خمسون عاما على تأسيس مكتب الداد في القاهرة
١١ أكتوبر ٢٠١٠يعد مكتب القاهرة من أوائل المكاتب التمثيلية للهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي (الداد) في الخارج، حيث يشكل المكتب الذي تم افتتاحه سنة 1960، ثاني مكتب للهيئة بعد مكتب لندن. ومن خلال هذه التمثيلية كانت الأوساط العلمية والأكاديمية الألمانية تطمح إلى فتح باب على العالم العربي وإفريقيا في مجالات التعاون العلمي والتبادل الثقافي، وهي رغبة لم تقوض من أهميتها الهزات التي عرفتها العلاقات الدبلوماسية بين مصر وألمانيا خلال النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي. صلابة هذه العلاقات وأهمية مصر بالنسبة لألمانيا يرجعها الدكتور كريستيان بوده لدور أرض الكنانة التاريخي في التطور الثقافي والحضاري للإنسانية.
تنامي اهتمام ألمانيا بمصر
لكن مصر مازالت تلعب دورا مهما للغاية في الوقت الحاضر أيضا، حسب تقدير الدكتور كريستيان بوده، وأهميتها السياسية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط وجنوبي المتوسط، كما أن المكانة العلمية لا تقل أهمية. "فمصر من أكثر الدول تقدما في هذه المنطقة، ونحن سعيدون جدا لوجودنا هناك منذ خمسين عاما، حيث استطعنا أن نكثف تعاوننا حتى يصبح تعاونا متكافئا"، كما يوضح الدكتور كريستيان بوده، الذي تولى منصب المدير العام للهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي لمدة عشرين عاما، قبل أن يتقاعد أواخر الشهر الماضي. "أول رحلة قمت بها إلى الخارج في إطار عملي كانت إلى مصر. وهذه ستكون وجهة خليفتي في هذا المنصب أيضا."
فمنذ تأسيس المكتب حصل العديد من الطلاب والباحثين المصريين على منح للدراسة في ألمانيا، سواء من طرف الهيئة الألمانية أو بتمويل من الحكومة المصرية. لكن عنوانهم الأول كان دائما هو هذا المكتب التمثيلي الذي يقدم لهم المعلومات الضرورية حول الدراسة والحياة في ألمانيا. وهذا ما سيستمر بالتأكيد في المستقبل أيضا، كما يؤكد الدكتور حسام كامل رئيس جامعة القاهرة. فحسب تقديره سيستمر التعاون "مع مصر وسيستمر الطلاب في المجيء إلى الجامعات الألمانية." لكن الدكتور حسام كامل يلاحظ تنامي ظاهرة جديدة وهي "أن هناك دارسين يأتون إلى مصر للدراسة، وليس فقط في كليات الفلسفة أو الآداب أو العلوم الإسلامية، ولكن أيضا في الاقتصاد وفي العلوم السياسية. لأن هناك اهتماما غير عادي من الجانب الألماني بالاقتصاد والعلوم السياسية في المنطقة."
مشاريع علمية مشتركة لمواجهة تحديات عالمية
لذا يركز المكتب التمثيلي أيضا على تقديم المساعدة للطلاب الألمان الراغبين في إنجاز بحوث علمية في مصر، كما يقوم بدور الوساطة بين الجامعات الألمانية ومثيلاتها في مصر والبلدان العربية من أجل القيام بمشاريع بحث علمي مشتركة. فالتعاون المتبادل والاستفادة من الخبرات الموجودة في البلدان الأخرى تشكل القاعدة العامة لعمل الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي والتي صاغته تحت شعار: التغيير من خلال التبادل - التبادل على مختلف المستويات من أجل تحقيق الأهداف المشتركة، كما يوضح الدكتور كريستيان بوده. "هذا التغيير لا يعني جانبا دون آخر. طبعا نريد أن نتغير نحو الأفضل، أي نحو عالم يعمه السلام، وخال من الحروب والإرهاب والتطرف."
تبادل ضروري بين الشرق والغرب، حيث ينظر كل منهما "إلى الآخر بتوجس ولا توجد أية طريقة للقضاء على هذا إلا عن طريق التعاون وإرسال المبعوثين والبحث عن قاسم مشترك ثقافي بيننا والبحث عن التعاون، والقضاء على جميع التيارات التي تحاول أن تبث الفتنة بين الشرق والغرب"، كما يقول الدكتور حسام كامل رئيس جامعة القاهرة. أما كريستيان بوده فيوضح الأهداف المشتركة على الشكل التالي: "هدفنا هو تحسين مستوى معيشة الإنسان باستخدام العلم للقضاء على الأمراض المعدية، والحد من وفاة الأمهات. هدفنا أيضا ضمان التغذية والحياة لثلاثة مليارات من البشر الذين سيزيدون عدد سكان الأرض خلال الخمسين سنة المقبلة. هذه أهداف عالمية لا يمكن تحقيقها دون تعاون العلماء كافة."
خالد الكوطيط
مراجعة: عبد الرحمن عثمان