"داعش" ـ خلافة الرعب والخطر المتمدد في أرجاء العالم
٥ ديسمبر ٢٠١٤اسطنبول بوابة من يطلق عليهم لقب "الجهاديين". هنا يجدون قنوات اتصال بتنظيم "الدولة الإسلامية" المزعومة ليتجهوا بعدها نحو الشرق الأوسط. "لقد بايع الكثيرون التنظيم وهناك من بايعه سرا أيضا. إنهم منتشرون، تنظيم داعش في كل مكان: في أميركا وأوربا والسعودية أيضا... هناك مسلمون في كل مكان في العالم ينتظرون فقط الأوامر لشن ضرباتهم"، هذا ما يقوله أحد أعضاء تنظيم "الدولة الإسلامية" التقينا به في اسطنبول. وهو مقاتل ذو خبرة من القوقاز ولا يعترف بوجود حدود لدولة الخلافة.
أينما حلت "داعش" حل الرعب والموت والتشرد. ما يسمى بالدولة الإسلامية الشمولية يشكل تهديدا متزايدا وخاصة في بؤر التوتر في العالم الإسلامي والتي تعد مساعدتها أكبر التحديات. فيلم وثائقي من إنتاج محطة SWRالألمانية وبثته قناة DWعربية، يسلط الضوء أكثر على مدى تغلغل هذا التنظيم وخطورته و"تمدده".
الأصدقاء والأعداء
تخصص السعودية إمكانيات وجهودا كبيرة لمحاربة الجماعات الإرهابية التي تسعى للإطاحة بالعائلة المالكة في السعودية، ومنها تنظيم القاعدة الذي يحظى بمؤيدين كثر داخل هذا البلد. بقي العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز حتى اليوم يتعامل بشكل متناقض مع عنف الجماعات الإسلامية. فهو لم يدعم في سوريا المقاتلين المعتدلين فحسب، بل المتطرفين أيضا بغية الإطاحة بنظام الأسد. هدف الحكام السعوديين هو تعزيز مكانتهم كقوة إقليمية في وجه إيران وهكذا لم تنضم السعودية إلى التحالف الدولي ضد "داعش" إلا بعد تزايد ضغوطات الولايات المتحدة عليها.
وبالرغم من ذلك لا يزال هناك أصوليون سعوديون أثرياء يدعمون "داعش" بالملايين، لكن الحكومة تنفي دعمها لهذا التنظيم. "عندما يزعم أحدهم أن السعودية تمول الإرهاب فهذا هراء فليقدم لنا أحدهم حالة محددة وليثبتها بأدلة وحينها سنتصرف"، يقول اللواء منصور التركي المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية السعودي.
ويرى باحثون أن السعودية يساورها الكثير من القلق حيال تزايد نفوذ "داعش" لأن ذلك يهدد شرعيتها. أما قطر التي يعتقد على نطاق واسع أنها دعمت إسلاميين متطرفين في العالم العربي، فهي لا تدعم تنظيم "الدولة الإسلامية" كما تقول. بيد أن للخبراء رأيا مختلفا، فقطر متهمة بدعم المجموعات الجهادية في سوريا على الأقل في الماضي.
"نظام الأسد أرحم"
في دمشق كلما ازدادت قوة تنظيم "الدولة الإسلامية" في الشمال كلما تضامن الناس مع بعضهم أكثر. حاليا أصبح الكثيرون يفضلون نظام الأسد على الإسلاميين المتطرفين إذ أصبح الناس يشعرون بالرعب من تنظيم "داعش" وهو ما تستغله الحكومة السورية للترويج لنفسها.
تركيا أيضا تواجه اتهامات بتقديم الدعم لتنظيم "داعش". ففي مدينة غازي عنتاب، التي أصبحت ملاذا للإسلاميين المسلحين يبدو الخط الفاصل بين المساعدات الإنسانية ودعم المتطرفين غير واضح. تقارير إعلامية تركية نشرت أن مستشفى خاصا هنا عالج إسلاميين متشددين من سوريا. فاطمة شاهين عمدة المدينة تقول إن محافظ غازي عنتاب نفى هذا الخبر وأكد عدم وجود مركز كهذا في المدينة "هو محض افتراء والصور أصلا لم تلتقط في غازي عنتاب".
لكن مقابلة صوتية مسجلة لمحمد زايد مدير المستشفى الخاص يوضح أن المستشفى بالفعل استقبل وعالج جهاديين مصابين. كما أن وثيقة رسمية تعود لسنة 2013 موقعة من طرف وزير الداخلية السابق محمد غولر توصي حرفيا "بتقديم المساعدة لمجاهدي (جبهة) النصرة وهم في الغالب تونسيون وشيشانيون".
داعش، خطر يهدد العالم
خطر تنظيم "الدولة الإسلامية" يمتد لشرق أكرانيا أيضا، فثمة معسكر صغير على الجبهة مباشرة حيث تحتدم المعارك ضد الانفصاليين الموالين لروسيا، هناك تتمركز كتيبة تتار القرم المسلمة. قائد الكتيبة كان يقاتل مع قوات "داعش" في سوريا، يقول "كسائر المسلمين الذين يشعرون بالقلق إزاء إخوانهم وأخواتهم، لبينا النداء وتوجهنا إلى سوريا لمحاربة نظام الرئيس بشار الأسد. رجالنا الذين يحاربون في سوريا يحاربون روسيا أيضا لأن نظام الأسد بقي صامدا فقط بفضل روسيا".
وفي ألمانيا تواجه الشرطة تحديات من نوع جديد. يوخن كالينه موظف في هامبورغ يحاول التوسط بين الجماعات العرقية والدينية في وقت يزداد فيه التوتر. يقول كالينه: "الجالية الكردية والجالية المسلمة أيضا متشككتان، أحيانا ينتاب المرء شعور بأن أمرا صغيرا قد يقلب الأمور رأسا على عقب، والسبب هو الدولة الإسلامية". التوتر بين هذه المجموعات المختلفة في الشرق الأوسط ينعكس على المسلمين في ألمانيا وقد وصل الأمر إلى حد اندلاع أحداث واعتداءات تضامنا مع "داعش"، إذ خرج سلفيون ليحتجوا أمام ناد للأكراد الذين سبق وتظاهروا تنديدا بجرائم "داعش" ضد الإيزيديين فكانت النتيجة وقوع أ‘مال عنف بين المجموعتين.
إمام مسجد السلام عبد القادر الأمين يدين أفعال "داعش" وسبق له أن منع الكثيرين من المسلمين الشباب من التوجه إلى سوريا. عبد السلام يخشى أن يغذي إرهاب "داعش" جو الكراهية هنا في ألمانيا ضد جميع المسلمين "نحن كسائر المواطنين لا نشعر بالأمان عندما يحدث أمر ما فنحن قد نتعرض أيضا إلى انفجار أو ما شابه كغيرنا تماما، ولهذا نشعر بهذا الخطر الدائم ولا نتمنى أن ينتشر".
بالنسبة للسلطات الأمنية يشكل العائدون من سوريا قلقا كبيرا، فقد فاق عددهم المائة مقاتل وأكثرهم يملك خبرات قتالية كبيرة. أما اللاجئون السوريون فقد فر معظمهم من "داعش" إلى الشرق الأوسط وقليل منهم توجه إلى أوروبا. الكثيرون ممن وصلوا إلى أوروبا لا يملكون تأشيرة الدخول إليها ويعيشون بطرق غير شرعية هربا من "داعش". و يحاول السوريون غالبا الوصول إلى الدول الاسكندينافية حيث قوانين وإجراءات اللجوء أكثر سهولة.