دنيا القتيلة تفتح ملف جرائم الشرف مجددا في كردستان
٣٠ مايو ٢٠١٤القاصر "دنيا " المتزوجة من رجل يكبرها بثمانية وثلاثين عاما ، قتلها زوجها المزعوم بأبشع طريقة ومثّل بجسدها بشكل وحشي ، حدث ذلك في قرية بقضاء الشيخان في محافظة دهوك وأثار الحادث ردود فعل في الإقليم وفي أنحاء العالم.
ويمكن لمن يُراقب الوضع في كردستان أن يلحظ أن مساحة حرية المرأة في مدن الإقليم قد اتسعت بشكل ملحوظ ، فصارت حاضرة في المجالات الحكومية والأكاديمية وفي مؤسسات المجتمع المدني. كما تراجعت نسبة المحجبات، واختفت تقريبا ظاهرة المنقبات حتى في الأرياف. لكن الإقليم يشهد بين فترة وأخرى جرائم يصفها البعض بأنها جرائم شرف ، ويتذكر العالم الفيديو الذي بث على الانترنيت عام 2007 والمتضمن قتل الفتاة الأيزيدية "دعاء" ذات السبعة عشر ربيعا رجما في شارع بمدينة بحزاني شمال شرق الموصل وهذا يدفع المهتم بشؤون المنطقة إلى النظر في حقيقة أوضاع وحقوق المرأة في الإقليم وفي العراق عموما.
الملفت للنظر في جريمة قتل المرأة القاصر دنيا، أنّ منظمات المجتمع المدني في الإقليم تحركت لوضع القضية أمام أنظار الرأي العام، وتتابع ملف القاتل قانونيا لينال جزاءه.كما حشدت التنظيمات النسوية عدة تظاهرات تنديدا بالجريمة البشعة .
قتل وتقطيع وسحل وإطلاق نار على طفلة في الرابعة عشرة !!
الزوج المتزوج بأخرى ولديه 6 أطفال منها ، شكّ في أن زوجته المراهقة تخونه مع صديق لها فقتلها ومثّل بجسدها الصغير ثم سحل جثتها بسيارته ، وأطلق النار على الجسد والقي به وهو دام مقطع في شارع بمدينة الشيخان.
من اربيل، تحدث الناشط ضياء بطرس رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الانسان في كردستان العراق لمايكروفون برنامج العراق اليوم من DW مدينا في البداية كل عملية قتل بغض النظر عن دوافعها، مشيرا إلى أن كلامه ينسحب على أي فرد في المجتمع سواء كان امرأة أو رجلا، ومبينا أن هناك أساليب متعددة لتصحيح الأخطاء إذا وقعت.
وفي معرض شرحه للجريمة أشار إلى أن هناك تسريبات تلمح إلى أن الجريمة وقعت لأن الصبية كان لها صديق بعمرها تلعب معه ، وافترض أن هذا الادعاء صحيح فقال " وهي بهذا العمر تحتاج إلى من تلعب معه لعب الأطفال، وبهذا العمر كيف لنا أن نسمي ما بينهما علاقة؟؟ فهي لا تفهم أي شيء، وزوجها قد تزوجها وهي في الرابعة عشرة من العمر، فيما يفوق عمره الخمسين ، وتزويجها من هذا الرجل بحد ذاته جريمة ".
"قوانين على الورق ومحفوظة في الأدراج"
الجريمة تثير أسئلة كثيرة عن وضع المرأة في المجتمع العراقي بشكل عام، وبالخصوص وضعها في الإقليم. وتثير أسئلة عن تنفيذ القانون والقائمين على تنفيذه وغيابهم حيث سحل القاتل ضحيته بالسيارة في الشوارع ثم أطلق عليها النار مرارا ورمى جثتها في الشارع دون ان يتعقبه احد.
الإعلامية والناشطة النسوية فيان جلال وقد شاركت في حوار مجلة العراق اليوم من DW أشارت إلى أن القوانين موجودة ولكنها غير فاعلة ، ومنها قانون العقوبات " والمادة الخاصة بالقتل غسلا للعار، وهي موجودة فعلا ولكنها لا تنُفذ ، فهي مجرد قوانين على الورق ومحفوظة في الأدراج". ولفتت فيان الأنظار إلى أن مساحة حرية المرأة في كردستان العراق اكبر بكثير من باقي محافظات العراق لكن جرائم القتل غسلا للعار تقع هنا وهناك في أنحاء الإقليم بين فترة وأخرى،".
في مداخلة من البصرة أشارت المحامية سوسن الشيخ إلى أن المجتمع قد يسمح بجرائم الشرف، ولكن القانون لا يسمح، بل ينص على وجوب أن تضبط الزوجة متلبسة بفعل الخيانة ، وبينت ان هناك ثغرة في القانون تتعلق بوجود شاهد، لأن بوسع القاتل أن يقول" لا شاهد عندي، ويفلت من العقاب".
وبشكل عام تعتبر أوضاع النساء في المدن أحسن منها في الأرياف، ولكن هذا لا يصح دائما، لأن القيم العشائرية والقبلية سادت المدن العراقية في العقدين الأخيرين، وعادت إلى الظهور تقاليد وعادات اندثرت عبر الزمن.
وعابت الناشطة فيان جلال تطبيق النص الشرعي والقانوني في "جريمة" الزنا على المرأة فقط وإغفال الرجل رغم انه يمارس العملية نفسها ومع ذات المرأة المتهمة، فيما أعرب رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في كردستان العراق عن استغرابه لوقوع جرائم بهذه الوحشية وبشكل علني في كردستان العراق الآمنة المستقرة مؤكدا ضرورة فضح مثل هذه الجرائم ومعاقبة مرتكبيها.
"بيوت المأوى لحماية النساء منتشرة اليوم في كردستان"
ونوه بطرس إلى أنّ " قانون العقوبات العراقي 111 لسنة 1969 الذي شرع في العهد البائد ، مازالت بعض فقراته عاملة ، وهو يحتاج إلى تعديل كثير من هذه الفقرات، وخصوصا الخاصة منها بجرائم القتل غسلا للعار". ونبه بطرس إلى انه قد جرى في كردستان العراق تشريع "قانون ينص على اعتبار الجرائم التي ترتكب بعنوان غسلا للعار مشمولة بعقوبة القتل العمد ولا تختلف عنها قطعا" ، مشيرا إلى أن هذا القانون هو فعلا في حيز التنفيذ ، ومفسرا أنّ وجود القانون هو سبب فرار قاتل الطفلة دنيا وتواريه عن الأنظار، ومبينا أن السلطات في الإقليم تتابع الموضوع وتسعى الى إلقاء القبض عليه ومحاكمته " وهو ما أكده حرفيا رئيس حكومة الإقليم نجريفان بارزاني".
وفي اتصال من الموصل أشارت أم صهيب إلى ضرورة " عدم اللجوء إلى القتل لوجود وسائل أخرى لمعاقبة المرأة التي تخطئ، إذ يمكن مثلا للزوج أو الأب أو الأخ توجيه تحذير لها ، وعليه أن يعطيها فرصة لتلافي الخطأ ".
وتشيع اليوم في كثير من دول العالم بيوت حماية النساء اللواتي يتعرضن للعنف والتهديد " وهن الموصوفات بالمعنفات في خطأ شائع بات متداولا !" ، ولا تُعلن في العادة عناوين هذه البيوت، بل تتولى مؤسسات حماية الأسرة نقل النساء المعرضات للعنف الى تلك البيوت لحمايتهن. وقد أشارت فيان جلال الى وجود بيوت من هذا النوع في كردستان تسمى "شيلتر " ومضت الى القول" ولا استطيع أن أفصح عما يجري في داخل هذه البيوت لأنها هنا أيضا سرية، ولكن على حد علمي أنها تحمي النساء".
وفي معرض تبيانه للحالات التي يقبلها المأوى، أشار ضياء بطرس إلى أن النساء الذين يحكم عليهن بالحبس، يواجهن خطر القتل بعد إنهاء مدد سجنهن، فتحيلهن سلطة القضاء إلى المأوى لضمان حمايتهن ، خاصة من ذويهن الأقربين الذين قد يقتلونهن.
ملهم الملائكة