بثقة وحيوية... التشيك تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي
١ يوليو ٢٠٢٢اعتباراً من اليوم الجمعة (الأول من تموز/يوليو 2022)، سيقود أوروبا رئيسان سابقان لجامعة: رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا، أستاذ العلوم السياسية والرئيس الأسبق لجامعة ماساريك في برنو من 2004 إلى 2011. وصديقه، الباحث في الموسيقى، ميكولاس بيك، الذي ترأس نفس الجامعة من 2011 إلى 2019 وهو الآن وزير الشؤون الأوروبية في الحكومة التشيكية. تحت قيادتهما، وصلت جامعة ماساريك إلى مصاف أفضل الجامعات في العالم، وأصبحت مرغوبة من الطلاب مثل جامعات برلين وفيينا.
يريد بيتر فيالا وميكولاس بيك الآن تكرار تجربة نجاحهما كرئيسين لثاني أكبر جامعة في جمهورية التشيك، ولكن هذه المرة في الاتحاد الأوروبي. يتعين على جمهورية التشيك أن تقدم نفسها كجزء من أوروبا الغربية، لا كجزء من أوروبا الشرقية. وقال ميكولاس بيك لـ :DW"سأكون سعيداً جدًاً إذا كانت رئاستنا للاتحاد الأوروبي ستقود إلى توقف النظر إلينا على أننا دولة تريد اللحاق بالغرب، ولكن كدولة في الاتحاد الأوروبي بكل معنى الكلمة. ولتحقيق ذلك يكفي القيام بمهمة رئاسة الاتحاد الاوروبي باحتراف".
أوكرانيا الأولوية قصوى
تدرك براغ مدى تأثير العدوان الروسي على أوكرانيا على مهمتها في رئاسة الاتحاد الأوروبي وعلى الاتحاد نفسه وعلى العالم. وقال بيك: "ليست المسألة هي أن قضية أوكرانيا دفعت كل الملفات الأخرى جانباً وحلت محلها، بل أنها أناخت بثقل إضافي وقع على كاهل الاتحاد الأوروبي".
ربما التشيك هي ثانية دولة في الاتحاد الاوروبي، بعد بولندا، في دعم أوكرانيا ضد العدوان الروسي. تزود التشيك كييف بالأسلحة، بما في ذلك الدبابات والمروحيات، واستقبلت 350 ألف لاجئ.
فيما يتعلق بالشتاء المقبل، يعتقد وزير الشؤون الأوروبية التشيكي، ميكولاس بيك، أن التغلب على أزمة الطاقة التي تسببها موسكو سيكون محور الجهد الرئيسي: "هذه مهمة مركزية ستحدد مصداقية الاتحاد الأوروبي، وستكون امتحاناً أكبر للاتحاد من امتحان التغلب على أزمة كورونا. من الأهمية بمكان أن يكون الاتحاد الأوروبي قادراً على توفير سعة كافية لمحطات الغاز الطبيعي المسال وتامين طرق لإيصال الغاز لتلك المحطات"، يقول ميكولاس بيك.
خمس أولويات
ما ذكره وزير الشؤون الأوروبية يتوافق مع الأولويات الخمس للرئاسة التشيكية، التي قدمها رئيس الوزراء بيتر فيالا للصحفيين في براغ في منتصف حزيران/يونيو 2022. وتشمل التغلب على أزمة اللاجئين، وإعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب، وأمن الطاقة، وتعزيز القدرات الدفاعية لأوروبا، وأمن الفضاء الإلكتروني، والمرونة الاستراتيجية للاقتصاد الأوروبي، ومرونة المؤسسات الديمقراطية. شعار الرئاسة التشيكية هو اقتباس من الرئيس الاسبق فاتسلاف هافيل: "أوروبا كمهمة".
وقال فيالا للصحفيين: "تمر أوروبا ومعها العالم بأسره بتغيير جوهري لأن الغزو الروسي لأوكرانيا هز أمننا بشكل كبير"، مشيراً إلى ضرورة العمل على إيجاد نموذج جديد للأمن الأوروبي. ويضيف: "تدرك جمهورية التشيك أيضاً أن مهمة قيادة الاتحاد الأوروبي ليست لتعزيز المصالح التشيكية. المهمة الرئيسية للرئاسة التشيكية ستكون التوصل إلى إجماع في كل الملفات وتحقيق الوحدة الأوروبية، وهو الأمر في غاية الأهمية".
القمة الكبرى في براغ
على الرغم من أن الرئاسة الفرنسية قد تمكنت بالفعل من منح وضع المرشح لأوكرانيا ومولدوفا في قمة الاتحاد الأوروبي في حزيران/يونيو 2022، فإن قضية توسيع الاتحاد الأوروبي والتعاون مع الدول المجاورة للاتحاد الأوروبي ستكون أيضاً محور أهم قمة غير رسمية للاتحاد في فترة الرئاسة التشيكية، التي ستعقد في براغ في تشرين الأول/أكتوبر 2022 وستكون أكبر اجتماع من نوعه على الإطلاق؛ إذ ستشارك إلى جانب الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، دول أوروبية أخرى "من أيسلندا إلى أوكرانيا بغض النظر عما إذا كانوا أعضاء في الاتحاد أم لا"، حسب بيتر فيالا على صفحته في فيسبوك. رئيس الحكومة التشيكية مقتنع أن ذلك "تحد لنا، لكننا سنتغلب عليه".
هذه القمة ستكون استمراراً غير مباشر لرئاسة التشيك للاتحاد الأوروبي في عام 2009، عندما عقدت القمة التأسيسية للشراكة الشرقية في براغ، والتي فتحت باب التعاون بين دول كانت في الماضي جزءاً من الاتحاد السوفيتي (أوكرانيا، مولدوفا، جورجيا، أرمينيا، أذربيجان) والاتحاد الأوروبي.
إدارة الأزمات
وفقاً للمراقبين، فإن مفتاح نجاح الرئاسة التشيكية للاتحاد الأوروبي سيكون ما إذا كانت ستتمكن من الاستمرار في تقديم الدعم الهائل لأوكرانيا، والتأكد من أنها لن تخسر الحرب مع روسيا والتغلب على تداعيات العدوان الروسي. بالإضافة إلى ذلك، ستقوم جمهورية التشيك أيضاً بإدارة النقاش حول اعتماد الخطوات التشريعية لخطة المناخ المعروفة بـ Fit 55. "يكفي أن نحقق أهدافنا الأساسية: مساعدة أوكرانيا، التعامل مع أزمة اللاجئين، وحل أزمة الطاقة"، كما تقول هيلينا تروشلا، كبيرة المحللين في مركز الأبحاث التشيكي České zájmy v EU.
قبل بدء الرئاسة مباشرة، تعرضت الحكومة التشيكية لفضيحة فساد تورط فيها ساسة من حزب STAN، وهو ثاني أكبر حزب في الائتلاف الحاكم المكون من خمسة أحزاب. وهذا يذكرنا بالوضع في عام 2009، عندما سقطت حكومة ميريك توبولانيك في منتصف الرئاسة التشيكية الأولى. وقد حلت الأزمة بالاستقالة السريعة لوزير التعليم ونائب رئيس حزب STAN، بيتر غازديك. وبرر غازديك رحيله عن الحكومة: "لا أريد تعريض الحكومة أو التحالف للخطر على عتبة رئاسة الاتحاد الأوروبي"، نافياً الاتهامات عن نفسه في الفضيحة. على عكس عام 2009، عندما لم يكن لرئيس الوزراء توبولانيك أغلبية في البرلمان، هذه المرة يمكن للائتلاف الحاكم في التشيك الاعتماد على أغلبية ثابتة من 108 من أصل 200 نائب.
لوبوس بالاتا/خ.س