دارمشتات مدينة العلوم الهندسية وأبحاث الفضاء
٩ مارس ٢٠٠٦عند دخولك إلى مدينة دارمشتات تدخل في جو ثقافي يسافر بك إلى الماضي: أبنية فخمة تعود إلى عصر الباروك في القرن الثامن عشر، حين كانت المدينة مقراً للدوق الأكبر. يقع قصر الدوق في مركز المدينة تقابله دار البلدية التي تطل على ساحة السوق، والتي يرجع بناؤها إلى عصر النهضة. ولا يقتصر الأمر على المباني، فالحدائق العامة منتشرة في شتى أنحاء المدينة وتتميز بمقصوراتها وقصورها الصغيرة من عصر الباروك أيضاً. أما مرتفعات ماتيلدا، فهي تحوي العديد من المباني الفنية المتميزة، فبها متحف ومبنى للمعارض وبرج حفلات الزفاف وحديقة كبيرة وبيوت الفنانين مكونة بذلك منتجع فني كبير وجميل أنشئ قبل مئة عام. تشكل مرتفعات ماتيلدا مركزاً جاذباً لعدد من المعاهد الفنية العالمية المشهورة، لذلك اختار عدد منها أن يجعل مركزه الرئيسي في هذا المجمع الفني الجميل.
عاصمة العلوم الهندسية
لم تأت شهرة المدينة في مجال العلوم من فراغ، فعدد العاملين في مجال البحث والتطوير يضعها على رأس المدن الألمانية في هذا المجال. جامعتها التقنية شهدت اختراع الساعة اللاسلكية على يد الأستاذ هيلبرت، هذه الجامعة تعد ضمن أفضل الجامعات التقنية بألمانيا. أما معاهد المدينة العليا فتأتي في المراتب الثلاثة الأولى كما جاء في مجلة "الأسبوع الاقتصادي". "مدينة العلوم" تضم أيضاً الكثير من معاهد الأبحاث، منها كثير من المعاهد التابعة لشركات الأبحاث، التي اتخذت من المدينة مقراً لها. تعامل المدينة اليوم على أنها "العاصمة السرية لبرامج العقل الإلكتروني في ألمانيا". فقد قدمت في السنوات الأخيرة شركات متزايدة لتكنولوجيا الإعلام والاتصال إلى دارمشتات وضواحيها. ولا يعود سبب هذا فقط إلى أن بإمكان هذه الشركات جذب خريجي الجامعات للعمل لديها، لكنه يرجع لتاريخ دارمشتات العلمي الطويل. إن طابع دارمشتات كعاصمة للعلم والابتكارات ليس بالأمر الجديد، فقد ثبتت هناك دعائم الدراسة التقنية العليا منذ أكثر من مئة وخمسين سنة. ولأن المدينة كانت فقيرة آنذاك، فقد ساورت الشكوك سكان المدينة فيما إذا كان بإمكانها تمويل جامعة تقنية، لكن الرغبة في التقدم والشغف بالأبحاث وصلت المدينة إلى هذا المركز العلمي المتقدم.
الابتكار المستمر يصل بالمدينة للفضاء
أنشأت المدينة جامعات ومعاهد تدرس اختصاصات جديدة، وحضرت الأفواج من الطلبة إلى المدينة. في أواخر القرن التاسع عشر، أقيمت أول كلية للالكترونيات في ألمانيا في تلك المدينة الصغيرة، و في عام 1913 مثلاً أسس معهد لتدريس علم الملاحة الجوية وهندسة الطيران. أحد معاهد الأبحاث أطلق اسم أحد العناصر التي اكتشفها على المدنية التي احتضنته فأطلق عليه اسم "دارمشتاديوم". الرغبة الدائمة في استكشاف العلوم الجديدة هي التي دفعت بمدينة دارمشتات لتصبح مركزاً أوروبياً للعلوم الفضائية. بالإضافة إلى الجامعات والمعاهد التقنية، تضم دارمشتات معهدين مركزيين في أبحاث الفضاء الأوروبية: أويمتسات Eumetsat، معهد الأبحاث الجوية الأوروبي والإيسوك Esoc، المعهد الأوروبي لأبحاث الفضاء المسئول عن المسبار الفضائي الخاص بالمريخ Mars-Express. ولا تتوقف المدينة عن السعي للتقدم العلمي ولاستكشاف كل جديد، فقد أنشئ بها معهد جديد لعلوم الانترنت يخبر كل المهتمين عما يريدون اكتشافه عن المواقع الالكترونية.