زلزال تركيا .. حزن ممزوج بالغضب وأسئلة تنتظر الإجابة!
١٣ فبراير ٢٠٢٣مع حلول الظلام تأتي اللامبالاة. تتلاشى أصوات الأماكن، ولا تتردد في المكان سوى نداءات يائسة من الباحثين عن الضحايا بين الأنقاض. أهل الضحايا يحدقون بصمت في انتظار نبأ ما. لكن الأمل بالعثور على أحبائهم تحت أطنان من الخرسانة والفولاذ يتضاءل مع مرور الأيام، وقد مر أسبوع على الزلزال المدمر ولم يغادروا المكان، ظلوا جالسين أمام نيران تقيهم من برد الليل، الضوء الوحيد في الظلام باستثناء مصابيح السيارات الأمامية ومصابيح الطوارئ لفريق البحث.
استعادة ذكريات زلزال عام 1999
مشهد كارثة زلزال تركيا وسوريا أعاد إلى الذاكرة زلزال عام 1999، الذي ضرب بحر مرمرة غرب تركيا، حينها لقي أكثر من 17 ألف شخص مصرعهم. ويخشى من ارتفاع عدد ضحايا هذا الزلزال إلى أضعاف عدد عام 1999.
نفس المشهد يتكرر، رجال فرق الإنقاذ المرهقون يضربون بالفؤوس والمطارق الثقيلة أو يحملون الحجارة بأيديهم بسبب غياب المعدات الثقيلة. أشخاص قادمون من كل أنحاء تركيا للمساعدة يحملون معهم الطعام والبطانيات والخيام، عمال إنقاذ يعلمون حد الإنهاك طيلة ساعات اليوم، ومرة أخرى أناس يائسون يقفون في انتظار المساعدة.
في أنطاكيا يجلس رجل مسن على كرسي بلاستيكي أما مبنى منهار بالكامل، يقال إنه كان يضم شققا فاخرة قبل أيام. شقيقه اشترى شقة هناك، والآن يرقد تحت أنقاض "شقة الأحلام" في مبنى شيد بطريقة غير مسؤولة. يقول الرجل بمرارة : "يمكننا بناء مباني بطريقة ممتازة، أليس كذلك؟"، يقول ذلك بحسرة.
انتقادات للحكومة
ليست الصور وحدها تعود إلى الظهور مرة أخرى، بل شكاوى المتضررين نفسها منذ ما يقرب من 24 عاما: لماذا لا تأتي الدولة لمساعدتنا بسرعة؟ لماذا حتى المباني الجديدة تنهار مثل منزل ورقي؟ ألم يتم التحقق من الامتثال للوائح البناء - الذي تم تشديده منذ 1999؟ لماذا يُسمح ببناء ارتفاعات تبدو غير محدودة في منطقة معرضة بشدة للزلازل مثل جنوب شرق تركيا؟ لماذا لا تستطيع حتى بعض المستشفيات التي بنتها الدولة مقاومة الزلزال؟ مثل هذه الأسئلة لا يُسمح بطرحها في وسائل الإعلام، التي تسيطر عليها حكومة حزب العدالة والتنمية بالكامل تقريبا، ولكن يمكن سماع استياء السكان في كل مكان. في مدينة أديامان، اضطر وزير النقل التركي إلى الفرار تحت سيل من الإساءات من قبل مواطنين.
حسن أكسونغور، رئيس غرفة المهندسين المدنيين في أضنة، حيث انهار أحد عشر مبنى أيضا ، يقول لـ DW لاينبغي إلقاء اللوم على القوانين: "مسألة بناء ثلاثة أو عشرة طوابق تعني أموالا طائلة، ويغض الطرف عنها". في مدينة كهرمان ماراس، على بعد حوالي 70 كيلومترا شمال غازي عنتاب، بقي مبنى غرفة المهندسين المدنيين هو المبنى الوحيد الذي ظل قائماً.
تجاهل التحذيرات
مرارا وتكرارا يسمع المرء الكلام نفسه: كان هذا زلزال القرن ويمكن أن يشكل تحديا لأي دولة في العالم، نظرا لقوة الهزة التي بلغت 7.8 على مقياس ريختر، والمنطقة المتضررة بمساحة نصف ألمانيا وفيها مدن يعيش فيها الملايين من الناس. لكن الناس يريدون معرفة سبب عدم الاستجابة لتحذيرات الجيولوجيين الأتراك بشأن المخاطر المتزايدة على طول الصفائح التكتونية. باحثو الزلازل الأتراك البارزون يشتكون من أنهم لم يتم استشارتهم حتى من قبل رئيس بلدية المنطقة.
في مدن أديامان وأنطاكيا وكهرمان مرعش، شبه المدمرة ينشط عشرات الآلاف من عمال الإنقاذ من جميع أنحاء تركيا وخارجها. لكن يتعين على كثير من المناطق النائية الانتظار لفترة أطول. تونكاي شاهين طالب في برلين ينحدر من قرية توكار بالقرب من أديامان. والدته دُفنت في أنقاض منزلها ليلة الزلزال. أخرج الجيران جثتها بأيديهم - وهي واحدة من ستة قتلى في هذه القرية وحدها. كان والده خارج المنزل ليلة الزلزال. بعد يومين من الزلزال تمكن الطالب من العودة إلى منزله المدمر في القية. يقف الآن عند قبر والدته ويبكي ويقول: كنا نعلم جميعا أن زلازلا ستأتي، لكن لم نكن نتوقع أن تضربنا بمثل هذه الشدة!؟".
شُيد منزل والديه المكون من طابقين في التسعينيات. لكن مبنى جديدا شُيد قبل عام واحد فقط انهار هو الآخر. يقول شاهين: "يجب على الدولة التدقيق بشكل وثيق في أعمال البناء والمواد المستعملة في القرى". ينضم إليه عدد من الجيران. تصرخ واحدة "من الآن فصاعدا سنبني طابقا واحدا فقط، مثل كان يفعل أسلافنا".
غونار كونه/ ع.خ