"دلو الماء المثلج" في نسخ عربية تحاكي هموم الواقع
٤ سبتمبر ٢٠١٤
بعد تحدي "دلو الماء المثلج" الذي انطلق قبل أسابيع في الإنترنت، في إطار حملة للتوعية بخطورة مرض التصلب الجانبي الضموري، ظهر تحد آخر مختلف في العالم العربي، يقوم المشارك فيه بسكب دلو من التراب والحجارة أو الركام على رأسه، من أجل لفت النظر إلى معاناة أهالي قطاع غزة الذين تعرضوا على مدى واحد وخمسين يوماً للقصف الإسرائيلي، الذي دمّر آلاف المنازل هناك وحولها إلى رمل وحجارة.
هذا ما يحس به الناس في غزة!
كان أول من أطلق تحدي "دلو الركام" فنان كوميدي أردني يدعى محمد دروزة عبر حسابه على موقع "فيسبوك"، بعد أن قبل تحدي دلو الماء المثلج. لكنه اختار أن يصب على نفسه دلواً من التراب بدل الماء، قائلاً في فيديو نشره على يوتيوب: "نحن العرب لا نعرف مرض التصلب الجانبي الضموري. لماذا علينا إذن أن نسكب الماء على رؤوسنا لنحس بمعاناتهم؟ ومن سيحس بمعاناة إخواننا في غزة؟". وأضاف بعد أن سكب الركام على رأسه: "هذا هو الشعور الذي يحس به الناس في غزة !"
جاءت مبادرة الكوميدي الأردني دروزة كرد فعل على النجاح الكبير الذي حققته حملة دلو الماء المثلج في "لفت نظر العالم إلى مرض نادر وجمعها لملايين الدولارات خلال زمن قياسي من أجل معالجته، في الوقت الذي لا يهتم فيه أحد بمآس أشد قسوة تعاني منها المنطقة العربية، ومنها مأساة غزة"، كما يؤكد دروزة في مقطع الفيديو.
"دلو الركام" لإعادة إعمار غزة
في ذات السياق، لم يتردد المغني الفلسطيني الحائز على لقب "محبوب العرب" العام الماضي، محمد عساف في قبول تحدي "دلو الركام". وحصد مقطع الفيديو الذي نشره على موقع "تويتر"، ثم على موقع "يوتيوب"، حوالي 55 ألف مشاهدة.
ويقول محمد عساف، في تعليق له على مقطع الفيديو الذي نشره: "غزة تطلق للعالم تحدي دلو الركام، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا أدنى مقومات الحياة هناك، بفعل الحصار الخانق للعام الثامن على التوالي (...). شاركوا غزة ألمها وأملها، ولنكن إلى جانبها ولو بأقل قدر متاح".
ودعا الفنان الفلسطيني إلى المشاركة في حملة جمع التبرعات لغزة، قائلاً: "لقد شهدت الدمار الهائل الذي حصل في غزة في السنوات الماضية، لذلك أدعو جميع العرب إلى دعم هؤلاء الناس بكل ما نستطيع لإعادة إعمار المدينة".
"مآس أشد فتكا من التصلب الضموري"
كما قام شاب فلسطيني آخر بالمشاركة في الحملة، لكن هذه المرة بدلو فارغ، إذ نشر الشاب مقطع فيديو على موقع "يوتيوب" قام فيه بمحاولة سكب ما فيه على رأسه، ثم كشف بعد ذلك أن الدلو فارغ، قائلاً: "الاحتلال الإسرائيلي يستنزف جميع موارد حياة الفلسطينيين... ومنذ الشهر الماضي، يعيش الآلاف من الفلسطينيين في غزة أزمة مالية حقيقية".
وكان المغربي سعيد السباعي بين أول من قاموا بنشر مقطع فيديو للتضامن مع غزة على حسابه على "فيسبوك"، حيث قام بسكب دلو من الركام على رأسه. يقول سعيد، في حديث مع DW عربية: "جاءت فكرة تحدي دلو الركام وأنا أشاهد مع بعض أصدقائي مقاطع فيديو لتحدي دلو الماء المثلج. فاستنكرت كيف يهدر هؤلاء الماء، بينما يعيش الكثير من الناس في معاناة كبيرة نتيجة شحّ المياه، لاسيما الفلسطينيين، الذين استنزف الاحتلال موارد حياتهم".
ويضيف سعيد بالقول: "أردنا بفكرة دلو الركام أن نخرج عن هذه القاعدة ونتضامن مع آلاف الفلسطينيين الذين يسقط ركام منازلهم يومياً على رؤوسهم بسبب القصف، ويعانون التشرد بسبب ذلك. لكن للأسف لم تلق هذه الحملة نفس الصدى الواسع الذي كان لحملة دلو الماء المثلج، رغم أنها قضية إنسانية عادلة ومأساة أشد فتكاً من مرض التصلب الضموري النادر جداً".
وإذا كانت حملة "دلو الماء المثلج" قد حققت نجاحاً كبيراً، فإن النسخة العربية لم تلق مثل هذا الاهتمام، رغم إنشاء صفحة على "فيسبوك" تحمل اسم "حملة دلو الركام لمشاهير العرب"، التي تحتوي على مقاطع فيديو لشخصيات عربية مشهورة تسكب التراب والحجارة على رؤوسها، هذا بالإضافة إلى "حملة دلو التراب تضامناً مع غزة". لكن هذه الصفحات لم تلق الكثير من المعجبين، فالأولى حصلت على حوالي 600 معجب، والثانية على ما يقارب 100 معجب فقط.
"يجب أن يستفيد العرب من العولمة"
أما الشاب محمد التسولي من المغرب، فيرى أنه "يجب استغلال مثل هذه الأفكار لتكييفها مع احتياجات ومشاكل مجتمعاتنا العربية. لذلك شاركت في هذا التحدي، لكن ليس للتضامن مع مشاكل الولايات المتحدة الأمريكية". وكان الشاب التسولي قد نشر شريط فيديو على موقع يوتيوب، قام فيه بسكب دلو من الماء المثلج على رأسه، أتبعه بسؤال: "أين الثروة؟ يجب على المغاربة جميعاً أن يبحثوا عنها، ربما نجدها في دلو ما"، محققاً في ذلك ما يقارب الـ 50 ألف مشاهدة. وسؤال "أين الثروة؟" كان قد طرحه ملك المغرب محمد السادس في خطابه بمناسبة عيد العرش لسنة 2014، قائلاً: "أتساءل باستغراب مع جميع المغاربة أين هي ثروة المغرب؟ وهل استفاد منها جميع المغاربة؟".
ويستطرد التسولي: "فكرة الدلو في المجتمعات العربية، تبين لنا كيف يمكن للشباب العربي الاستفادة من العولمة، وتكييف ما هو عالمي للتلفت إلى ما تعانيه المجتمعات العربية باستخدام الويب والمواقع الاجتماعية".