سهير الأتاسي: مظاهرة دمشق بداية لكسر حاجز الخوف في "مملكة الصمت"
١٥ مارس ٢٠١١"الشعب السوري ما بينذل "و"الله، سوريا، حرية، وبس"، كانت هذه بعضا من الهتافات التي استخدمها سوريون تظاهروا في سوق الحميدية العريق بالعاصمة دمشق، كذلك حاول آخرون النزول إلى الشارع في بعض المدن السورية الأخرى كحلب ودرعا، حسب معلومات من ناشطين سوريين نشروها على موقع فيسبوك. وكانت مظاهرة دمشق قد ضمت ما بين 150إلى 200 شخص، بحسب ما أفادته الناشطة والمعارضة السورية سهير الأتاسي في حديث خاص مع موقع دويتشه فيله. وكما جرت العادة في الدول العربية الأخرى، كان لموقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك دورا محوريا فقد دشنت صفحة "الثورة السورية ضد بشار الأسد" حملة تدعو للتظاهر.
وقد وصل حجم المشاركين في هذه الحملة، التي دعت إلى تظاهرات الخامس عشر من آذار، إلى أكثر من 40 ألف مشارك. وقد تناقلت بعض وسائل الإعلام أشرطة فيديو بثت على الفيسبوك، ويبدو أن المتظاهرين التقطوها ووضعوها على هذا الموقع. وقد أمكن سماع صوت الشخص، الذي كان على الأرجح أنه يلتقط الصور، وهو يقول "بتاريخ 15 (مارس) آذار هذه أول انتفاضة صريحة ضد النظام السوري. علوية وسنية ومن كل أطياف سوريا بدنا نوقع ها لنظام".
"مملكة الصمت" تخرج عن صمتها
وتوضح الناشطة السورية سهير الأتاسي أن التظاهرة في دمشق اعتمدت على عنصر المفاجأة، حيث بدأت في منتصف سوق الحميدية وتم تفريقها بالقوة واعتقال أربعة شباب. وتعبر المعارضة السورية عن تفاؤلها من بداية خروج السوريين إلى الشوارع حيث توصف سوريا بأنها "مملكة الصمت والخوف". وترى أن الشارع السوري، الذي راقب هذه المظاهرة، مازال يشعر بالذهول من وقوع هذا الحدث آملة في أن يفهم ويتعود على أنه يحق له المطالبة بحقوقه بنزوله إلى الشارع والتظاهر بطريقة سلمية، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن هذه أول تظاهرة تقام حول الأوضاع الداخلية للبلاد.
وتعاني سوريا منذ حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد من استخدام السلطة للوسائل القمعية للحد من حرية الرأي، حيث تسري في البلاد قوانين الطوارئ والأحكام العرفية واعتقال الناشطين السياسيين. وقد فرضت حالة الطوارىء في سوريا بعد وصول حزب البعث إلى السلطة في الثامن من آذار/ مارس 1963. وتشير المعارضة السورية إلى أن التظاهرات والاعتصامات، التي وقعت تأييدا لثورتي مصر وليبيا، استخدمت فيها الحكومة السورية الأساليب القمعية مثل الضرب والشتم والاعتقالات وتم إرسال "البلطجية" إلى المعتصمين لتهديدهم. وأوضحت أتاسي أن اختيار وسط سوق الحميدية للتظاهر جاء لأنها منطقة تعج بالسائحين.
انطلاق الشرارة الأولى
وقد تم تداول عدة أشرطة فيديو أحدها من القاهرة حيث يظهر في الشريط سوريون يتظاهرون أمام سفارتهم وسط العاصمة المصرية مطالبين بـ"إنهاء النظام القمعي والفساد في البلاد". كما انتشر شريط فيديو آخر تظهر فيه تظاهرة للسوريين في جزيرة قبرص تزامنا مع المظاهرة التي وقت وسط العاصمة دمشق. كما تشير بعض المعلومات غير المؤكدة إلى أن متظاهرين في مدن سورية أخرى مثل حلب ودرعا حاولوا التظاهر إلا أنه تم قمع هذه المحاولات.
وترى المعارضة السورية سهير الأتاسي أن مظاهرة اليوم تعتبر الشرارة الأولى لبداية الخروج عن الصمت للمطالبة بحرية الرأي خاصة وأن المتظاهرين بعد هتافاتهم أظهروا أنهم مواطنون وليس رعايا، على حد تعبير الناشطة السورية متخليين عن فكرة "سوريا الأسد". وأوضحت الناشطة السورية إلى أن هذه التظاهرة التي شهدتها دمشق انطلقت عبر مبادرة شبابية دون معرفة من يقف وراء هذه التظاهرة مشيرة في الوقت ذاته إلى أن المتظاهرين كانوا من شتى الطوائف للقضاء على فزاعة "الطائفية" التي يستخدمها النظام السوري. كما أن موقف سوريا من انتفاضة ليبيا يعتبر القشة التي قطمت ظهر البعير.
وجاءت هذه المظاهرة في الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية السوري وليد المعلم اليوم، أثناء مؤتمر صحافي مع نظيرته الاسبانية ترينيداد خيمينث في دمشق، عن وجود برنامج إصلاحي في سوريا متحدثا عن "خطوات نحو الإصلاح السياسي سنشهدها هذا العام". وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد تحدث في وقت سابق، في مقابلة أجرتها معه صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، عن وجود "برنامج يبدأ بإصلاح قانون انتخابات الإدارة المحلية ثم مجلس الشعب وهكذا".
هبة الله إسماعيل
مراجعة: أحمد حسو