داعش في الموصل - رايات سود ومحاكم وجثث
١٦ يوليو ٢٠١٤"سيارات البلدية التي أخذ عمالها مني أكياس القمامة هذا الصباح باتت هي الأخرى تحمل الأعلام السوداء للدولة الإسلامية في العراق والشام." هذا نص ما قاله المواطن الموصلي إيهاب محمد.
بعد أن صارت داعش هي السلطة الواقعية ، يلحظ المرء في شوارع المدينة أن عناصرهم يرتدون الزي الأفغاني الأسود وهؤلاء هم "الشرطة الأمنية" كما وجب تسميتهم في المدينة أما الذين يرتدون الزي الأفغاني باللون "الصحراوي" فهم أصحاب الرتب الأعلى من الشرطة، ويغطي الكثير منهم رأسه باليشماغ ( الكوفية) أو بالطاقية الإسلامية.
يقول إيهاب " المسلحون بعد دخولهم للمدينة أجبروا الموظفين العاملين في مصنع الألبسة الجاهزة الوحيد في المدينة على أعادة فتح المعمل والالتزام بالدوام لرسمي ، لخياطة الزي الأفغاني لعناصرهم الذين ما زال العديد منهم يرتدي الملابس العادية وليس الزي الأفغاني ( الإلزامي عليهم) ، هؤلاء هم ربما المتطوعون الجدد في صفوفهم."
"داعش" غيّرت لون سيارات شرطة المرور وحولتها إلى "سيارات شرطة إسلامية"، تحمل راياتهم ، فيما وُضع على زجاج بعضها ملصق يحمل أسم "كتيبة الليث".
وكان قد أُعلن سابقاً عن تأسيس المحكمة الشرعية لتحل محل محكمة الاستئناف التي كانت موجودة في المحافظة وعن هذا يقول المواطن رائد علي " بدأ المسلحون يقومون بدوريات في الشوارع حيث ألقي القبض على بعض الأشخاص بتهمة الإفطار العلني وحكمت المحكمة عليهم بقضاء شهر بالمجلس التأديبي الذي يتضمن تعليمهم الصلاة والصوم ومبادئ الدين خلال شهر رمضان."
"تي شرت "و" سراويل جينز" من المحرمات
أمسى بيع "تي شرت "و" سراويل جينز" والألبسة التي تحمل الصور من المحرمات في المدينة، وبعد التهديد الذي تلقاه أبوعبد الله وهو صاحب محل لبيع الألبسة الرجالية في منطقة الدوّاسة من قبل قوات داعش قرر غلق محله والهروب من المدينة ويقول " كان عددهم خمسة وقالوا لي ممنوع بيع الألبسة الأجنبية التي تحوي صوراً وكتابة وأعطوني مهلة أسبوع فقط لأزالتها من شبابيك العرض أو مصادرتها لذا نقلت البضاعة إلى البيت وسآخذ عائلتي وأغادر الموصل"
أما محمد وهو صاحب محل لبيع الأزياء النسائية فقال مستاء :" طلبوا مني عدم بيع الجينز والتيشرت وإخفاء الدمى المخصصة لعرض الملابس وعندما اعترضنا نحن أصحاب المحلات قالوا أنهم سيعطوننا مهلة قليلة وبعد رمضان لن يسمحوا لنا بالبيع"."داعش" حذرت التجار من عرض الملابس النسائية والعباءات التي تحتوي على نقوش وزخارف وهذا يعني أن الخسارة باتت كبيرة جداً للتجار وخاصة باعة الجملة منهم.
جثة "مخبر سري" في النفايات و لا توبة للقضاة
رغم عدم وجود تفجيرات، فإن مشاهد العنف ما زالت تسود المدينة، وفي هذا السياق تقول أم عمر وكانت تسكن في بيت أخيها القاضي الذي غادر الموصل بعد سقوطها " طُردت و أولادي من البيت الذي يعود لأخي الذي كان قاضيا ، حيث جاء عناصرهم والقوا بنا إلى الشارع ليلاً وقالوا إنّ هذا البيت مُصادر وهو ملكية عامة ولم يعد ملكاً للقاضي."
كما تحدثت أم محمد عن رجل يُعتقد أنه كان "مخبراً سرياً للشرطة " وهي تبكي مذعورة متذكرة المشهد "رأيت الجثة وهي محترقة تماماً ، فقد أخذ المسلحون الرجل يوم أمس من بيته ، ثم وجدنا الجثة اليوم ملقاة في مكب النفايات في المنطقة."
ورغم التوبة التي فرضتها "داعش" على أفراد الشرطة والجيش في بداية دخولها للمدينة ، فإنها أعلنت أنها لن تَقبل التوبة من القضاة الذين كانوا يحكمون بقضايا الإرهاب وكذلك المخبرين السريين العاملين لدى الشرطة والمخابرات الرسمية.
كما شملت التهديدات ومصادرة البيوت في الموصل أيضاً مرشحي الانتخابات البرلمانية وأعضاء مجلس النواب ومجلس المحافظة كما أن "داعش" مازالت تستولي على منازل وأملاك العراقيين من الشيعة الشبك والمسيحيين في المدينة ، ودأبت أن تكتب بالدهان الأسود على جدران المنازل التي تصادرها "مُصادرة ومُباح ما فيها من أثاث" خاصة أنّ أصحابها لم يعودوا إليها مرة أخرى بعد تهجيرهم من الموصل، رغم كل هذا الرعب ، مازالت قلة من أسر المسيحيين والشبك الشيعة تقطن المدينة خائفة مستترة في بيوتها.
سهى عودة – الموصل