رحيل الفنان الألماني زيغمار بولكه، عاشق التجريب والتجديد
١٥ يونيو ٢٠١٠السخرية والمرح والإبداع الفني كانت السمات المميزة للفنان الألماني زيغمار بولكه الذي كان يعشق التجريب المستمر والتلاعب بأدواته الفنية. كان يطلق على لوحاته تسميات ساخرة مثل "قماش السباب" أو "الأكاذيب الثلاث لفن الرسم"، أما أعماله فكانت تتناول غالباً قضايا سياسية وتاريخية.
فقدت ألمانيا برحيله "أحد أهم ممثليها في الفن المعاصر": هكذا قال وزير الثقافة الألماني برند نويمان عقب سماعه نبأ وفاة الفنان، مضيفاً أن بولكه "كان مراقباً ناقداً وساخراً لنفسه ولفترة ما بعد الحرب" العالمية الثانية وقد طور "بفضل عطشه للتجريب والتجديد لغةً تصويريةً خاصة به". أما المديرة الفنية سوزانا كلاينه فتقول عن الفنان: "إنه فنان خاص يعيش في عالمه الخاص. من ناحية أخرى هو إنسان منفتح للغاية. إنه شخص يسير في الشوارع بعيون مفتوحة ملتقطاً كل ما يحدث. هذا هو المثير والمسلي والمثمر فيه. ولهذا كان لقائي به في مرسمه خبرة مهمة بالنسبة لي. وعندما أخرج كنت أشعر بالمتعة والحماس. عندما ألتقي به تتفتح أشياء كثيرة في ذهني".
ناقد الوعود الوهمية للمجتمع الاستهلاكي
ولد زيغمار بولكه في بولندا عام 1941 وفرّ من ألمانيا الشرقية عام 1953. درس الفنون في أكاديمية دسلدورف الشهيرة، وهناك أصبح أحد مؤسسي حركة "الواقعية الرأسمالية" التي أتت كرد على "الواقعية الاشتراكية" التي كانت سائدة في دول الكتلة الشيوعية سابقا، كما جاءت أيضا كرد على موجة "بوب آرت" الأميركية بقيادة آندي وورهول، والمنبثقة عن المجتمع الاستهلاكي.
من الصعب تصنيف بولكه في خانة معينة، ففي سنواته الأولى كان يخلط الموضوعات والتقنيات، كما كان يرسم نقاشات بسيطة بحجم كبير جداً بواسطة قلم حبر جاف على ورق ذي نوعية رديئة مقلداً بذلك الوعود الوهمية للمجتمع الاستهلاكي. وفي سبعينيات القرن الماضي بدأ بولكه بتضمين أعماله عناصر منبثقة من فن التصوير، وخصوصاً بعد رحلة قام بها إلى باكستان وأفغانستان في عام 1974.
فنان عصي على التصنيف
وقد أقيمت معارض لزيغمار بولكه في بعض أهم متاحف الفن الحديث والمعاصر في العالم، كما حاز جوائز عدة، منها جائزة "الأسد الذهبي" في الدورة الثانية والأربعين لمهرجان البندقية عام 1986، ونظم متحف الفن الحديث في نيويورك، المعروف باسم "موما"، معرضاً لأعماله على الورق عام 1999.
كان نقاد الفن يعتبرون بولكه عبقرياً، رقيق الحس وقاسياً لا يرحم في الوقت نفسه. كان يستمتع بالجنون الفني في أقصى درجاته. وكان الفنان يعيش منطوياً على نفسه، ولم يكن يميل إلى إلقاء الخطب وكلمات الترحيب. كان يفضل أن يستغرق في عمله، دون إزعاج، في مرسمه بمدينة كولونيا حيث توفي فجر الجمعة الماضية (11 يونيو/ حزيران 2010) بعد صراع طويل مع مرض السرطان.
(د ب أ، أ ف ب، د ف / س ج)
مراجعة: ابراهيم محمد