سوق عيد الميلاد ـ تقليد ألماني بات مهددا بسبب الإرهاب
٢١ ديسمبر ٢٠١٦تمثل أسواق عيد الميلاد تقليدا قديما في ألمانيا يلجأ إليها الناس لنيل قسط من الراحة ونسيان متاعب الحياة اليومية. وسوق عيد الميلاد هو فضاء للفرحة والاحتفال، و"الابتعاد عن مشاغل الحياة اليومية". كما يؤكد ذلك مانفريد بيكر هوبرتي، المتحدث الرسمي باسم أبرشية كولونيا.
وتفيد إحصائيات اتحاد منظمة المعارض بألمانيا أن نحو 85 مليون شخص يزورون سنويا أسواق عيد الميلاد بحثا عن الترفيه، وأقيمت في ألمانيا عام 2013 نحو 1.450 سوق لعيد الميلاد.
الضربة في مكان البهجة
استهداف مكان للفرحة والمشاعر الجميلة كان بالتحديد هو الهدف من الاعتداء الذي طال سوق عيد الميلاد في قلب العاصمة برلين، كما يرى بيكر هوبرتي، ويوضح ذلك بالقول "أعتقد أن ذلك هو أيضا هدف الاعتداء، أي إظهار أننا عرضة للهجوم في هذا المكان الذي لا تُستعرض فيه القوة، بل فقط المشاعر، وتوجيه الضربة في هذا المكان الحساس هو الجانب الحقير في هذا الاعتداء". ويشير هوبرتي، إلى أن أسواق عيد الميلاد ليس لها في الحقيقة أصلا علاقة بالدين المسيحي.
ويوجد أقدم سوق عيد الميلاد بألمانيا في مدينة دريسدن ويعود تاريخه لعام 1434. وتؤكد وثيقة أخرى تعود لعام 1628 وجود سوق عيد الميلاد بمدينة نوربنبيرغ منذ ذلك التاريخ.
تأثير مارتن لوثر على سوق عيد الميلاد
بما أن العمل كان ينتهي في فصل الشتاء في حقول الزراعة، وكان الناس يجمعون المؤن والتوابل تحسبا لفترة البرد القارص، فإن الأسواق كانت تقام في فترة عيد الميلاد في باحة مقر الكنيسة. وقال بيكر هوبرتي:"إذا توجه الناس من الضيعات المختلفة إلى المدينة الصغيرة لشراء شيء ما، التقوا بأناس آخرين لا يصادفونهم طول السنة. المكان كانت له صبغة اجتماعية. فالأسواق كانت تتيح إمكانية التواصل والتحاور بين الناس".
وجاء زمن الإصلاح البروتستانتي لتتغير أسواق عيد الميلاد، لأن القس مارتن لوثر كان يتطلع للقضاء على القديسين الكاثوليك، وفي مقدمتهم بابا نويل، ولم تعد توجد في أسواق عيد الميلاد فقط الدواب والبضائع، بل حتى الهدايا والمقتنيات الجميلة.
أسواق عيد الميلاد تعني التنوع
وتحولت أسواق عيد الميلاد مع مرور الزمن إلى مكان للاستهلاك يشمل مختلف المشروبات والمأكولات والمنتجات المختلفة الخاصة بفترة آخر السنة في أسواق كبيرة تجلب جموع الجماهير التي تجد ما يشبع رغباتها المختلفة إلى أن باتت هذه الأسواق تجد تقليدا لها في الخارج مثلا، في أوزاكا اليابانية أو شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية حيث توجد هناك نسخة من سوق عيد الميلاد الموجود بمدينة نورنبيرغ الألمانية المعروفة بكعكة الزنجبيل: وكانت نورنبيرغ في العصور الوسطى مركزا لتجارة التوابل. ويركز سوق عيد الميلاد بنورنبيرغ على عروض الصناعات الحرفية التقليدية، كما يقول ميشاييل فراس من قسم الشؤون الاقتصادية لمدينة نورنبيرغ الذي أوضح أن معظم أكشاك السوق تعرض منتجات فنية تقليدية.
تدابير أمنية مشددة في أسواق عيد الميلاد
ميشاييل فراس عاش 11 عاما بمدينة برلين وهو يعرف سوق عيد الميلاد الذي تعرض للاعتداء وسط العاصمة. وقال فراس:"في السابق كان البعض يشكو من وجود عدد كبير من عناصر الشرطة في أسواق عيد الميلاد، والآن باتوا يرحبون بانتشارها المكثف".
وبعد الاعتداء في برلين كثفت الشرطة من وجودها في مختلف أسواق عيد الميلاد بألمانيا التي شهدت ترتيبات أمنية إضافية كوضع حواجز عند بعض المداخل والممرات على غرار ما طُبق في سوق عيد ميلاد دريسدن.
ميشاييل فراس يقول بأنه سيزور في الأيام المقبلة سوق عيد الميلاد مع أبنائه. الموقف نفسه عبر عنه بيكر هوبرتي الذي قال:"أعتقد أن الناس لن يسمحوا بسلبهم تلك المتعة، وهم أذكياء إذا فعلوا ذلك. يجب نبذ الخوف من قلوبنا ، ومواصلة الذهاب إلى سوق عيد الميلاد".
لاورا دوينغ/ غابي رويشير/ م.أ.م