سخرية وتشكك وقلق... صدى اعتقال المتهم السوري على الانترنت
١٠ أكتوبر ٢٠١٦تنفس الناس الصعداء، عندما أعلنت الشرطة الألمانية صباح اليوم الاثنين (10 أكتوبر/تشرين الأول 2016) نجاحها في إلقاء القبض على جابر البكر، الشاب السوري المشتبه فيه بالتخطيط لتنفيذ عملية إرهابية في ألمانيا والذي تمت مطاردته منذ يومين، بعد العثور يوم السبت على كميات كبيرة في المتفجرات في شقة كان يقيم فيها بمدينة كيمنيتس في شرق ألمانيا. ولاعجب أن يثير هذا الخبر تعليقات في مواقع التواصل الاجتماعي سواء لدى اللاجئين السوريين أو الألمان.
سخرية وتهكم...سوري يقبض عليه من سوريين
تعددت التعليقات وتنوعت حسب مواقف كتابها تجاء اللاجئين، وبين من يرى أن خطر الإرهاب قائم في كل مكان ولا يقتصر على جنسية معينة وبين من يعتبر أن قدوم اللاجئين إلى ألمانيا زاد من وثيرة التهديدات الإرهابية. لكن الطابع الفكاهي الساخر طغى على تلك التعليقات:
فقد كتب أحد مستخدمي تويتر تحت اسم ماووري، ردا على تغريدة لشرطة ولاية سكسونيا "نجحنا ونحن في غاية السرور: لقد تم توقيف المشتبه فيه جابر البكر خلال الليل في مدينة لايبزيغ" ،
وقال: "ألقي القبض السوري المتهم بالإرهاب من قبل سوري آخر! الآن يصبح الأمر معقدا جدا بالنسبة للمواطنين" في تلميح إلى اليمينيين المتطرفين الذين يرفضون تواجد اللاجئين في ألمانيا والذين يبررون ذلك بمخاوفهم الأمنية ، حيث إنهم لايستطيعون أن يصدقوا أن سوريين أيضا هم الذين ساعدوا السلطات الأمنية في القبض على اللسوري المشتبه فيه بالإرهاب.
لقد قام سوريان باحتجاز البكر في شقة قبل إعلام السلطات الأمنية بمكان تواجده، وفق شرطة ولاية سكسونيا. ووفقا لموقعي "شبيغل" و"بيلد" كان الشاب مختبئا وتحدث بـ"ريبة" إلى سوريين في المحطة طالبا منهما إن كان في إمكانهما استضافته. ومساء أمس الأحد أدرك السوريان لدى سماع الأخبار التي نشرتها السلطات الألمانية بالعربية بشأن البحث عن المشتبه به أن ذلك الشخص مطلوب من طرف قوات الشرطة. وقد قام الإثنان بتقييده وتوجه أحدهما إلى مركز الشرطة للإبلاغ عنه.
وقد دفع السياسي والبرلماني الألماني آرمين لاشيت ذلك إلى إعادة إطلاق تغريدة كتبها أحد المستخدمين على موقع تويتر يصحح فيها الخبر الذي تداولته وسائل الإعلام بأن الشرطة الألمانية ألقت القبض على السوري المشتبه فيه قائلا: "الخبر الحقيقي هو: سوري يلقي القبض على مشتبه فيه بالإرهاب قبل أن يسلمه مقيدا إلى الشرطة."
بعضهم تحدث بتهكم على عجز الشرطة الألمانية لاعتقال المتهم، فيما نجح سوريون غير مدربين وغيرمسلحين في ذلك قبل أن يسلموه للسلطات، حيث كتب مستخدم يسمي نفسه (من هو الرئيس) Weristderchef: " هاهم اللاجئون ينتزعون وظائف رجالنا في الشرطة كذلك وظائفهم."
قلق مما خفي وتشكك في صحة الأخبار
لكن التعليقات لم تخل أيضا من تعليقات متشككة من صحة الأخبار عن كيفية اعتقال المتهم السوري، حيث كتب أحد مستخدمي تويتر تحت اسم أليكس بي: "لم يعد السوريون يجدون فجأة في كل مكان آلاف اليورو وإنما أيضا إرهابيين. إعلام الشرطة خلاق فعلا"، في إشارة إلى تقارير إعلامية سابقة مفادها أن لاجئين سوريين عثروا على مبالغ مالية هامة وأعادوها إلى أصحابها.
موقف يشاطره فيه مستخدم يتخذ من كارل-هاينز هينكه اسما، حيث علق على خبر اعتقال المشتبه فيه بالإرهاب على صفحة صحيفة بيلد الألمانية على فيسبوك قائلا: "واضح جدا، مقاتل مدرب من تنظيم الدولة الإسلامية يسمح هكذا وبكل بساطة بتقييده من قبل رجلين (...)"
فيما عبر البعض الآخر عن مخاوفه من حدوث أعمال إرهابية ، حيث عبروا عن اعتقادهم أن ما تجهله المخابرات والأجهزة الأمنية كان أعظما، كما كتبت إحدى مستخدمات فيسبوك، وتتخذ من سونيا دو لا روزا اسما لها على صفحة صحيفة زود دويتشه الألمانية وقالت: "في كل الأحوال، فإن تنظيم الدولة الإسلامية يعمل بمهنية أكبر من مهنية الحكومة والسلطات. لن تكون هذه ورشة القنابل الوحيدة" في إشارة إلى شقة المتهم السوري بالإرهاب والتي تم فيها العثور على متفجرات.
اللاجئون السوريون - استنكار ومخاوف من تداعيات الحدث
أما من جانب اللاجئين السوريين، فقد تضاربت المواقف بين من يرحب بشجاعة السوريين اللذين ساعدا السلطات الألمانية في القبض على المتهم به وبين من يتشكك في الأخبار المتداولة بشأن ضلوع سوريين في عمليات إرهابية. ففي سياق متصل كتب أحد مستخدمي موقع تويتر ويطلق علي نفسه اسم وحيد الحلبي باللغة الألمانية قائلا: "نحن السوريون أبرياء، أما أنتم، وبالعكس منا، فتشاركون في تدمير بلادنا."
فيما أعرب المستخدم هاشم محمد علي على صفحة DW عربية عن مخاوفه من أن تؤدي الأحداث الأخيرة إلى تغيير موقف أغلبية الألمان إزاء اللاجئين، وخاصة السوريين منهم قائلا: "الله يقويك يا كفو ...موبس لازم تبلغ عنو، لازم ينداس على راسو...لأنو ناقصنا يكرهونا العالم وتتغير المعاملة معنا."
وكتب مستخدم آخر على صفحة DW عربية يحمل اسم "المحبكاتي الأصلي" مناشدا اللاجئين والمهاجرين العرب المقيمين في ألمانيا: "أيها المهاجرون الأفاضل، أنتم فررتم من الحروب والظلم والعنصرية، فلماذا تجعلون هذه البلاد المضيفة تعاني منكم (...) يجب عليكم حمياتها والعمل على تقدمها يدا بيد مع مواطنيها."
وفي الواقع، فإن هذا التعاون قائم منذ فترة طويلة على ما يقول علي عيسو، مدير المركز التعليمي لحقوق الإنسان في مدينة فوبرتال الألمانية، في حديث مع DW عربية، حيث يقول: "هناك تعاون وثيق بين اللاجئين والسلطات الألمانية. فمثلا تلقينا بلاغات من لاجئين أنفسهم عن لاجئين آخرين لهم توجهات متطرفة." ويوضح قائلا: "كلا المجموعتين قدما إلى ألمانيا بهدف اللجوء. بيد أن المجوعة الأولى فرت من أهوال الحرب والدمار والمجموعة الثانية كانت منضوية في تنظيم داعش وتنظيمات جهادية أخرى. وعندما وصلتنا الشكاوى قمنا بدورنا بإيصالها إلى المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين."
ويشدد عيسو في الوقت نفسه على أنه كلما وقعت أحداث سلبية لها علاقة باللاجئين في ألمانيا، كلما زاد القلق لدى هؤلاء، إذ يقول: "هناك دائما قلق متزايد بين اللاجئين إزاء كل الأحداث التي تشهدها ألمانيا، سواء تعلق الأمر بعمليات التحرش الجماعي التي شهدتها كولونيا وعدة مدن ألمانية أخرى خلال احتفالات رأس السنة الميلادية أوالأحداث الأخيرة. وهذه التطورات تترجم على أرض الواقع بقوانين صارمة." ويضيف قائلا: "دائما بعد كل حدث تشهده ألمانيا، يتم فيه تشديد القوانين المتعلقة باللاجئين، كما يتم استغلال هذه الأحداث من قبل الأحزاب اليمنية المتطرفة للترويج لأفكارهم. (...) وهذا الأمر ينعكس سلبا على أوضاع اللاجئين بشكل مباشر." ويشير عيسو مثلا إلى "تغيير قوانين الإقامة، حيث كان اللاجئ يحصل منذ البداية على إقامة لمدة ثلاثة أعوام، أما الآن فلا يحصلون إلا على إقامة لا تتجاوز مدتها سنة واحدة مع ربطها بضرورة الإقامة في مدينة معينة. كما تم تشديد قوانين لم الشمل العائلي، حيث أصبح من الصعب على الكثير من اللاجئين السوريين استقدام أسرهم إلى ألمانيا."
وكيفما كان الأمر، فإن القلق قائم الآن لدى المواطنين اللألمان إزاء احتمال حدوث عمليات إرهابية، كما إن هناك لدى اللاجئيين السوريين تخوفات من أن تؤدي أعمال فردية إلى اتهام جماعي لكل اللاجئين السوريين في ألمانيا.
شمس العياري