سياسة أردوغان تجاه الأكراد.. القمع كتكتيك انتخابي؟
١٠ أكتوبر ٢٠٢٠أحدث حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) الموالي للأكراد الفارق في الانتخابات الكبرى الأخيرة في تركيا. وبشكل خاص الانتخابات المحلية في مارس/ آذار من العام الماضي التي ساهمت في تأكيد سمعته كـ "صانع للملوك". ففي خطوة ذكية ساهم في الهزيمة الانتخابية الأولى للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم، حزب العدالة والتنمية، بعدما سحبت قيادة حزب الشعوب الديمقراطي مرشحيها في بعض المدن وطالبوا ناخبيهم بالتصويت بدلاً من ذلك لمرشحي حزب الشعب الجمهوري المعارض (CHP) فبدون الدعم الكردي، كان فوز حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات في بعض المدن التركية غير وارد.
لكن هذه الخطوة التي أفادت حزب الشعب الجمهوري، سيدفع ثمنها حزب الشعوب الديمقراطي في الأشهر التي تلت الاستحقاقات الانتخابية. فخلال الأسبوع الماضي فقط، تم اعتقال 17 سياسيا ينتمي إلى الحزب الكردي.
أدلة مختلقة؟
عندما حاصر تنظيم "الدولة الإسلامية" مدينة كوباني ذات الأغلبية الكردية خلال الحرب الأهلية السورية قبل ست سنوات، دعت التكتلات الكردية - بما في ذلك حزب الشعوب الديمقراطي - إلى تنظيم مظاهرات لحمل الحكومة التركية على اتخاذ موقف أكثر حزما تجاه تنظيم "داعش". ولم تكن كل التظاهرات سلمية، حيث اندلعت آنذاك أعمال شغب في عدة مدن جنوب الأناضول، مما أسفر عن مقتل العشرات. ويقول المدعي العام الآن إن "جرائم القتل ومحاولات القتل وعمليات النهب" خلال أعمال الشغب هي سبب أوامر الاعتقال الصادرة.
بالنسبة لخبراء سياسيين وقانونيين تحدثوا إلى DW، فإن هذه الاعتقالات المتعلقة باحتجاجات كوباني هي ذريعة أخرى بالنسبة للحكومة التركية للتخلص من المعارضين المزعجين. وينتقد المحامي فيغان جاليكوسو من حزب الشعب الجمهوري قائلاً: "ما الدليل الذي يُفترض أنه ظهر فجأة بين عشية وضحاها، بحيث يمكن اعتقال 82 شخصًا؟".
وبالإضافة إلى 17 سياسياً من حزب الشعوب الديمقراطي، تم اعتقال أشخاص آخرين خلال الأشهر القليلة الماضية. وانتقد السياسي المعارض هذه الاعتقالات باعتبارها "لم تتم في إطار إجراءات التحقيق والادعاء المعتادة".
وذهب المحلل السياسي التركي بوراك بيلجيهان أوزبيك في نفس الاتجاه في تقييمه لموجة الاعتقالات الأخيرة. ويقول أوزبيك: "يبدو أن أحداث كوباني أصبحت أداة لنسف المواقف السياسية للحركة الكردية وحزب الشعوب الديمقراطي وحلفائه".
تكتيكات سياسية؟
نجحت مؤخرًا المعارضة في تركيا، التي كانت منقسمة غالبا في الماضي لأسباب أيديولوجية، في حشد قواها ضد حكومة أردوغان. وقد ظهر ذلك جليا بشكل خاص في الانتخابات المحلية العام الماضي، حيث وحدت مجموعة واسعة من أحزاب المعارضة – إسلاميين وقوميين وديمقراطيين اجتماعيين وليبراليين يساريين - رغم كل الخلافات السياسية، قواها لأول مرة ضد "عدوها المشترك" أردوغان. وبذلك أصبحت تمثل وحدة المعارضة إلى جانب الأزمة الاقتصادية، أحد أكبر التحديات التي تواجه أردوغان للاحتفاظ بالسلطة.
وعلى ضوء ذلك، يعتقد بعض خبراء السياسة الأتراك أن الحكومة التركية تحاول تشتيت صفوف المعارضة باستخدام القضية الكردية الحساسة للغاية، حيث تقوم حسابات السلطة، حسب مراقبين، على التالي: كتلة المعارضة تضم الجمهوريين ممثلين بحزب الشعب الجمهوري وحزب "الخير" (IYI) القومي. وأي تقارب بين هذين الحزبين وحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد الذي تتهمه الحكومة بـ"الإرهاب" قد يردع قاعدة الناخبين الأساسيين لديهما.
لكن من الواضح أن استراتيجية شرخ المعارضة، التي تحاول الحكومة التركية اتباعها، لم تحقق أي نجاح. فقد أبدى زعيم الاشتراكيين الديمقراطيين كمال كيليجدار أوغلو تضامنه مع سياسيي حزب الشعوب الديمقراطي مرة أخرى هذا الأسبوع؛ وانتقد موجة الاعتقالات منوها بالتعاون الجيد مع حزب الخير القومي. وقال كيليجدار أوغلو في كلمة بالبرلمان التركي "لا أحد يستطيع تدمير تحالفنا. سنقيم دائما علاقات طيبة".
آيدين أوستونيل/ع.ش