خبراء يدعون لدعم برامج إدماج المرأة في التعليم وسوق العمل المغاربية
٢٢ أبريل ٢٠٠٩ناقش خبراء أوروبيون مغاربيون أوضاع المرأة المغاربية وفرص ولوجها في نظم التعليم وسوق العمل، وذلك في ندوة عقدتها المؤسسة الألمانية للتعاون التقني والفني GTZ بالتعاون مع مؤسسة الثقافات الثلاث بإشبيلية، واختتمت أعمالها نهاية الأسبوع الماضي.
وعرضت الدكتورة سعاد التريكي الباحثة الاجتماعية في جامعة تونس، نتائج دراسة للبنك الدولي أظهرت انه رغم ما تحقق من خطوات في مجال مكافحة الامية ببلدان المغرب العربي منذ استقلالها، ما تزال الآن في بلد كالمغرب حظوظ الذكور في التعليم تفوق عشر مرات حظوظ الفتيات، وفي الجزائر يقابل ولوج فتاتين للتعليم ولوج ثلاثة أولاد، وهو ما يفسر ارتفاع نسبة الأمية في صفوف النساء قياسا على الرجال.
"المدرسة سجن والأساتذة حراسها"
تساهم عوامل عديدة في ضعف إندماج الفتيات في النظم التعليمية بالمنطقة، ومن أهم تلك العوامل تفشي التمييز بين الجنسين، وخصوصا في الأرياف حيث تشكل نسبة النساء غير المتعلمات ضعف نسبة نظيراتهن في المدن. ومن خلال دراسات ميدانية أنجزها مركز المرأة العربية للبحوث والتدريب وهو هيئة غير حكومية مقرها تونس ، فإن مضمون التربية الأسرية وبرامج التعليم المعتمدة في بلدان المغرب تكرس عدم المساواة بين الجنسين وتساهم بذلك في إنتاج وإعادة إنتاج واقع عدم اندماج الفتيات في أنظمة التعليم والعمل.
وكشفت الدكتورة سكينة بوراوي رئيسة مركز المرأة العربية للبحوث والتدريب في لقاء مع موقعنا أن دراسة انجزت حول نظرة المراهقين في ست دول عربية ( مصر والاردن والبحرين والمغرب والجزائر وتونس) للمدرسة والأسرة والمحيط الاجتماعي، أظهرت ان 75 في المائة منهم يرغبون في الهجرة الى أوروبا أو أميركا، وأنهم يشعرون بأنهم يوجدون في واقع لا يلبي طموحاتهم في حياة أفضل. إذ تعتقد نسبة عالية من الفتيات أنهن لم يخترن بإرادتهن التكوين الدراسي الملائم لمستقبلهن بل الأسرة هي من قامت بذلك، وأن هذه المسألة تشكل نقطة خلاف تؤدي إلى صدامات متكرر بين الفتيات وأسرهن. كما تظهر الدراسة أن أغلبية الشبان وخصوصا الفتيات يعتبرون "المدرسة سجنا والأساتذة حراسها".
البحث عن الحرية يدفع المغاربيات للهجرة
تظهر الدراسات ان الفتيات المغاربيات أصبحن يرغبن بشكل متزايد في الهجرة حتى بطرق غير شرعية، فمثلا تشكل النساء نسبة 43 في المائة من المهاجرين التونسيين الى أوروبا. وفضلا عن بحث الفتيات المغاربيات بشكل متزايد عن فرص العمل في الخارج، تلاحظ سوزان لوسي باور الخبيرة الألمانية في ميدان التنمية والعوامل الثقافية، بأن تحسن درجات تعلم المرأة ووعيها في بلدان المغرب العربي، يساهم في تغذية بحثها عن مجالات جديدة لممارسة مسؤوليتها الاجتماعية وحريتها، ولذلك تدعو الخبيرة الألمانية للنظر إيجابيا لهجرة المرأة بكونها تعبير عن سعي لتوسيع مجال حريتها.
وهي نظرة تؤيدها الخبيرة الاسبانية ماريا خوسي مورينو منسقة برنامج مغربي أوروبي لدعم الاندماج الاجتماعي والاقتصادي، تنفذه المؤسسة الألمانية للتعاون التقني والفني GTZ وأكدت إن الاصلاحات في قانون المرأة في المغرب وتحسن معدلات التعليم في صفوف النساء يساهم في تزايد أدوارهن ومسؤولياتهن الاجتماعية والأسرية، وتحقيق إستقلالهن المالي والإجتماعي.
التوفيق بين الحداثة والتقاليد لتشجيع اندماج المرأة
تتفق الخبيرتان الاسبانية مورينو والتونسية سكينة بوراوي على ان إدماج الفتيات في نظام التعليم والتكوين يعد خطوة أساسية لتمكين المرأة من ولوج سوق العمل وتحسين موقعها في مراكز القرار السياسي والاقتصادي، كما تتفقان على أن الدولة ليست وحدها مسؤولة بل يتعين مشاركة المجتمع المدني والأسرة ووسائل الاعلام. وتلاحظ مورينو مثلا ان ضعف دور الإعلام وتدني مستويات التعليم أو انعدامه في عدد من الأرياف والمناطق النائية في المغرب حيث تتفشى قيم تقليدية لا تشجع حرية المرأة ومساواتها مع الرجل ، تساهم هذه العناصر مجتمعة في عدم تمتع النساء بحقوقهن التي ينص عليها قانون المرأة الجديد.
بيد ان الخبيرة الألمانية سوزان لوسي باور تعتقد انه يتعين توخي الحذر في التعامل مع التقاليد كي لا يؤدي ذلك الى اصطدام بين هيئات المجتمع المدني وفئات اجتماعية واسعة في المدن والأرياف، وتدعو الخبيرة الألمانية المؤسسات الأوروبية العاملة في ميادين تشجيع اندماج المرأة بشكل خاص ل"اليقظة والحذر كي لا يُنظر لها السكان المحليون على أنها تقوم بإملاء قيم وأفكار معينة على المجتمع الاسلامي".
وتقترح الخبيرة الألمانية إعتماد منهجية توفق بين التقاليد وقيم الحداثة، مثلا من خلال تشجيع الجانب العملي لممارسة حرية المرأة واندماجها الاجتماعي والاقتصادي، والاعتماد على وسائل الاعلام الحديثة مثل البرامج التلفزيوينة والانترنيت لتقديم نماذج نسائية ناجحة في ميادين التكوين والعمل.
منصف السليمي - اشبيلية
تحرير: هيثم عبد العظيم