حوار مع وزير الخارجية اليمني حول قضايا الاختطاف وتداعياتها على اليمن
انشغلت وسائل الاعلام قبل أسابيع قليلة بنقل تفاصيل وتطورات حادثة اختطاف العائلة الألمانية، ثم تلتها حادثة اختطاف أخرى طالت مجموعة من السائحين الإيطاليين، ناهيك عن الحوادث في السنوات السابقة. وبالرغم من تكرار عمليات الخطف وتعامل الحكومات الغربية معها بجدية وبحزم، إلا انه ينظر إليها بمنظار مختلف عن تلك العمليات التي تحدث في العراق والجزائر مثلاً. فأغلب الحالات تنتهي بعد فترة قصيرة من وقوعها، حيث تتمكن الحكومة اليمنية غالبا عبر وجوه العشائر النافذين في اليمن من التعرف على هوية الخاطفين و تحديد مطالبهم، الأمر الذي يجعل أغلب عمليات الاختطاف تمر بدون أية خسائر في الأرواح. إلا أننا يجب أن لا ننسى ان أحد حوادث الاختطاف في اليمن كانت دموية في أواخر عام 1998 عندما تم اختطاف مجموعة من السياح الغربيين وقتل ثلاثة منهم. وأمام تكرار حوادث الاختطاف، التي من الممكن أن تشكل عقبة أما النمو الاقتصادي في اليمن وما لها من تبعات على النشاط السياحي فيه باعتبار السياحة أحد أهم مصادر الدخل للبلد، أخذت الحكومة اليمنية تدرس وضع القوانين والإجراءات الكفيلة بالحد منها، فتم عام 1998 إصدار قانون ينزل عقوبة الإعدام بمن يثبت قيامهم بمحاولة اختطاف.
إشكالية الاختطاف وتبعاتها على الاقتصاد اليمني
يعد قطاع السياحة من القطاعات الاقتصادية المهمة في اليمن، حيث يتوافد الكثير من السياح الغربيين لزيارة الآثار المتبقية التي تشهد على ازدهار حضارات اليمن القديمة. وبما إن أغلب الرهائن المختطفين هم من الأجانب الذين يقصدون اليمن إما لزيارة مناطقها الأثرية العريقة او للعمل مع منظمات دولية وغربية في مجال التنمية، فأن عمليات الخطف سوف تحد من قدوم الاجانب مما يؤثر سلبا على الاقتصاد اليمني. إن هذه المشكلة أخذت تقض مضاجع الحكومة اليمنية، حتى أنها طغت على خطاب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بمناسبة عيد الأضحى، إذ قال إنه سيتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية الرادعة بحق الضالعين في عمليات خطف الأجانب والتعامل معهم بحزم وقوة.
عن هذه الشأن قال وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي في حوار مع اذاعة دويتشه فيله مؤخراً إن حوادث الاختطاف "تعيق جهود الحكومة في تحقيق التنمية وجلب الاستثمار لليمن" ويضيف الوزير قائلاً: "أنها تعيق الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة من اجل تسويق السياحة في اليمن باعتباره بلد سياحي من الدرجة الأولى." لذلك يرى الوزير أن إصدار هذا القانون يعد خطوة مهمة لأنه كفيل بالحد من هذه الظاهرة التي "تضر بسمعة اليمن أولا وباقتصاده ثانياً". وفي رده على سؤال الاذاعة عن إمكانية حدوث ردة فعل عكسية لهذا القرار، أجاب الوزير بأن القرار ليس بالجديد بل صدر قبل سبع سنوات تقريباً وهو يجرم مرتكبي عملية الاختطاف، لأنها جريمة تهدد حياة الناس سواء كانوا يمنيين أم أجانب على حد سواء. وأن القرار يعبر عن رغبة الحكومة الجادة في تعاملها بصرامة مع هذه الحالات.
أسباب مختلفة
تختلف أسباب اختطاف الأجانب في اليمن. فالقبائل القاطنة في الاماكن التي تضعف فيها سلطة الدولة بدأت تعمد إلى هذا الأسلوب من اجل إثارة الاهتمام حول قضايا تجدها مصيرية بالنسبة لها كبناء مدرسة أو مستشفى. كما أن النزاعات القبلية في تلك المناطق تلعب دوراً ما في حدوث مثل تلك الحوادث، إذ تعمد هذه القبائل إلى اختطاف الأجانب من أجل إطلاق سراح أفراد من قبيلتهم سجنوا لاتهامهم بجرائم مختلفة. والسبب الأخير كان الدافع وراء اختطاف الوكيل السابق في ووزارة الخارجية الألمانية كروبورغ وعائلته أثناء احتجازهم في كانون الثاني/ ديسمبر الماضي لدى احدى قبائل اليمن في منطقة شبوة. وهذا ما أكده كروبورغ نفسه بعد إطلاق سراحه قائلاً "لم تكن لدى خاطفينا أية دوافع سياسية مما جعلنا نطمئن"، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف كروبورغ قائلاً: "كان واضحاً إنها ليست مسألة إرهابية أو عقائدية أو دينية بل نزاع قبلي."
الألمان قرروا البقاء
تابع الرأي العام الألماني باهتمام تفاصيل حادثة اختطاف العائلة الألمانية كروبوغ. ولكن الألمان العاملون في مجال التعاون والتنمية في اليمن قرروا البقاء في اليمن رغم تفشي هذه الظاهرة. عن هذا يقول الوزير اليمني إن هذا الموقف ليس بالجديد، فقد كانت هناك مواقف مشابهة من أمريكيين وبريطانيين عاملين في اليمن قرروا البقاء "لأنهم يشعرون أن حالات الاختطاف التي حصلت هي حالات فردية ولا تعكس حقيقة درجة الأمان والاستقرار في اليمن." كما أكد الوزير على أن اليمن يضع امن الرعايا الأجانب على جدول أولوياته والحكومة تحرص على توفير الحماية لهم، بالشكل الذي يتناسب مع المعلومات التي تحصل عليها أجهزة الأمن اليمنية.
علاقة نموذجية
أما عن العلاقات التي تربط اليمن بألمانيا وتأثرها بحالات الاختطاف تلك يرى الوزير اليمني أن علاقات بلاه بألمانيا علاقات "نموذجية وتاريخية"، فألمانيا تعد من اكبر الدول المانحة لليمن في مجال التنمية والخدمات والتعليم. وأن الحركة التنموية في اليمن تعتمد كثيراً على هذا الدعم. وأكد على سعي اليمن من أجل "تطوير هذه العلاقات."