ماي في "مأزق" بعد خسارتها الانتخابات
٩ يونيو ٢٠١٧تلقت رئيسة الوزراء تيريزا ماي نكسة كبيرة بعد أن خسرت الأغلبية البرلمانية في الانتخابات المبكرة التي كانت قد دعت لها للحصول على تفويض أقوى في محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبي. فلحد الآن لا يبدو واضحا من سيشكل الحكومة القادمة ولا الاتجاه الأساسي الذي ستسلكه محادثات الخروج، وهو أمر يثير القلق في ألمانيا. إيلمار بروك، خبير الحزب المسيحي الديمقراطي "CDU"، في السياسة الخارجية ينتابه القلق تجاه محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لا سيما وأنّ من المقرر أن تبدأ في غضون أيام قليلة . بروك عبّر عن قلقه بقوله لراديو ألمانيا: "بالنسبة لنا من الأفضل لو فازت تيريزا ماي بأغلبية كبيرة، عندها ستُسيِّر المفاوضات بنزاهة وستتمكن من تأمين أغلبية برلمانية"، وأضاف: "الآن يفتقر الاتحاد الأوروبي إلى شريك له قدرة على إدارة المفاوضات في الجانب البريطاني".
وتوقع العديد من المراقبين في بروكسل وبرلين بأن تخلق نتائج الانتخابات أجواء من الارتياح أو الفرح نظرا لمواقف ماي الداعية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون تنازلات لبروكسل ودون أي دعم للاستفادة من السوق الأوروبية. هذا يعني أن تيريزا ماي كانت دائما متمسكة بسياسة صارمة اتجاه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل (الحزب المسيحي الديمقراطي "CDU") التي حاولت مرارا وتكرارا تسهيل عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ودعى وزير الخارجية الألمانية زيغمار غابرييل (من الحزب الاشتراكي الديمقراطي SPD"") الحكومة البريطانية المقبلة لإعادة النظر في استراتيجيتها إزاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وعلى هامش لقائه مع وزير خارجية قطر قال غابرييل: "دعت تيريزا ماي في حملتها الانتخابية إلى التصويت لصالحها لأنها في حاجة إلى أغلبية قوية لتعزيز موقفها في محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبي. لكنّ تيريزا ماي لم تحصل على هذه الأغلبية من الناخبين البريطانيين". وأضاف غابرييل: "أعتقد أنّ الشعب البريطاني بيّن أنه لا يترك أي مجال للتلاعب معه". ويرى غابرييل أنّ نتيجة الانتخابات البرلمانية البريطانية ستنعكس على مجريات محادثات بريكسيت بين الشركاء الأوروبيين والحكومة البريطانية الجديدة.
فيما يرى إيلمار بروك أن الهزيمة الانتخابية لتيريزا ماي لا علاقة لها ببقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه بقدر علاقتها بالسياسة الداخلية لماي. ويعتقد السياسي الألماني بروك أن تيريزا ماي "فقدت السيطرة تماما" خلال الحملة الانتخابية وهذا ما تؤكده نتائج الانتخابات وتسييرها الرديء للشؤون الداخلية. ويرى بروك أنّ التقصير في النظام الاجتماعي في بريطانيا من جهة والتعامل مع الإرهاب الذي طال البلد مؤخرا من جهة أخرى كان لهما أثرٌ في الحملة الانتخابية البريطانية.
غونتر أوتينغر: "لا مفاوضات من دون حكومة"
كذلك غونتر أوتينغر (الحزب المسيحي الديمقراطي "CDU")، المفوض الأوروبي للموازنة، عبّر هو الآخر عن قلقه من نتائج الانتخابات البرلمانية في بريطانيا وصرح لراديو ألمانيا: "مسار الانتخابات يثير شكوك حول الوضع في بريطانيا". كما يرى أوتينغر أن محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في مأزق: "حكومة بريطانية ضعيفة تطرح مخاطر بأن تكون المفاوضات سيئة للطرفين".
ويؤكد أوتينغر على أنه لا يجب للشماتة بالنكسة التي أصابت تيريزا ماي وحزبها المحافظ، وبريطانيا في حاجة إلى حكومة قادرة على تدبير أمورها. وبالنسبة للاتحاد الأوروبي يُشكل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تحديا كبيرا لا سيما وأن بريطانيا تدفع حوالي 13 مليار وبالتالي فهي ثاني أكبر مساهم في ميزانية الاتحاد الأوروبي بعد ألمانيا. إذا فخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيخلق فجوة كبيرة في ميزانية الاتحاد.
ويرى أوتينغر أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأووربي في التاسع والعشرين من شهر آذار/ مارس عام 2019 محتوم ببدء المفاوضات الفعلية في خريف العام المقبل. بالإظافة إلى الحاجة لمزيد من الوقت لكي توافق برلمانات الدول الأعضاء في الاتحاد والبرلمان الأوروبي على هذه المعاهدة. لذلك وجه أوتينغر ندائه إلى لندن: "لا مفاوضات من دون حكومة".
مارتن شولتس، مرشح منصب المستشارية يريد لقاء زعيم حزب العمال البريطاني
وزير الدولة الألماني للشؤون الخارجية ميشائيل روت سارع لتذكير السياسيين البريطانيين بمسؤوليتهم اتجاه الاتحاد الأوروبي. وصرح روت في مقابلة بالقناة الألمانية الثانية (ZDF) بوجود حاجة عاجلة الآن لحكومة بريطانية فعالة. ودعا روت إلى البدء في المفاوضات دون تأخير لأن عقارب ساعة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدأت تتحرك.
أما مارتن شولتس، المرشح لمنصب المستشارية من الحزب الاشتراكي الديموقراطي (SPD)، فقد دعا في حسابه على تويتر إلى اجتماع في أقرب وقت ممكن مع جيريمي برنار كوربين، زعيم حزب العمال البريطاني، مهنئا أياه على تعزيز موقعه في البرلمان البريطاني وحصوله على مقاعد أكثر مقارنة بالانتخابات البريطانية الماضية.
نتائج الانتخابات البريطانية لها تأثير على التجارة الخارجية الألمانية
تعد السوق البريطانية ثالث أكبر سوق للصادرات الألمانية، لذلك فإنَ التقارير السلبية عن نتائج الانتخابات البريطانية تُسيء إلى الصادرات الألمانية. مارتين فانسليبن، الرئيس التنفيذي لغرفة الصناعة والتجارة الألمانية، يرى أنّ: "الجدول الزمني لمفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي ليس له الآن أي قيمة". أما أنطون بورنر، رئيس اتحاد تُجار الجملة والتجارة الخارجية والخدمات، فيخشى أن ترفع الحكومة البريطانية الجديدة سقف مطالبها خلال مفاوضات البريكسيت.
ويطالب مارتين فانسليبن، الرئيس التنفيذي لغرفة الصناعة والتجارة الألمانية، بأن لا تقوم بريطانيا بتغيير النقاط الرئيسية المتفق عليها في مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي، مؤكدا وجوب أن يتم التركيز على مسألة مستقبل مواطني الاتحاد الأوروبي في بريطانيا وأن تبقى من بين النقاط الرئيسية في المفاوضات. ويضيف مارتين فانسليبن: "شركاتنا في حاجة إلى اتفاق سريع بشأن الوضع القانوني المستقبلي للبريطانيين الذين يعيشون في ألمانيا وكذلك مواطني الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون في بريطانيا".
ريتشارد فوكس/ عبد الكريم اعمارا