رسائل إسرائيل بشأن الجولان ـ مساومة مع روسيا وابتزاز لإيران؟
٢٥ مايو ٢٠١٨بدأت إسرائيل بمغازلة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أجل الحصول على اعتراف بسيادتها على هضبة الجولان المحتلة والتي استولت عليها في أعقاب حرب يونيو حزيران 1967 وضمتها إليها في مطلع الثمانينات، كما يفهم من تصريحات وزير إسرائيلي بارز.
وبحسب تصريحات وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس فإن بلاده تتوقع أن تحصل على مثل هذا الاعتراف في غضون عدة أشهر قليلة وأن "احتمال حدوث ذلك كبير جدا" مؤكداً على أن الاقتراح يتصدر الآن جدول أعمال المحادثات الثنائية بين البلدين. وأكد كاتس وجود "دعم كبير للفكرة في العديد من الدوائر في الولايات المتحدة"، ومنها في مجلس النواب.
الجولان ساحة مقايضة
وفي مقابلة له مع DW عربية، قال يوني بن مناحم المحلل السياسي الإسرائيلي إن الإعلان الأمريكي المرتقب مرتبط بالبقاء الإيراني في سوريا لكن المساعي الإسرائيلية ستصبح في غاية الجدية مالم تخرج إيران من سوريا "وهذا سيكون هو الرد الإسرائيلي على التواجد العسكري الإيراني في سوريا".
بن مناحم قال إنه يسود اعتقاد في الأوساط الإسرائيلية بأن الرئيس الروسي بوتين سيغير من مواقفه حيال إيران قريباً كما يبدو أن هناك ضغوط على الرئيس السوري بشار الأسد لتقليل التواجد العسكري الإيراني في سوريا، ويضيف: بوتين يفهم أهمية استقرار سوريا وبقاء بشار الأسد في منصبه وهو أيضاً يعرف أن الضربات الإسرائيلية ستتوالى طالما استمر البقاء الإيراني العسكري في سوريا.
ويعتقد بن مناحم أن بوتين مقتنع بانتهاء الدور الإيراني في سوريا وأنه حان وقت خروجها من المشهد السوري، "وإذا ما تغير الموقف الروسي وتطابق مع الموقف الإسرائيلي بخصوص إيران فلا أعتقد أن إسرائيل ستمضي قدماً في مسألة الجولان ولن تعلن أمريكا اعترافها بالجولان كجزء من إسرائيل".
الدكتور نبيل خوري، الدبلوماسي الأمريكي السابق، ونائب السفير الأمريكي في اليمن سابقاً بدوره، يرى في مقابلة مع DW عربية أنه قد يحدث تفاهم أمريكي-روسي حيال التواجد الإيراني في سوريا، ولا يبدو ـ في نظره ـ أن روسيا ستعترض على الاعتراف الأمريكي بالجولان كجزء من أرض إسرائيل خصوصاً في ظل مايبدو أنه تقارب في المواقف بين روسيا وإسرائيل، ويستد الدبلوماسي الأمريكي على ذلك التقارب بأن روسيا غضت الطرف عن الضربات العسكرية الإسرائيلية المتتالية على الأهداف الإيرانية في سوريا.
"إسرائيل تستغل فترة ترامب لكسر الشوكة الإيرانية"
ويبدو أن اسرائيل لا تضيع وقتاً في الاستفادة من الموقف الأمريكي المساند والداعم لأقصى درجة لسياساتها وتستغل نجاحها في انتزاع اعتراف أمريكي تاريخي بالقدس عاصمة لها وتسعى اليوم للبناء على هذا الاعتراف لانتزاع اعتراف أمريكي آخر بالجولان كجزء من إسرائيل.
يقول يوني بن مناحم المحلل السياسي الإسرائيلي إن الخطر الوحيد على دولة إسرائيل هي إيران، "وإسرائيل تريد استغلال الولاية الأولى لترامب لأنه ليس من المؤكد إن كان سيعاد انتخابه لولاية ثانية أم لا"، ويعتقد أن إسرائيل تسعى لدفع أمريكا للقيام بهجوم عسكري على كافة المواقع النووية في إيران "فالهدف الرئيس لإسرائيل خلال ولاية ترامب هو إسقاط الحكم الإيراني الحالي برئاسة خامنئي والخطوة الأولى ستكون عن طريق العقوبات الاقتصادية الخانقة وخلق وضع اقتصادي ضاغط في محاولة لدفع الشعب الإيراني لعمل ثورة شعبية وإسقاط نظام الحكم الإيراني، هذا هو المخطط الأمريكي-الإسرائيلي".
ويعتقد بن مناحم أنه إذا لم ينجح الأمر خلال عام فإن الولايات المتحدة ستلجأ للحل العسكري وهو ما ترغب فيه إسرائيل لإنهاء القوة النووية الإيرانية، "وبوضوح فإسرائيل تريد استغلال فترة حكم ترامب لإسقاط النظام الإيراني، بطرق سلمية أو غير سلمية لا يهم، المهم أن يسقط النظام الإيراني مع نهاية ولاية ترامب الحالية".
ويتفق معه الدكتور نبيل خوري الدبلوماسي الأمريكي السابق حيث يرى أن "إسرائيل تبحث عن ذرائع لتضرب الوجود الإيراني في سوريا والذي ترى فيه تهديداً مباشراً لأمنها القومي رغم أن إيران لم تعتدِ على إسرائيل انطلاقاً من سوريا، بل إن إسرائيل هي من بدأت في المناوشات التي تحولت لمعارك بالصواريخ والطائرات في العمق السوري، لأن إسرائيل لا تريد أي تواجد لحزب الله على حدودها ولا تريد أن تستمر إيران في مد نفوذها في المنطقة".
رد الفعل العربي.. لا أحد يعول عليه
وحتى الآن لم يصدر أي رد فعل عربي على تصريحات وزير الاستخبارات الإسرائيلي بشأن الضغط الإسرائيلي على أمريكا للاعتراف بالجولان كجزء من إسرائيل.
وحول النتائج المتوقعة إن صدر الإعلان الأمريكي، قال يوسي بن مناحم المحلل السياسي الإسرائيلي لــ DW عربية إنه "قد تحدث بعض المظاهرات الاحتجاجية هنا وهناك لكن عموماً على الصعيد الرسمي هناك تخاذل شديد في الموقف العربي وهذا ما رأيناه في موضوع الإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس"، ويدلل على ذلك بأن الدول العربية والإسلامية "لم تفعل أي شيء أكثر من الكلام رغم كون القدس تمثل لهم أولى القبلتين وهي لم تكن موضوعاً سياسياً فقط وإنما ديني أيضاً ورغم ذلك لم يتعد الأمر إطلاق عدة شعارات جوفاء وبعض الاحتجاجات".
ويضيف بن مناحم: "الحقيقة أن الدول العربية ضعيفة جداً ولا تريد المواجهة مع إسرائيل ولا مع الولايات المتحدة، فالتخوف العربي من إيران يطغى على كل شيء وبالتالي فالدول العربية بحاجة إلى إسرائيل وإلى أمريكا لتحجيم النفوذ الإيراني وهو أمر يأتي على قمة أولويات الدول العربية".
أما نبيل خوري الدبلوماسي الأمريكي السابق فيرى أن الدول العربية لا تتحرك لا سلباً ولا إيجاباً وأنه لا يوجد دور عربي حقيقي لا في سوريا ولا في كل ما يحدث إقليمياً عموما سوى التصريحات. وأضاف أن السعودية على سبيل المثال لا ترى عدواً لها سوى إيران وبالتالي فالقيادة السعودية لن تمتعض كثيراً عندما تضرب إسرائيل إيران "لكن الخوف يكمن فيما يمكن أن ينتج عن ضربة عسكرية كهذه".
ترامب ونيتانياهو.. الهروب إلى الأمام؟
ويرى الدكتور نبيل خوري الدبلوماسي الأمريكي السابق، ونائب السفير الأمريكي في اليمن سابقاً أن سعي بنيامين ونيتانياهو للحصول على هذا الاعتراف وضغوط ترامب على إيران يأتيان في سياق لفت النظر عن مشاكلهما القانونية الداخلية بإثارة حروب وأزمات قد تؤدي لالتفاف الدولة والشعب حولهما في حالة اندلاع حرب، "اعتقد أن الهدف شخصي أكثر من أي أمر آخر أضف إلى ذلك أن ترامب تحيط به مجموعة ترغب بشدة في اندلاع حرب مع إيران مثل جون بولتون مستشار الأمن القومي".
لكنه يستدرك قائلا بأن هناك اختلاف في التوجهات في كل أمريكا وإسرائيل بين ما تريده القيادة السياسية وبين ما تراه المؤسسات العسكرية والمخابراتية، "فترامب ونيتانياهو يرغبان في شن حرب على إيران وتوجيه ضربة عسكرية لها في حين لا تتفق المؤسسات العسكرية والأمنية في إسرائيل وأمريكا مع هذا التوجه، وهو الحال أيضاً في إسرائيل فالمؤسسات الأمنية والمخابراتية لا تعتقد أن هناك ضرورة لبدء حرب مع إيران وترى في الأمر مجازفة كبيرة".
ويشير في هذا السياق إلى استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن غالبية الشعب الأمريكي لا تريد الحرب مع إيران وأيضاً غالبية المؤسسات الأمريكية لا ترغب في ذلك، إضافة إلى أن كثير من أعضاء الكونجرس يرون أن ترامب ليس لديه استراتيجية واضحة وأن تصرفاته قد تؤدي بالبلاد إلى حرب لا تحمد عقباها.
عماد حسن