خبير: ابن سلمان يريد الظهور كقائد قوي في العالم العربي
٢٢ يونيو ٢٠١٧غداة اندلاع الأزمة الخليجية، أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الثلاثاء (السادس من حزيران/يونيو 2017) تأييده للإجراءات التي اتخذتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر وغيرها من الدول ضد دولة قطر، معتبراً أن عزل قطر يشكل "بداية نهاية" الإرهاب. وقال ترامب في تغريدة على موقع "تويتر "إن دول الخليج قالت "إنها ستعتمد نهجا حازما ضد تمويل التطرف وكل الدلائل تشير إلى قطر". وأضاف "قد يكون ذلك بداية نهاية رعب الإرهاب".
لكن البنتاغون أعلن في نفس اليوم أن أزمة الخليج "لم يكن لها تأثير" ولا يتوقع أن يكون لها أي تأثير على العمليات العسكرية الأميركية المنطلقة من قاعدة "العديد" الأميركية، ذات الأهمية للولايات المتحدة.
وفي التاسع من حزيران دعا وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، السعودية ودول خليجية أخرى لتخفيف حصارها على قطر وقال إن الحصار يتسبب في تداعيات إنسانية غير مقصودة ويضر بنشاط الشركات الأمريكية في المنطقة ويؤثر على المعركة التي يقودها الجيش الأميريكي ضد "الدولة الإسلامية". وقال تيلرسون في بيان مقتضب للصحفيين "توقعاتنا أن تقوم تلك الدول على الفور باتخاذ خطوات لوقف تصعيد الموقف وتبذل جهداً صادقاً لحل الخلافات بينها".
والبارحة (21 حزيران/يونيو 2017) لفت تيلرسون إلى استعداده للقيام بدور الوسيط إذا فشلت الاتصالات الإقليمية.
لإلقاء مزيداً من الضوء على "التخبط" أو "سياسة توزيع الأدوار" داخل الإدارة الأميركية حيال الأزمة القطرية، وتأثير صعود محمد بن سلمان على مساراتها ومآلاتها، أجرت DWعربية مقابلة مع الخبير بالشؤون السعودية والخليجية، سيباستيان زونس:
DWعربية: كيف ترى اختلاف وتضارب المواقف والتصرحيات داخل الإدارة الأميركية، سواء الرئيس ترامب والبيت الأبيض أو البنتاغون ووزارة الخارجية، في التعامل مع الأزمة الخليجية؟
سيباستيان زونس: يبدو أنه يسود في الإدارة الأميركية الجديدة مشاكل في تقييم الأزمة القطرية، مما أنتج تناقضات ومشاكل في التنسيق بخصوصها، الأمر الذي يعبر عن نفسه بالتصريحات المتناقضة للرئيس والمسؤولين الآخرين.
هل ذلك مجرد فوضى أم أن ذلك معمول بشكل ممنهج للحصول على أكبر قدر من المكاسب للولايات المتحدة؟
لا يمكني الإجابة على هذا السؤال. غير أن ترامب وخلال زيارته للرياض دعم، وبشدة، المصالح السعودية مما شجع العائلة الحاكمة على اتخاذ إجراءات أكثر قوة ضد قطر. الآن يبدو أنه تبين للمسؤولين الأميركيين أن الأزمة زعزعت استقرار المنطقة أكثر مما هو مزعزع وأنه من مصلحة الولايات المتحدة إيجاد حل دبلوماسي للأزمة. لذا يعتمد الأمر على أن تنتهج الولايات المتحدة خطاً سياسياً موحداً وبناءً للتأثير على السعودية وباقي الأطراف للوصول لحل سياسي. غير ذلك فإن الوضع في المنطقة سيتجه لمزيد من التصعيد والتوتر.
ما أهمية قطر، مقارنة بالسعودية والإمارات العربية المتحدة، بالنسبة للولايات المتحدة؟ وهل يمكن لواشنطن الاستغناء عن قطر؟
قطر مهمة من الناحية الجيوستراتيجية ومن الناحية الاقتصادية للولايات المتحدة، وخصوصاً أن قاعدة العديد الجوية في قطر ذات أهمية حاسمة للوجود العسكري الأميركي في الخليج. غير أن السعودية هي الحليف الأكثر أهمية لأميركا تاريخياً وعسكرياً واقتصادياً. وقد عبر ترامب عن ذلك بشكل جلي خلال زيارته للرياض.
مع تولي محمد بن سلمان ولاية العهد، هل تتجه الأزمة لمزيد من التصعيد أم للتهدئة؟
أعتقد أنه يمكن أن تستمر سياسة المواجهة، التي تنتهجها السياسة الخارجية السعودية منذ عامين وخصوصاً في اليمن وحيال إيران والآن حيال قطر. أظهر الملك المستقبلي، محمد بن سلمان، مراراً وتكراراً عدم تسامحه مع خصومه السياسيين، وذلك لكي يظهر نفسه بمظهر القوي ويرسم صورة له في داخل السعودية وفي العالم العربي كقائد قوي. على أي حال آمل أن يستغل موقعه لإعادة إحياء السياسة السعودية التقليدية، التي كانت تقوم على السعي للوصول لحلول دبلوماسية خلف الكواليس وأن يكون كعامل تهدئة لا تصعيد في الأزمة القطرية. ولكن أرى مؤشرات قليلة فقط على ذلك في الوقت الحاضر.
هل الولايات المتحدة جزء من المشكلة أم أنها جزء من الحل؟
الأمران معاً. فمن ناحية يمكن للولايات المتحدة أن تمارس نفوذاً بناءً على أطراف النزاع في الشرقين الأدنى والأوسط، وخاصة على السعودية. ومن ناحية أخرى، ساهمت السياسات الأميركية الهدامة في العراق وسوريا في السنوات الماضية في تصعيد الوضع في المنطقة بشكل دراماتيكي. وفي ظل إدارة ترامب تعمق الانقسام في المنطقة، وأدت مواقفه المؤيدة للسعودية إلى تزايد التوتر مع إيران، ما يجعل التقارب الحذر بين السعودية وإيران بعيد المنال.
سيباستيان زونس: باحث ألماني في "الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية" في برلين. تتركز أبحاثة على السعودية، ومنها التطور الاجتماعي والسياسة الخارجية للمملكة. ويتناول كذلك في أبحاثة مواضيع الجهادية الإسلاموية وقضايا العمالة المهاجرة من جنوب شرق أسيا إلى الدول الخليجية. درس زونس العلوم الإسلامية والتاريخ الحديث والعلوم السياسية في ألمانيا، وتعلم اللغة العربية في دمشق.
أجرى المقابلة: خ. س (ع.ج.م)