأوروبي من قضية الصحراء هو الدافع لذلك القرار.
أجرت المقابلة: روزاليا رومانيك/خ.س