خطر التقسيم يتهدد إسبانيا
٩ أبريل ٢٠١٤النتيجة كانت معروفة للجميع، فمن الطبيعي أن يرفض غالبية النواب الإسبان (229 صوتا مقابل 47)، في جلسة الثامن من أبريل/ نيسان 2014، مشروع استفتاء حول استقلال منطقة كاتالونيا كانت الحكومة الإقليمية تعتزم إجراءه في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وبهذا أراد البرلمان منع الأحزاب القومية والانفصالية من الحصول على ذلك الدعم الشعبي المؤيد للانفصال، ما سيتسبب في إحراج مدريد وفرض حسابات جديدة داخل البيت الأوروبي.
بيد أن رئيس البرلمان بمنطقة كاتالونيا ارتور ماس، إلى جانب مجموعات ضغط مؤيدة للاستفتاء، أكد أنه مستمر في مخطط الاستفتاء حتى ولو رفض برلمان مدريد ذلك وحتى لو اقتضى الأمر "إعلان الاستقلال من جانب واحد".
البحث عن بدائل شرعية
الآن بات يتحتم على القوى الانفصالية البحث عن بدائل، كما يقول كاي أولاف لانغ من المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن ببرلين، والذي أشار إلى أن القيادات الانفصالية في برشلونة باتت مجبرة الآن على البحث عن بدائل. ويرجح الخبير بأن يقوم البرلمان في برشلونة بعد العطلة الصيفية بالمصادقة على قانون تحت مسمى "Consulta" أي استشارة الشعب، كمظلة قانونية محتملة.
ولا يختلف هذا الإجراء كثيرا عن مفهوم الاستفتاء بمعناه الكلاسيكي. ما يعني أن "استشارة الشعب"، ستصطدم حتما، حسب الخبير الألماني، بالتشريعات القانونية التي ستجعل منها إجراءا غير دستوريا، لكونه مخالف للدستور الإسباني الذي ينص على أن الاستفتاءات الشعبية لا تنظمها إلا الحكومة المركزية في مدريد. وإن جرت الأمور بهذه الطريقة، فلن يتبق أمام قادة كاتالونيا إلا إجراء انتخابات مبكرة، بحسب لانغ.
صراع بتاريخ طويل
الميول الانفصالية لأهل كاتالونيا لها تاريخ طويل في إسبانيا الحديثة، وهو ما بلغ أوجه عام 2012، عندما رفع نحو مليون شخص في برشلونة شعار "كاتالونيا دولة جديدة في أوروبا"، وهم يشكلون سلسلة بشرية بطول 400 كيلومترٍ. الموقف ذاته عبر عنه قادة الأحزاب السياسية في كاتالونيا، بل وجعلوا موضوع الاستفتاء حول مصير الإقليم في صدارة برنامجهم الانتخابي في الانتخابات البرلمانية للإقليم. والأهم من ذلك، موافقة غالبية نواب برلمان برشلونة ودعواتهم للانفصال عن مدريد.
وحسب استطلاع للرأي، أجراه معهد دراسات الرأي في كاتالونيا فإن 49 % من الكاتالونيين المستطلع رأيهم يطالبون بـ"الاستقلال". وعند سؤالهم عن شعورهم لأي جهة ينتمون، رد نصف سكان الإقليم أنهم يشعرون بكونهم كاتالونيين، مقابل 38 % قالوا إنهم يشعرون بأنهم كاتالونيين وإسبان معا. ولاحظ يورغ موس من جامعة مونستر الألمانية في دراسة قام بها، بأن الجيل الثاني للمهاجرين الوافدين على إقليم كاتالونيا من باقي الأقاليم الإسبانية الأخرى، يشعر بأنه كاتالوني ولا شيء غير ذلك".
شبح التقسيم يخيم على أوروبا
من المؤكد أن إقليم كاتالونيا غني جدا واقتصاده مزدهر، مقارنة بأقاليم الجنوب الفقيرة، ما يدفع السكان إلى الشعور بتحملهم أعباء الاقتصاد الإسباني وحدهم. وهم أيضا يساهمون بخمس الدخل القومي في إقليم لا يضم سوى 16% من سكان إسبانيا. كما أن النظام المالي المركزي يتسبب، حسب الجمعية الوطنية الكاتالونية، بنقص سنوي يبلغ تسعة إلى عشرة بالمائة من الدخل الصافي في الخزينة المحلية.
ويبقى أنه وإذا نجح الانفصاليون في مخططاتهم فإن أوروبا ستقف أمام تحديات جمة، فمنطقة جنوب تيرول في إيطاليا أو الفلامنغ في بلجيكا على سبيل المثال تتابع عن كتب ما الذي سيحدث في برشلونة. وهي أيضا أقاليم غنية تدفع بعجلة اقتصاديات الدول التي تنتمي إليها. ومع الأزمة المالية العالمية ازدادت رغبة القوميين في الانفصال، لكن يورغ موس يحذر من أن الدوافع التي تحرك الكثيرين ذات طابع "قومي" وليس اقتصادي.