حياد مهام الجيش الألماني في الخارج على المحك
١٦ مايو ٢٠١٩لايبدو هانس بيتر بارتلس للوهلة الأولى شخصا يفقد توازنه بسرعة. فالرجل البالغ من العمر 56 عاما هو منذ 2014 مندوب الجيش الألماني. وقبل أيام كان هذا السياسي من الحزب الاشتراكي الديمقراطي غاضبا وعبّر عن امتعاضه أمام الرأي العام. ففي مقابلة مع صحيفة "بيلد" الشعبية عبّر عن الخشية من تورط القوات الخاصة للجيش الألماني المرابطة منذ عام في النيجر في عمليات قتالية.
ويشكل الجنود الألمان المرابطون منذ أيار/ مايو من العام الماضي في النيجر في إطار "مهمة غزالة" وحدة من القوات النيجرية الخاصة. وفي هذه الأثناء أنهى 280 جندياً من البلد الإفريقي المرحلة الأولى من التدريب. والمشكلة من وجهة نظر بارتلس تتمثل في أنّ جميع الجنود الآخرين المرابطين في النيجر هم "جزء من تفويض، وفقط القوات الخاصة لم تُرسل من قبل البرلمان الألماني البوندستاغ".
نقاش حول الموافقة البرلمانية
ويستشهد بارتلس بما يُسمى قانون المشاركة البرلمانية. وبموجبه يكون أي تدخل مسلح لجنود ألمان في صراع مسلح بحاجة إلى تفويض من البرلمان.
ومن وجهة نظر وزارة الدفاع هذا بالتحديد ما لن يحصل. فإلى جانب المهمة في النيجر هناك ثلاث مهام إضافية مشابهة للجيش الألماني: في تونس حيث يوجد برنامج لقوات خاصة يشمل تكوين الكلاب المدربة. وهناك مهمة إضافية في الأردن تدور حول عمليات الهبوط الجوي ولاسيما جوانب فنية لتجهيزات المظليين. كما يتم تدريب وحدة شريكة أخرى في الكاميرون.
موافقة البرلمان على كل تحليق لجنود ألمان؟
واعتمادا على هذه المهام تركز وزارة الدفاع الألمانية على أن الجنود الألمان ليسوا مقحمين في عمليات قتالية وليس من المتوقع أن يحصل ذلك، وبالتالي ليس هناك حاجة إلى تفويض من البرلمان. لكن توماس فيغولد يرى من زاوية مختلفة القضية بشكل آخر. فهذا الصحفي يهتم منذ أكثر من 25 عاما بموضوعات سياسة الأمن والدفاع والجيش.
وأمام DW عبّر عن الموقف القائل بالقول إن الحكومة الألمانية ووزارة الدفاع تريدان "الحفاظ على أكبر قدر من الصلاحية في اتخاذ القرار". ولا يمكن القول بأن الحكومة الألمانية مجبرة مبدئيا، عند كل مهمة خارجية لجنود ألمان، على الإتيان بموافقة من البرلمان.
مساندة لبارتلس من المعارضة
أما المعارضة داخل البرلمان الألماني، فتنظر إلى الأمر بشكل مختلف. فإلى جانب سياسيين من الخضر والحزب الليبرالي حصل مندوب الجيش بارتلس على دعم من سفيم داغديلين. فنائبة رئيسة الكتلة لحزب اليسار انتقدت إرسال جنود ألمان دون موافقة برلمانية، معتبرة إياها "مخالفة للقانون"، وأضافت أنه لا يمكن التفاهم على تنفيذ تدخلات عسكرية في الخارج "في إطار جلسات سرية". وتطالب داغديلين بالتالي الحكومة الألمانية بأن تعرض "فورا على البرلمانيين تفويضا لإرسال قوات خاصة ألمانية للتصويت عليه".
وقلق المنتقدين يستند أيضا إلى الوضع الصعب في النيجر. فهذا البلد الإفريقي يأتي في المرتبة الأخيرة في مؤشر التطور للأمم المتحدة، وبه أكبر نسبة ولادات في العالم، وفترات الجفاف المتكررة تهدد الأمن الغذائي. وحتى طرق الهجرة نحو أوروبا تمر من هناك. فاللاجئون يحاولون عبر النيجر العبور من ليبيا والجزائر للوصول إلى أوروبا. كما أن مجموعات إرهابية تهدد التكافل الاجتماعي للبلد الذي يعدّ سكانه 21 مليون نسمة.
عنف مستمر في النيجر
وتحصل باستمرار مواجهات عنيفة في هذا البلد، ففي خريف هذه السنة تظاهر مئات الأشخاص ضد وجود وحدات أجنبية في البلاد. وذلك يستهدف أيضا الجنود الألمان. وخبير شؤون الجيش توماس فيغولد لا يرى في هذه المظاهرات ذريعة لطلب الحصول على موافقة ضرورية من البرلمان. وفيما يخص الجانب القانوني يكون قرار الحكومة الألمانية مبنياً على أساس متين، كما يقول فيغولد. لكن السؤال يطرح نفسه: "هل من الذكاء السياسي إرسال جنود إلى مناطق الأزمات هذه دون سند البرلمان؟"، كثير من المراقبين السياسيين في برلين، سيجيبون عن هذا السؤال بوضوح"لا".
دانييل هاينريش/ م.أ.م