سياسة إسبانيا تجاه اللاجئين أمام منعطف جديد
٨ أغسطس ٢٠١٨لم يمر شهران على تقلد رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيس مقاليد الحكم حتى بات يواجه أزمة سياسية كبيرة. مئات المهاجرين الأفارقة تجاوزوا في الأسبوع الماضي في شمال إفريقيا السياج الحدودي في مدينة سبتة الإسبانية. والمشاهد المثيرة لعملية العبور أثرت على الرأي العام. وأفادت الشرطة الإسبانية أن 22 من عناصرها أصيبوا بجروح أثناء العملية التي انتهت بوصول 602 من الأشخاص بنجاح إلى الأراضي الإسبانية.
وفي الوقت نفسه يعبر في هذا الصيف بشكل متزايد الكثير من الأشخاص على متن قوارب مطاطية مضيق جبل طارق: أكثر من 22.000 لاجئ دخلوا إلى حد الآن، حسب وزارة الداخلية الإسبانية بصفة غير شرعية من إفريقيا إلى إسبانيا. وتعود الزيادة في عدد الوافدين على إسبانيا بشكل اساسي إلى إغلاق الطريق البحري إلى اليونان وإيطاليا.
سانشيس في وجه الانتقادات
تأتي هذه الأزمة بالنسبة إلى بيدرو سانشيس وحزبه الاشتراكي في وقت سيء، ففي 27 يوليو/ تموز تكبدت حكومة الأقلية ضربة قوية عندما رفض البرلمان اقتراح حزبه الاشتراكي تحديد الحد الأقصى للديون. وغالبية الأحزاب التي ساعدت سانشيس عبر اقتراع سحب الثقة ضد سلفه ماريانو راخوي على الوصول إلى الحكم امتنعت عن التصويت وتكبد سانشيس بالتالي هزيمته الأولى.
لا يتوقع مراقبون أن يتأثر دعم حكومة الأقلية بسبب قضية اللجوء، لكن الأمور لن تصبح في الأيام المقبلة سهلة بالنسبة إلى رئيس الوزراء: " الحكومة في وضع ضعيف، لأن مواقف الأحزاب التي يعتمد عليها سانشيس في كل مبادرة مختلفة جدا"، يقول خبير الشؤون السياسية خوسي فرنانديس ألبيرتوس من المجلس الأعلى للبحوث العلمية.
والصحفية كريستينا فالاراس توضح أن الحكومة لها مشاكل أقل مع شركائها مقارنة مع المعارضة التي قد تحاول استغلال الموضوع سياسيا. وتعتبر فالاراس أن رئيس الوزراء سانشيس يوجد في مأزق: " الحكومة تتشاجر فيما إذا كانت ستتبع نهجا متشددا أم ناعما. أعتقد أنها لا يمكن إلا أن تخسر بهذا الموقف".
الخبير فرنانديس ألبيرتوس يعتقد أن الهجرة بالنسبة إلى إسبانيا على المدى الطويل قد تكون نافعة. لكن المشاهد المثيرة من سبتة تؤثر على الوعي الجماعي للإسبان. "الناس يشاهدون عبر التلفزة كيف أن النظام العام في مدن وعلى شواطئ يعرفونها يتأثر. ويرون رجال شرطة مجهدين لا يعرفون ما يحصل لهم. وهم ينتظرون أن تتم استعادة السيطرة".
وحتى لو أن عدد أولئك الذين يصلون إلى البلاد يبقى قليلا، فإن ظهورهم في وسائل الإعلام يبقى كبيرا. وهذا قد يغير الجدل، كما يعتبر خوسي فرانانديس ألبيرتوس. وحادثة سبتة قد تنهي سياسة الأذرع المفتوحة التي استهلتها الحكومة باستقبال 630 لاجئا كانوا على متن سفينة "أكواريوس/ "Aquarius في يونيو/ حزيران الماضي بعدما رفضت إيطاليا رسو السفينة في أحد موانئها.
"الحزب الاشتراكي يدرك أن ناخبيه متقدمون نسبيا في السن ولا يثقون في الغالب في سياسة الحدود المفتوحة. وهو يعلم أن خصومه السياسيين يستغلون الموضوع"، يقول لويس كورناغو، خبير مستقل مهتم بالشعبوية اليمينية.
التنافس في المعسكر اليميني
في الوقت نفسه اتخذ الرئيس المُنتخب مؤخرا لحزب الشعب المحافظ، بابلو كاسادو موقفا مناهضا للهجرة. وكتب زعيم أكبر حزب معارض عبر موقع تويتر:" ملايين الأفارقة ينتظرون فرصة العبور إلى أوروبا. ليس جميعهم بإمكانهم الحصول على وثائق إقامة، يجب علينا قول هذا حتى ولو أنه غير صحيح سياسيا". وبعدها بثلاثة أيام سافر كاسادو إلى الجنوب، وتم تصويره وهو يصافح مهاجرين.
ويرى خبير الشعبوية اليمينية لويس كورناغو بأن لدى السكان توجهات معادية للاجئين، ويعتقد أن الأحزاب اليمينية تريد استغلال هذه الأجواء. كما يرى بأن جزءا لا يُستهان به من السكان يخشى منافسة أقوى على الموارد الاقتصادية. أي أن "الموضوع يتناسب مع خوض التعبئة أو الدعاية السياسية".
وتوافق كريستينا فالاراس على هذا الرأي عندما تقول بأن المعارضة تختار التوجه نحو النهج المتشدد لوزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني للفوز بأصوات ناخبين. وتعتقد أن موقف كاسادو ليس إلا خطوة أولية في مسلسل تطور طويل المدى، مضيفة: "الآن يخوض حزب سيودادانوس وحزب الشعب منافسة مفتوحة من أجل أصوات الناخبين اليمينيين".
سانتياغو ساييز/ م.أ.م