دو ميزيير: لن نسمح للإرهاب بإشاعة الفزع في ألمانيا
١٨ نوفمبر ٢٠١٠بعد أقل من يومين على التحذير الذي وجهه وزير الداخلية الاتحادي توماس دو ميزيير عن إمكان وقوع اعتداء إرهابي قريبا في ألمانيا استكملت الأجهزة الأمنية في البلاد كامل استعداداتها لحماية الأمكنة التي قد يستهدفها الإسلاميون المتطرفون في مختلف أنحاء ألمانيا. وبدأت عيون المواطنين تتعود على رؤية أعداد كبيرة من الشرطة المزودة برشاشات آلية الحركة وسترات واقية وكلاب مدرّبة في أماكن عديدة، خصوصا في محطات القطارات الرئيسة والمطارات وعدد آخر من المؤسسات العامة والخاصة، خاصة الأميركية والأوروبية واليهودية.
وإضافة إلى الشرطة يتواجد عدة مئات من القوى الأمنية والاستخباراتية في اللباس المدني في النقاط الهامة دون أن ينتبه إليهم أحد، ويرصد الاختصاصيون الأمنيون المخابرات الهاتفية والرسائل الالكترونية للمشتبه بهم من خلال استخدام أحدث الوسائل التقنية.
طرد مفخخ كان سيرسل من ناميبيا
وفي تطور جديد أكد الوزير دو ميزيير أن الطرد المشبوه الذي كشفته السلطات الأمنية في مطار ويندهوك بناميبيا كان سيرسل إلى ألمانيا على متن طائرة "إير برلين" المتوجهة إلى ميونيخ. وأضاف على هامش مؤتمر وزراء داخلية الولايات الألمانية المنعقد في هامبورغ أن المعلومات القادمة من البلد الإفريقي تؤكد إلى حد كبير فرضية إرسال الطرد إلى ألمانيا، إنما من غير الواضح تماما بعد ما إذا كان الصاعق الموضوع فيه يعمل.
خلال ذلك وصل وفد أمني ألماني إلى ويندهوك يضم خبراء متفجرات، للاطلاع على محتويات الطرد وتقدير مدى خطورتها. وذكرت معلومات أن الطرد المفخخ الذي يشبه الطرود التي أرسلت من اليمن يحتوي على عدد من البطاريات الموصولة بشريط كهربائي وبساعة توقيت كانت تعمل لدى الكشف عنها.
ولم يعرف بعد من أوصل الطرد المفخخ، وكيف مرّ دون أن تكشفه أجهزة المراقبة، وقبل أن يكتشفه لاحقا حارس أمني إلى جانب حقائب مسافرين ألمان إلى ميونيخ. وذكر مراسل التلفزيون الألماني في ويندهاوك أن جميع المسافرين على الطائرة والحقائب أخضعوا من جديد للمراقبة الدقيقة قبل أن تقلع الطائرة، متأخرة ست ساعات عن موعدها. وبدلا من أن تطير طائرة الشركة الألمانية مباشرة إلى ميونيخ، حطت في تونس، حيث جرى إنزال الركاب من جديد، وتكرار عملية تفتيش حقائبهم. وحطّت الطائرة أخيرا في ميونيخ منتصف ليل الأربعاء.
دو ميزيير: لن نسمح للإرهاب بإشاعة الفزع
وشدد الوزير دو ميزيير على أن التدابير الأمنية الاستثنائية "التي اتخذت ستستمر حتى إشعار آخر". ودعا المواطنين إلى متابعة حياتهم اليومية كالعادة، مع رفع وتيرة الحذر لديهم، والإبلاغ بسرعة عن أي أمر يثير الاشتباه. وقال: "يسعى الإرهاب الدولي إلى إشاعة الفزع والخوف في بلدنا، لكننا لن نسمح له بذلك".
وفي الوقت الذي حدد دو ميزيير المصدر الداخلي للمعلومات، وهي أجهزة الاستخبارات الألمانية، لم يشر إلى هوية مصدرها الخارجي، ما ترك مجالا لتكهنات عدة. وفيما تحدثت معلومات عن أن الاستخبارات الأميركية هي "الشريك الخارجي" المحذر الذي عناه الوزير، مشيرة إلى قيام من اثنين إلى أربعة أعضاء في "القاعدة" بالتحضير لهجمات في ألمانيا، ذكرت مصادر إعلامية أخرى أن دولة إسلامية تقف على الأرجح وراء التحذير.
لكن المؤكد في الأمر أن وزارة الداخلية الألمانية أسدلت ستارا من السرية على الأمر، لعدم إحراج الدولة المعنية، أو تعريضها إلى عمليات انتقام. وبعد أن ذكر الوزير أن الاعتداء قد يقع قبل نهاية الشهر الجاري، لمّحت وسائل إعلام إلى أن الإسلاميين سينفذونه في الثاني والعشرين منه. وطال قلق السلطات الألمانية الآن أسواق عيد الميلاد التي تكتظ كل سنة بالآلاف من الناس، وتفتح أبوابها بين الثامن والعشرين من الشهر الحالي والتاسع عشر من الشهر المقبل.
وأشارت معلومات أيضا إلى أن أكثر من 200 إسلامي من ألمانيا تلقوا تدريبات عسكرية في الخارج، خاصة في باكستان وأفغانستان، وأن نصفهم تقريبا عاد إلى ألمانيا، وبينهم ألمان أسلموا، بهدف التحضير لاعتداءات. وتحدثت مصادر الشرطة الاتحادية عن أن قيادتها وضعت قوات أمنية خاصة على أهبة الاستعداد لاستخدامها في مهمات نوعية طارئة مثل منع وقوع أو القضاء على عملية إرهابية، على مثال ما وقع في مومباي الهندية التي ذهب ضحيتها 166 شخصا.
تريتين: إنذار دو ميزيير غير دقيق
وانتقد رئيس الكتلة النيابية لحزب الخضر يورغن تريتين الإنذار الذي أطلقه الوزير دو ميزيير، معتبرا أنه "غير دقيق". وقال إنه كان من الأفضل له "أن يحدد الأخطار بصورة أوضح بدلا من إشاعة الخوف والقلق من خلال انعدام الوضوح". وحضّ رئيس مجلس الشرطة الاتحادية ماتياس زيغر المواطنين على إبداء الحذر الشديد وتفادي الوقوع في الهلع، مشيرا إلى أن ألمانيا موجودة في دائرة خطر الإسلاميين الإرهابيين منذ 11 أيلول/سبتمر 2001.
ولفت رئيس نقابة الشرطة الألمانية كونراد فرايبيرغ إلى استمرار وجود ثغرات في خطط مواجهة اعتداءات إرهابية في البلاد" مشيرا أيضا إلى أن المواطنين غير مهيأين للتعامل مع نتائج وقوع اعتداء إرهابي مكلف.
وذكرت صحيفة "باساور نوين بريسّه" الألمانية أن لإنذار وزير الداخلية الاتحادي علاقة على ما يبدو بقيام طائرة استطلاع أميركية دون طيار بقصف موقع على الحدود الأفغانية ـ الباكستانية مطلع الشهر الماضي، قتل فيه، حسب مصادر أمنية باكستانية، عدد من الإسلاميين الألمان، الأمر الذي حثّ رفاقا معهم على الانتقام. وكان ألمان اعتنقوا الإسلام هددوا من أفغانستان أكثر من مرة بتنفيذ اعتداءات في ألمانيا إذا لم تسحب الحكومة الألمانية قواتها من هناك في أسرع وقت ممكن.
اسكندر الديك
مراجعة: منى صالح