زلزال في برلين .. متاعب ميركل تسبق انتخابات هيسن بكثير
٢٩ أكتوبر ٢٠١٨كانت المستشارة أنغيلا ميركل تكرر دائما أنها لن تقع في خطأ المستشار الاشتراكي السابق غيرهارد شرودر حين تخلى عن رئاسة الحزب واحتفظ بمنصب المستشار الذي سرعان ما فقده أيضا. ميركل كانت تقول، قبل ظهور نتائج انتخابات هيسن، إنها لن تفرط برئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي ومنصبها كمستشارة حتى نهاية ولايتها.
اليوم الاثنين (29 تشرين الأول/ أكتوبر 2018) تخلت ميركل عن هذا المبدأ، أي مبدأ الجمع بين المنصبين كتقليد مسيحي ديمقراطي، وأعلنت أنها لن تترشح لرئاسة الحزب في مؤتمره القادم في شهر كانون الأول/ ديسمبر المقبل. ليس هذا فحسب، بل أكدت أنها لن تترشح مجددا لمنصب المستشارية بعد انتهاء ولايتها الرابعة عام 2021. لكن السؤال الذي يردده المراقبون هو: هل ستكمل ميركل ولايتها الرابعة حقا؟
مطالبات بتنحيها عن منصب المستشارية نهاية العام
رابطة شباب حزبها، المسيحي الديمقراطي، في ولاية بادن- فورتمبرغ جنوبي ألمانيا دعتها اليوم إلى الاستقالة أيضا من منصبها كمستشارة. رئيس الرابطة فيليب بوركله أشاد، في مقابلة لصحيفة "شفابيشه تسايتونغ"، بقرارها بعدم الترشح لرئاسة الحزب لكنه شدد على أن يكون "أن يكون رئيس الحزب (المقبل) مستشارا".
وأضاف بوركله قائلا: "لذا يجب أن يقود الرئيس الاتحادي الجديد (للحزب المسيحي الديمقراطي) الحكومة أيضا وبالتالي يصبح مستشارا اتحاديا".
كارثة هيسن تعجل بالأمور
ميركل اتخذت قرارها غداة الخسارة الفادحة لحزبها في انتخابات ولاية هيسن. بيد أن متاعب ميركل تسبق هذه الانتخابات بكثير حتى إلى ما قبل هزيمة حليفها المسيحي الاجتماعي في ولاية بافاريا. متاعب ميركل بدأت في الواقع منذ إعلانها نيتها الترشح لولاية رابعة. فرغم فوزها في الانتخابات التشريعية العامة، استغرقت ميركل أشهرا طويلة حتى تمكنت من تشكيل حكومة جديدة مع الاشتراكين بعد فشل المفاوضات مع الخضر والليبراليين.
ليس هذا فحسب، بل وحتى بعد تشكيل حكومة الائتلاف الكبير انتهى الأمر بالناخبين للتعبير عن سأمهم من طريقة الحلول الوسط التي اتبعتها ميركل بين معسكرها المحافظ والاشتراكيين الديموقراطيين، مع صعود اليمين الشعبوي. خصوصا الزوابع التي أثارها وزير داخليتها وحليفها البافاري هورست زيهوفر.
2015 ـ عام الحسم لميركل
ويرى البعض أن بداية النهاية لعهد ميركل كانت في الواقع في عام 2015. يومها تغير شيء في صيف ذلك العام حين اتخذت ميركل قرارا تاريخيا بفتح بلادها أمام مئات الآلاف من طالبي اللجوء السوريين والعراقيين والأفغان الذين عبروا أوروبا سيرا بعد المجازفة برحلات خطرة في البحر.
وفي نهاية 2015 أثارت ميركل المشاعر عبر التقاطها صور السلفي برفقة مهاجرين ممتنين لها. وتحولت المستشارة، التي وصفت بالنازية بسب سياستها المالية المتصلبة إزاء اليونان المديونة، إلى "ماما ميركل" لدى اللاجئين.
ورغم القلق المحيط بذلك، وعدت بدمجهم في المجتمع الألماني وحمايتهم. وقالت آنذاك مقولتها الشهيرة حول قدرة ألمانيا على استيعاب اللاجئين: "سنتمكن من ذلك"، لكن انهالت عليها الانتقادات واستفاد حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي من هذه القضية واستغلها لصالحه.
وفي أيلول/سبتمبر 2017 سجل هذا الحزب صاحب شعار "ميركل يجب أن ترحل"، دخولا تاريخيا إلى البرلمان وكسر بذلك محرمات كانت سائدة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وتوالت نجاحاته وتمكن من دخول برلمانات الولايات، بعد ذلك وبنسب عالية، وكانت آخرها انتخابات ولاية هيسن بنسبة 13,2% من الأصوات.
وفي خطوة حاسمة باتجاه إنهاء مسيرتها السياسية، قالت المستشارة، التي قادت بلادها طيلة 13 عاما، إنها تأمل أن ينهي رحيلها الخلافات المريرة داخل الائتلاف لكي يتم التركيز على مهمة حكم أكبر اقتصاد أوروبي. وأضافت "اليوم، حان وقت فتح صفحة جديدة"، معلنةً أنها لن تختار خلفاً لها على رأس الحزب".
لكن هل يكفي تنحيها عن رئاسة الحزب لفتح صفحة جديدة، أم أن المطلوب منها هو مغادرة الحلبة السياسية بالكامل، أي ترك منصب المستشار وليس رئاسة الحزب فحسب؟ الزمن كفيل بالإجابة عن هذا السؤال. بيد أن مطالبة شباب حزبها في جنوب ألمانيا واضحة ولا تحتاج إلى شرح كثير.
أ.ح/هـ.د (أ ف ب، د ب أ)