خلافات أوروبية تهدد نجاح مؤتمر منظمة التجارة العالمية
عقارب الساعة تسابق الزمن قبيل انعقاد مؤتمر التجارة العالمية في هونغ كونغ. إذ تطالب عدة من الدول بالخروج بنتائج معقولة بخصوص تحرير التجارة العالمية من القيود المفروضة عليها. وبعد تأجيل الموعد المحدد لإنهاء المحادثات، مارست منظمة التجارة العالمية على قطبي الاقتصاد العالمي وهي الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ضغوطات من أجل التوصل إلى حل وسطي ينجح في تجنيب القمة القادمة التي ستعقد في هونغ كونغ بعد شهرين الفشل. ففي الوقت الذي تتمسك فيه الولايات المتحدة بموقفها، ينشغل الاتحاد الأوروبي بقضاياه الداخلية في هذا الشأن. فبعد أن قام الرئيس الفرنسي جاك شيراك بمطالبة رئيس المفوضية الأوروبية للاتحاد خوسي مانويل باروسو "بتغيير السياسة الأوروبية في مفاوضات منظمة التجارة العالمية"، التقى وزراء زراعة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في بداية الاسبوع الجاري في قمة طارئة لمناقشة الوضع. من جهة أخرى سيتم في الاجتماع القادم مناقشة آخر التطورات حول الإصلاحات الاقتصادية إضافة إلى موجة أنفلونزا الطيور التي أخذ انتشارها يتسارع ليصل إلى دول الاتحاد الأوروبي.
ورقة بريطانيا الرابحة
وتقف بريطانيا في هذه المحادثات وجها لوجه أمام فرنسا. إذ تعتبر المملكة المتحدة ممثل الاتحاد الأوروبي في المفاوضات والمقرب من رئيس الوزراء توني بلير، بيتر مندلسون بمثابة كرت أحمر يمكن استخدامه في وجه فرنسا. فقد اعتبرت باريس أن مندلسون يتعامل بسياسة "حفر القبور" بدلا من الدفاع عن سياسة الاتحاد الزراعية. كما اعتبر منتقدو ممثل الاتحاد في المفاوضات مندلسون أنه "قد وضع كل الأوراق على الطاولة ولم يترك للاتحاد مجالا للتفاوض." ويطالب مندلسون الاتحاد الأوروبي باتباع سياسة تعمل على خفض المساعدات الزراعية. وكان المفوض الأوروبي قد رفض الانتقادات الفرنسية لسياسته، واعتبر أن أية محاولة "تكتيكية في مجال المفاوضات" لتقييد عمل اللجنة الوزارية، يمكن أن تؤدي إلى فشل مفاوضات منظمة التجارة العالمية. وكانت الولايات المتحدة، التي خفضت مساعداتها الزراعية إلى 60%، كانت قد رفضت الاقتراح الأوروبي.
اللوبي الزراعي والمخاوف الفرنسية
وكان ريتشارد زينتي، الخبير في منظمة التجارة العالمية، قد قال في جامعة زيوريخ التقنية الاتحادية (ETHZ) إنه "يشك في أن تتحول هذه المقترحات إلى حقائق، إلا أن إمكانية تحقيقها في الدول الصناعية غير ممكنة." واعتبر أيضا أن تخفيض المساعدات الزراعية "لا يؤدي بالضرورة إلى إيجاد علاقات حميمة مع اللوبي الزراعي، الذي له نفوذ كبير في معظم الأحزاب السياسية للدول الصناعية." وأضاف قائلا: "أعتقد أن الفرنسيين هم الوحيدون الذين يفكرون بشكل واقعي، خاصة وأنهم سيكونوا الخاسر الأكبر من هذه المفاوضات نظرا لاعتماد الاقتصاد الفرنسي بدرجة كبيرة على القطاع الزراعي."
رغبة أوروبية في نجاح المؤتمر
واعتبر جيرمي أنترهوبر، من قسم الخدمة الزراعية في الاتحاد الأوروبي أن فرنسا ليست المتضرر الوحيد من هذه المفاوضات، بل أن الاتحاد الأوروبي برمته قد يتضرر من ذلك، وأضاف: "هناك رغبة كبيرة لدى الاتحاد الأوروبي أكثر منها في الولايات المتحدة في نجاح هذه المفاوضات لسببين: الاتحاد الأوروبي عمل جاهدا على إصلاح القطاع الزراعي، ولكن الولايات المتحدة لم تقم بذلك بعد. وفي حال فشل المفاوضات فإنه بإمكان الولايات المتحدة توقيع اتفاقات منفردة مع الكثير من الدول الأخرى، بينما لا يمكن الاتحاد الأوروبي القيام بذلك." ولا زال الضباب يخيم على إمكانية التوصل إلى موقف موحد لدول الاتحاد الأوروبي حسب ما تطالب به منظمة التجارة العالمية. وأشار خبير منظمة التجارة العالمية زينتي إلى أن الفشل سيكون مصير القمة القادمة والتي ستعقد في شهر كانون أول/ديسمبر القادم في هونغ كونغ، كما فشلت من قبل محادثات قمة الدوحة. وأضاف أنه هناك إمكانية لتمديد المفاوضات وتبرير النتائج بعد ذلك، لكن سيكون ذلك في الواقع فشلا جديدا للمحادثات."
زاهي علاوي ـ دويتشه فيله