دول الربيع العربي تكافح من برلين لاستعادة مكانتها السياحية
١٠ مارس ٢٠١٢هل يمكن لي كامرأة زيارة بلدكم بمفردي؟ هل منعتم ملابس البحر على السائحات الأوربيات في بلدكم؟ وهل صحيح ما يروج الآن عن السياحة الإسلامية التي تمنع تناول الكحول؟ إنه غيض من فيض الأسئلة التي حملها زوار ألمان وأوروبيون لمعرض السياحة في برلين، وتوجهوا بها إلى وكالات الأسفار ومسؤولي القطاع السياحي العرب المشاركين في أكبر معرض للسياحة في العالم. وهي أسئلة تحمل قلق السائح الغربي تجاه تطور الأحداث في العالم العربي نتيجة ربيعه الديمقراطي. لاسيما بعد فوز أحزاب إسلامية في دول شمال افريقيا الثلاث(تونس، مصر، المغرب) التي شهدت انتخابات في سياق الربيع العربي.
موقع DW طرح هذه الأسئلة على مسؤولي قطاع السياحة في عدد من بلدان الربيع العربي الذين شاركوا في معرض برلين العالمي للسياحة(أي تي بي) الذي انطلق يوم 7 مارس آذار وتختتم فعالياته الاحد 11 مارس آذار 2012 ، كما يرصد مدى اهتمام الشركات السياحية الألمانية بمواصلة توجهها نحو المغرب وتونس ومصر كوجهات سياحية مفضلة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وإلى أي حد أثرت أحداث الثورات العربية على هذه الأسواق، في ظل ظهور مؤشرات عن تراجع السياحة في تونس ومصر وتواضع حصيلتها في المغرب. حيث سجل قطاع السياحة التونسية في السنة الماضية تراجعا بأكثر من 40 في المائة. أما المغرب فلم يتأثر بشكل كبير، مستفيدا نسبيا من الاضطرابات في تونس ومصر، اذ سجل القطاع السياحي المغربي نموا بنسبة أكثر من 4 في المائة مقارنة مع سنة 2010.
سياسة "هجومية" للمغرب
وفي حوار لـ DWوزير السياحة المغربي الدكتور لحسن حداد يرجع تواضع الحركة السياحية في المغرب مقارنة بطموحاته إلى اسباب بنيوية تتعلق أولا بطبيعة المنتوج السياحي المغربي الذي يحتل فيه الشاطئ والشمس المكانة البارزة ، خاصة وأن المنافسة قوية في هذا المجال وثانيا الجودة لدى الوحدات الفندقية. أما السبب الثاني فيبقى ظرفيا في نظر الوزير، ويتعلق بالأزمة الأوروبية والربيع العربي والاعتداء الارهابي الذي شهدته مدينة مراكش العام الماضي. لذلك ينتهج المغرب، كما يؤكد وزير السياحة في حوار لـ DW، استراتيجية تتكون من ثلاثة أعمدة. أولها اتباع سياسة "هجومية" خاصة في أسواق ألمانيا وأوروبا الشرقية والدول الاسكندنافية، وثانيا تطوير الجودة وثالثا تنويع المنتوج السياحي المغربي لجلب أكبر عدد ممكن من السياح.
وقد اعتمد المغرب ما يطلق عليه "استراتيجية 2020"، ويسعى المغرب من خلالها إلى أن يصبح ضمن أفضل 20 وجهة سياحية في لعالم، وذلك في أفق 2020. وتضع هذه الاستراتيجية السياحة كقضية التنمية المستدامة والبيئة على رأس أولوياتها باستثمارها للمؤهلات والثروات الطبيعية والثقافية لفائدة النمو الاجتماعي والاقتصادي لجميع مناطق البلد.
وتساهم السياحة في المغرب بأزيد من 9 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وقد سجل عدد السياح الوافدين للمغرب أزيد من 9 ملايين سائح في السنة الماضية. كما ارتفعت المداخيل السياحية إلى نحو 60 مليار درهم ما يعادل 5،2 مليار يورو، ليظل هذا القطاع أهم مصدر للعملة الصعبة. وتؤمن السياحة فرص العمل في المغرب لنحو 700 ألف شخص.
تونس تسعى لاستعادة مكانتها سياحيا
أما تونس، فإن المسؤولين عن القطاع السياحي فيها يؤكدون سعيهم لاسترجاع السائح الأجنبي بعد التراجع الذي سجل خلال العام الماضي. وذلك من خلال نهجها خطة دعائية بدأت في تنفيذها منذ منتصف يناير الماضي تحت اسم "اكتشف تونس من جديد"، وهي سياسة تعتمد كما يقول وزير السياحة التونسي إلياس فخفاخ في حوار لـ DW ، على "تسويق المنتوج السياحي التونسي في تنوعه وتعدده الطبيعي والثقافي والايكولوجي(البيئي) دون إغفال بعد الاستجمام والاستشفاء. ففي هذا المجال، تأتي تونس في المرتبة الثانية بعد فرنسا".
وتتركز خطة السياحة التونسية الجديدة حول خمسة محاور رئيسية، وهي تنويع العرض وتجديده والترويج والتسويق وتطوير الإطار المؤسساتي وإعادة الهيكلة المالية للقطاع والعبور نحو سياحة تعتمد التكنولوجيات الحديثة للمعلومات والاتصال . وتمثل السياحة 6،5 في المائة من الناتج المحلي الخام، بتونس. وتقدر عائداتها بـ 3530 مليون دينار ما يعادل 1،8 مليار يورو في السنة ويوظف القطاع نحو 400 ألف شخص.
مصر ضيف شرف
وفي اطار دعم القائمين على معرض برلين لدول الربيع العربي، أُختيرت مصر كضيف شرف لدورة المعرض لهذا العام. ونزل المسؤولون عن قطاع السياحة المصرية بكل ثقلهم من أجل إيصال رسالة من برلين إلى العالم، مفادها أن مصر تراهن على السياحة لاسترجاع مكانتها. فقد كانت لثورة مصر التي أطاحت بمبارك، تداعيات منها اتاحتها المجال لفوز الاسلاميين في الانتخابات البرلمانية، وتأثيرها السلبي على اقتصاد البلاد. غير أن تطورات الأحداث هناك تخلق ايضا ارتباكا لدى المتتبعين الأوروبيين خاصة السياح منهم الذي بدأوا يسمعون عن "سياحة حلال" تمنع تناول المشروبات الكحولية وملابس "البيكيني".
وفي هذا السياق، يرد وزير السياحة المصري منير فخري عبد النور عن سؤال لـ DW قائلا:" وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا. لا توجد سياحة حلال أو سياحة حرام. السياحة توفر هذا التعارف والتقارب والتحاور بين الشعوب و هناك احترام لخصوصية الشعوب واحترام لحرية الفرد في إطار القانون العام".
اهتمام السياح الألمان بالمنطقة متواضع
ويعتبر الألمان من أنشط شعوب العالم في خريطة السياحة العالمية. إذ تقدرالاحصائيات نحو 60 مليون سائح ألماني. ورغم قرب العالم العربي من ألمانيا ، فلا يشكل نصيبه سوى أكثر بقليل من 3 ملايين سائح ألماني. وتعتبر مصر الوجهة الأكثر جلبا للسائح الألماني بأزيد من مليون سائح. في حين تجلب تونس 540 ألف والمغرب 296 ألف.
وقد أثرت التطورات السياسية التي عرفها العالم العربي على حركة السياحة الألمانية للعالم العربي، خاصة في مصر وتونس. فقد تراجع عدد السياح الألمان إلى تونس بحوالي 40 في المائة في العام 2011. غير أنها بدأت تسترجع حيويتها. حيث سجل شهر يناير الماضي ارتفاعا قدر بـ 68 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية. وهذا يعني في نظر محمد علي التومي رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة العودة التدريجية لوضعية 2010. وعلى عكس تونس يبدو أن المغرب استفاد كثيرا من تراجع السياحة الألمانية في تونس ومصر، حيث سجلت إحصائيات 2011 ارتفاعا ملحوظا في عدد السياح الألمان إلى المغرب بزيادة قدرت بـ 7 في المائة.
محمد مسعاد - برلين
مراجعة منصف السليمي