رفيق شامي السوري الأصل: نبي في غير قومه
١٨ يناير ٢٠٠٥منذ أكثر من ثلاثين عاماً يعيش رفيق شامي القادم من معلولا السورية في ألمانيا. وقد ألف بالألمانية حكايات للأطفال وروايات كثيرة حصد من ورائها العديد من الجوائز. كما ترجمت كتبه إلى أكثر من 23 لغة ليس بينها العربية لغته الأم. يحمل شامي القارئ الغربي إلى الشرق في قافلته ويجول به في الأزقة. ويشرح له الماضي ولا يستر مرارة الواقع كما فعل في روايته الأخيرة التي استغرقت كتابتها ثلاثة عقود و أطلق عليها اسم
الجانب المظلم من الحب.
استطاع رفيق شامي ابن قرية معلولا السورية حيث الناس ما تزال تتحدث الآرامية هناك أن يحتل مكانة عالية بين الأدباء الألمان. وقد بدأ بالكتابة والنشر قبل أن ينتهي من إعداد أطروحة الدكتوراه في الكيمياء عام 1979. و كان أول كتبه ( أساطير أخرى ) عام 1978. ثم تبعه ( الحمل في فروة الذئب)، (الكلمة الأخيرة للجرزون المتجول)، ( حلاب الذباب)، ( حفنة من النجوم ) ، ( حكايات من معلولا)، ( صندوق العجائب) ،( الشجرة الطائرة)،(الكذاب الصادق) ، (بعيون غربية)، ( يد مليئة بالنجوم)، ( رحلة بين الليل و النهار ) ،( قصاص الليل)، ( هذا ليس ببغاء) و غيرها.
"الجانب المظلم من الحب"
يقول رفيق شامي في وصف عمله الجانب المظلم من الحب إن كل أديب يكون عنده"وليد مفضل" يذهب إليه بعد الانتهاء من عمله، و بعد أن يكون قد حصل على ما يكفيه من المال يخلو إلى نفسه و يكتب فيه يوماً وراء يوم. ولذلك فإن هذا العمل هو "ثمرة ثلاثين عاما من الكتابة في عمل يعشقه قلبه".
و العمل الذي يعشقه قلب رفيق شامي هو حكاية حب وقعت أحداثها في وطنه الأم سوريا، حب بين شاب وفتاة من عائلتين متعاديتين هما عائلة مشتاق و عائلة شاهين. يتناول شامي في عمله العداء الذين يقوم بين أفراد لا يكاد يعرف احدهما الآخر. لكن وقوع حادثة عارضة بينهما تسببت في نشر الكراهية بين العائلتين. وما أن وقع "وقع الفأس على الرأس" و جمع الحب بين شاب و فتاة من العائلتين تصبح العلاقة محرمة في عرف الجميع، حتى لو لم يكن بينهما سوى المشاعر و النظرات. ولا تنتهي العلاقة على الطريقة الأمريكية نهاية سعيدة، بل يكون الموت سيفا مسلطا على رقاب المحبين.
يصدم شامي القارئ الغربي الذي تعلم منذ الصغر أن القتل شئ شنيع و أنه جريمة لا تعادلها أخرى. فالحكواتي يقول له إن القتل في الشرق لا يتم في جنح الظلام لأن الجاني يكون في اغلب الأحيان أخ الفتاة. هذا الجاني يستل سكينه أو يصوب مسدسه على الملأ ويقتل أخته التي بادلت شابا مشاعر الحب، لأنها تكون بذلك قد دنست شرف العائلة حسب رأيه. أما الناس فتتفرج ولا تتدخل بل ربما أيده الكثيرون في ذلك، ويحكي أن هذا أصابه بالأسى و تمنى وهو شاب أن يكتب آنذاك حكاية تحارب هذه التقاليد و لكنه اكتشف انه لا يمكن كتابة هذا الشيء في لذلك المجتمع.
التخلص من القيود في ألمانيا
ظل هذا المشهد محفورا في ذاكرته وبقي يفكر في هذه المشاعر المحرمة و الكراهية وأخذ الثأر على قارعة الطريق. وما كاد يغادر بلاده حتى أيقن انه تحرر من القيود التي كانت تحول بينه و بين الكتابة عن ذلك. كما أيقن أنه آن الأوان ليبدأ مشوار الثلاثين عاما ويفرغ ما في جعبته عن هذه القضية.
" وقف فريد على الشرفة وفي يده كوب شاي، و ظهرت عائشة في ميدان القرية و جاء أخوها بخطوات حثيثة من صالون الحلاق الواقع بزاوية في مواجهة المحطة و صاح قائلا: أيتها الخائنة لقد سمحت لعدو عائلتنا أن يجلب لنا العار، ثم أطلق عليها ثلاث طلقات قبل أن يسقط كوب الشاي من يده." بعد ذلك يعرف القارئ أن سقوط الكوب من يد فريد مشتاق ليس بسبب حزنه على الفتاة وإنما لعلاقة حب تجمعه هو الآخر مع رانيا شاهين. وبما أن هذا الحب مكتوب عليه الفشل منذ البداية ليس من المستبعد أن يصيب محبوبته رانيا مصير عائشة.
أسامة أمين